الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويقدم إذا غاب القمر
وقوله: "ضعفة" الضَّعفة بفتح العين: جمع ضعيف من النساء والصبيان والمشائخ العاجزين، وأصحاب الأمراض خوف الزحام عليهم.
وقوله: "بليل"، أي: في ليل من منزله بجمع.
وقوله: "ويقدم" بفتح القاف وكسر الدال على البناء للفاعل، والفاعل ضمير راجع إلى لفظ من، وبفتح الدال على البناء للمجهول، والنائب الضمير الراجع إلى الضعفة.
وقوله: "إذا غاب القمر" بيان للمراد من قوله: "بليل" ومغيب القمر تلك الليلة يقع عند أوائل الثلث الأخير، ومن ثم قيده الشافعي ومن تبعه بالنصف الثاني، قال صاحب "المغني": لا نعلم خلافًا في جواز تقديم الضعفة بليل من جمع إلى منى.
الحديث السادس والخمسون والمائة
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: "قال سالم"، في رواية مسلم عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله أخبره.
وقوله: "المشعر" بفتح الميم والعين، وحكى الجوهري كسر الميم، وقيل إنه لغة أكثر العرب، وقال ابن قرقول: كسر الميم لغة لا رواية، وقال ابن قتيبة: لم يقرأ بها في الشواذ، وقيل: بل قرئ بها، حكاه الهذلي، ويسمى المشعر؛ لأنه معلم للعبادة، والحرام لأنه من الحرام أو لحرمته.
وقوله: "ما بدا لهم" بغير همز، أي: ظهر لهم وأشعر ذلك بأنه لا توقيت لهم فيه.
وقوله: "ثم يرجعون" في رواية مسلم: ثم يدفعون، وهو أوضح، ومعنى الأول أنهم يرجعون عن الوقوف إلى الدفع، ثم يقدمون منى على ما فصل في الخبر.
وقوله: "لصلاة الفجر"، أي: عند صلاة الفجر.
وقوله: "وكان ابن عمر يقول أرخص في أولئك" الخ، كذا وقع فيه أرخص، وفي بعض الروايات رخص بالتشديد، وهو أظهر من حيث المعنى لأنه من الترخيص لا من الرخص، واحتج به ابن المنذر لقول من أوجب المبيت بمزدلفة على غير الضعفة لأن حكم من لم يرخص له ليس كحكم من رخص له، قال. ومن زعم أنهما سواء لزمه أن يجيز المبيت في غير منى لسائر الناس لكونه عليه الصلاة والسلام أرخص لأصحاب السقاية وللرعاء أن لا يبيتوا بمنى، قال: فإن قال لا تعدوا بالرخص مواضعها فليستعمل ذلك هنا، ولا يأذن لأحد أن يتقدم من جمع إلا من رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف السلف في هذه المسألة، فقال علقمة والنخعي والشعبي: من ترك المبيت بمزدلفة فإنه الحج، وقال عطاء والزهري وقتادة والشافعي والكوفيون وإسحاق: عليه دم، قالوا: ومن بات بها لم يجز له الدفع قبل النصف، وقال مالك: إن مرَّ بها لم ينزل فعليه دم، وإن نزل فلا دم عليه متى دفع وصحح الرافعي من الشافعية هذا المذهب، وقال النووي: يجب المبيت بمزدلفة على غير المعذور، ويحصل المبيت بها بحضورها لحظة في النصف الثاني كالوقوف بعرفة، نصّ عليه في "الأم" وبه قطع جمهور العراقيين وأكثر الخراسانيين، وقيل: يشترط معظم الليل، كما لو حلف لا يبيت بموضع فإنه لا يحنث إلا بمعظم الليل، وهذا صححه الرافعي، واستشكله من جهة أنهم لا يصلونها حتى يمضي ربع الليل مع جواز الدفع بعد نصف الليل.
وقال أبو حنيفة بوجوب المبيت أيضًا، ووقّت الوقوف بالمشعر بعد طلوع القجر إلى أن يسفر جدًا، قال العيني: عند أصحابنا الحنفية لو ترك الوقوف بها بعد الصبح من غير عذر فعليه دم، وإن كان لعذر الزحام فتعجل السير إلى منى فلا شيء عليه، وقال القسطلاني: المعروف أن المشعر موضع خاص بالمزدلفة، ويحصل أصل السنة بالمرور، وإن لم يقف كما في عرفة، نقله في "الكفاية" عن القاضي، وأقره، وقال النووي وابن الصلاح: المشعر جبل صغير بآخر المزدلفة، يقال له قُزح بضم القاف وفتح الزاي ثم حاء مهملة، وهو منها لأنها ما بين حازمي عرفة ووادي محسر، وقد استبدل الناس الوقوف به علي بناء محدث هناك