الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِسنادين في كتاب الاعتصام، وقد مرّ محمد بن بكر في تعليق بعد التاسع من مواقيت الصلاة، ومرّ ابن جريج في الثالث من الحيض. أ. هـ.
الحديث الرابع والأربعون
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ، فَجِئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ:"بِمَا أَهْلَلْتَ؟ ". قُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ؟ ". قُلْتُ: لَا. فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي، فَقَدِمَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.
قوله: "بعثني النبي-صلى الله عليه وسلم إلى قومي باليمن" كان سبب بعثه ما أخرجه البخاري في استتابة المرتدين عنه، قال: أقبلت ومعي رجلان من الأشعريين، وكلاهما سأل أن يستعمله، فقال: لن نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى ثم أتبعه معاذًا، وكان وقت بعثه إلى اليمن بعد الرجوع من غزوة تبوك لأنه شهدها مع النبي-صلى الله عليه وسلم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محله.
وقوله: "وهو بالبطحاء" زاد شعبة في روايته الآتية متى يحل المعتمر: منيخ، أي: نازل بها، وكان ذلك في ابتداء قدومه.
وقوله: "بما أهللت" في رواية شعبة فقال: أحججت، قلت: نعم، قال: بما أهللت.
وقوله: "قلت أهللت" في رواية شعبة قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أحسنت، وقوله:"فأمرني فطفت"، في رواية شعبة: طف بالبيت بالبيت وبالصفا والمروة.
وقوله: "فأتيت امرأة من قومي" في رواية شعبة: امرأة من قيس، والمتبادر إلى الذهن من هذا الإِطلاق أنها من قيس عيلان، وليس بينهم وبين الأشعريين نسبة، لكن في رواية أيوب بن عائذ: امرأة من نساء بني قيس، وظهر من ذلك أن المراد بقيس قيس بن سليم والد أبي موسى الأشعري، وأن المرأة زوج بعض إخوته، وكان لأبي موسى من الإِخوة: أبو رهم، وأبو بردة، قيل: ومحمد، قلت: ما فعلته المرأة لأبي موسى لا يصح إلا إذا كانت محرمًا له.
وقوله: "أو غسلت رأسي" كذا فيه بالشك، وأخرجه مسلم عن سفيان بلفظ: وغسلت
رأسي، بواو العطف.
وقوله: "فقوم عمر" ظاهر سياقه أن قدوم عمر كان في تلك الحجة وليس كذلك بل البخاري اختصره، وقد أخرجه مسلم، عن عبد الرحمن في مهدي أيضًا بعد قوله:"وغسلت رأسي" فكنت أُفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر، وإمارة عمر، فإني لقائم بالموسم إذ جاء رجل فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك، فذكر القصة، وفيه: فلما قدم قلت: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك، فذكر جوابه، وقد اختصره المصنف أيضًا عن شعبة، ولكنه أبين من هذا ولفظه: فكنت أفتي به حتى كانت خلافة عمر، فقال: إن أخذنا
…
الحديث، ولمسلم أيضًا عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، وفي هذه الرواية تبيين عمر العلة التي لأجلها كره التمتع وهي قوله: قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بالنساء، ثم يروحوا في الحج تقطر رؤوسهم، وكان من رأي عمر عدم الترفه في الحج بكل طريق، فكره لهم قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر الميل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده به، ومن يفطم ينفطم، وقد أخرج مسلم عن جابر أن عمر قال: افصلوا حجكم عن عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم، وفي رواية: إن الله يحل لرسوله ما شاء، فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله.
وقوله: "إن نأخذ بكتاب الله" الخ، محصل جواب عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة أنَّ كتاب الله دالٌّ على منع التحلل لأمره بالإِتمام، فيقتضي استمرار الإِحرام إلى فراغ الحج، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دالَّةٌ على ذلك لأنه لم يحل حتى بلغ الهدي محلّه، لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو صلى الله عليه وسلم حيث قال:"ولولا أن معي الهدي لأحللت" فدلَّ على جواز الإِحلال لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء عن عمر في ذلك أنه منع منه سدًّا للذريعة، وقال المازري: قيل: إن المتعة التي نهى عنها عمر فسخ الحج إلى العمرة، وقيل: العمرة في أشهر الحج، ثم الحج من عامه، وعلى الثاني إنما نهى عنها ترغيبًا في الإِفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها، وقال عياض: الظاهر أنه نهى عن الفسخ، ولهذا كان يضرب الناس عليهما كما رواه مسلم بناء على معتقده أن الفسخ كان خاصًا بتلك السنة، قال النووي: والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج، ثم الحج من عامه، وهو على التنزيه للترغيب في الإِفراد كما يظهر من كلامه، ثم انعقد الإِجماع على جواز التمتع من غير كراهة، ونفى الاختلاف في الأفضل كما