الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا القسم لا يدخل النسخ في مدلوله، إلا أن يكون خبرا لفظا، إنشاءً معنى، وهو الذي بمعنى الأمر والنهي، فتكون الجملة خبرية لفظاً إنشائية معنى (1).
ومن هنا يعلم أن النسخ لا يكون إلا في الأوامر والنواهي سواءً كانت صريحة في الطلب، أو كانت بلفظ الخبر الذي بمعنى الأمر والنهي، على أن يكون ذلك غير متعلق بالاعتقادات التي ترجع إلى ذات الله تعالى وصفاته وكتبه ورسله واليوم الآخر أو الآداب الخلقية ، أو أصول العبادات والمعاملات (2).
وهذه القاعدة تبدو واضحة في تفسير ابن عاشور، حيث نجده في معرض تفسيره لبعض الآيات يرد على من يقول أنها منسوخة، ومن ذلك قوله:" وبهذا يعلم أن لا وجه لدعوى كون هذه الآية منسوخة، إذ لا استقامة في دعوى نسخ الخبر"(3).
أقوال العلماء في القاعدة:
قال الرازي في معرض تفسيره لقوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4) " إن نسخ
(1) قواعد التفسير / خالد السبت، ج 2، ص 730 - 731.
(2)
مباحث في علوم القرآن / مناع القطان، ص 239.
(3)
التحرير والتنوير، ج 1، ص 539، وسيأتي تفصيل هذا المثال في الأمثلة الآتية.
(4)
سورة البقرة، الآية (284).
الخبر لا يجوز إنما الجائز هو نسخ الأوامر والنواهي " (1).
وقال ابن جزي في التسهيل: " وأما النسخ فهو يتعلق بالأحكام لأنها محل النسخ إذ لا تنسخ الأخبار ولا بد من معرفة ما وقع في القرآن من الناسخ والمنسوخ "(2).
وذكر القرطبي في تفسيره أن الجمهور اتفقوا على أن النسخ إنما هو مختص بالأوامر والنواهي، والخبر لا يدخله النسخ لاستحالة الكذب على الله تعالى (3).
وقال السيوطي في الإتقان: " لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد، وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل في كتب النسخ كثيراً من آيات الإخبار والوعد والوعيد"(4).
كما أكد الزرقاني هذا المعنى فقال: " إن النسخ لا يكون إلا في الأحكام وذلك موضع اتفاق بين القائلين بالنسخ، لكن في خصوص ما كان من فروع العبادات والمعاملات، أما غير هذه الفروع من العقائد وأمهات الأخلاق ، وأصول العبادات والمعاملات ومدلولات الأخبار المحضة فلا نسخ فيها على الرأي السديد الذي عليه جمهور العلماء؛ لأن نسخها يؤدي إلى كذب الشارع في أحد خبريه الناسخ والمنسوخ ، أما العقائد فلأنها حقائق صحيحة ثابتة لا
(1) التفسير الكبير / الرازي، ج 3، ص 102.
(2)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي، ج 1، ص 17.
(3)
انظر الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج 2، ص 70.
(4)
الإتقان في علوم القرآن / السيوطي، ج 2، ص 45.