الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
القول الذي تؤيده الآيات القرآنية مقدم على غيره
صورة القاعدة:
إذا تنازع العلماء في تفسير آية من كتاب الله، وكان أحد الأقوال تؤيده آية أو آيات أخرى من كتاب الله، فهو أولى الأقوال بحمل الآية عليه، لأن تقوية القرآن له يدل على صحته واستقامته، وكونه أقرب الطرق في تفسير كلام الله تعالى إلى الصدق والصواب (1).
وقد اعتنى ابن عاشور بهذه القاعدة، وهو إن لم ينصّ عليها إلا أنه عمل بها، وكان له منهجه فيها من حيث عنايته بتوضيح المعنى بمعنى آخر من آية أخرى توضحه، أو بالأحرى شرح معاني المفردات القرآنية، لفظة بلفظة، وكذلك تفسير مجمل الآية بآية أخرى من باب حمل المطلق على المقيد.
أقوال العلماء في القاعدة:
قال العز بن عبد السلام وهو يبيّن ضروب التفسير والترجيح بينها: " قد يتردد-المعنى- بين محامل كثيرة يتساوى بعضها مع بعض، ويترجح بعضها على بعض، وأولى الأقوال ما دل عليه الكتاب في موضع آخر، أو السنة، أو إجماع الأمة "(2).
(1) انظر الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز / العز بن عبد السلام، ص 220.
(2)
المصدر السابق، ص 220.
وقررّ شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في "أصول التفسير" أن أصح طرق التفسير هي تفسير القرآن بالقرآن، وبيّن أن ما أجمل في مكان قد يفسّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان قد يبسط في موضع آخر (1).
كما نصّ ابن جزيّ الكلبي على هذه القاعدة وعلى أنها وجه من أوجه الترجيح عنده، فقال:" وأما وجوه الترجيح فهي اثنا عشر، الأول: تفسير بعض القرآن ببعض فإذا دلّ موضع من القرآن على المراد بموضع آخر حملناه عليه، ورجحنا القول بذلك على غيره من الأقوال "(2).
واهتم ابن كثير بتفسير القرآن بالقرآن، ورجَّح بين الأقوال بما تقضي به هذه القاعدة، والناظر في تفسيره يجد ذلك واضحاً جلياً (3).
ومن أشهر المفسرين الذين اعتنوا بتفسير القرآن بالقرآن وطبقوا ذلك عملياً في تفسيرهم: العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن "، والذي حدد مقاصده من تأليفه في مقدمته فقال:" أولها: بيان القرآن بالقرآن لإجماع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب الله بكتاب الله، إذ لا أحد أعلم بمعنى كلام الله جل وعلا من الله جل وعلا "(4).
(1) انظر مقدمة في أصول التفسير / شيخ الإسلام ابن تيمية، ص 82.
(2)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الكلبي، ج 1، ص 9.
(3)
انظر تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج 8، ص 255.
(4)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن / الشنقيطي، ص 6.