الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من ساق البدن معه
أي: من الحل إلى الحرم قال المهلب: أشار المصنف إلى أن يعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم فإن اشتراه من الحرم خرج به إذا حج إلى عرفة وهو مالك قال: فإن لم يفعل فعليه البدل وهو قول الليث وقال الجمهور: إن وقف به بعرفة فحسن وإلا فلابدل عليه وقال أبو حنيفة: ليس بسنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ساق الهدي من الحل، لأن مسكنه كان خارج الحرم وهذا كله في الإبل، وأما البقر فقد يضعف عن ذلك، والغنم أضعف ومن ثم قال مالك: لا تساق إلا من عرفة أو ما قرب منها؛ لأنها تضعف عن قطع طول المسافة.
الحديث السبعون والمائة
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ). فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْىَ مِنَ النَّاسِ. وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: عن عقيل في رواية مسلم حدَّثني عقيل وقوله: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج قال المهلب: معناه أمر بذلك كما تقول رجم ولم يرجم لأنه كان ينكر على أنس قوله إن قرن ويقول: بل كان مفردًا، وأما قوله وبدأ فأهل بعمرة فمعناه أمرهم بالتمتع وهو أن يهلوا بالعمرة أولًا ويقدموها قبل الحج. قال: ولابد من هذا التأويل لدفع التناقض عن ابن عمر ولم يتعين هذا التأويل المتعسف، وقد قال ابن المنير إن حمل قوله تمتع على معنى أمر من أبعد التأويلات والاستشهاد عليه بقوله رجم، وإنما أمر بالرجم من أوهن الاستشهادات؛ لأن الرجم من وظيفة الإِمام، والذي يتولاه إنما يتولاه نيابة عنه.
وأما عمل الحج من إفراد وقران وتمتع فإنه وظيفة كل أحد عن نفسه ثم أجاز تأويلًا آخر وهو أن الراوي عهد أن الناس لا يفعلون إلا كفعله لاسيما مع قوله خذوا عني مناسككم، فلما تحقق أن الناس تمتعوا ظنَّ أنه عليه الصلاة والسلام تمتع فأطلق ذلك ولم يتعين هذا أيضًا، بل يحتمل أن يكون معنى قوله تمتع محمولًا على مدلوله اللغوي وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها وغيرها، بل قال النووي: إن هذا هو المتعين قال: وقوله: بالعمرة إلى الحج أي: بإدخال العمرة على الحج.
وقد مرَّ في باب التمتع والقران تقرير هذا التأويل وإنما أشكل هنا قوله بدأ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج لأن الجمع بين الأحاديث الكثيرة في هذا الباب استقر على أنه بدأ أولًا بالحج، ثم أدخل عليه العمرة كما تقدم وهذا بالعكس، وأجيب عنه بأن المراد به صورة الإهلال أي: لما أدخل العمرة على الحج لبى بهما فقال: لبيك بعمرة وحجة معًا، وهذا مطابق لحديث أنس المتقدم، لكن قد أنكر ابن عمر ذلك على أنس فيحتمل أن يحمل إنكار ابن عمر عليه كونه أطلق أنه عليه الصلاة والسلام جمع بينهما، أي: في ابتداء الأمر ويعين هذا التأويل قوله في نفس الحديث وتمتع الناس إلخ. فإن الذين تمتعوا إنما بدأوا بالحج، لكن فسخوا حجهم إلى العمرة حتى حلوا بعد ذلك بمكة، ثم حجوا من عامهم وقوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة أي: من الميقات وفيه الندب إلى سوق الهدي من المواقيت، ومن الأماكن البعيدة وهو من السنن التي أغفلها كثير من الناس.
وقوله فإنه لا يحل من شيء تقدم بيانه في حديث حفصة في باب التمتع والقران، وقوله ويقصر كذا لأبي ذر، وعند الأكثر فليقصر وكذا في رواية مسلم قال النووي: معناه أنه يفعل الطواف والسعي والتقصير ويصير حلالًا، وهذا دليل على أن الحلق أو التقصير نسك وهو الصحيح، وقيل استباحة محظور قال: وإنما أمره بالتقصير دون الحلق مع أن الحلق أفضل ليبقى له شعر يحلقه في الحج، وقوله وليحلل بكسر اللام التي قبل الأخيرة مجزوم هو أمر معناه الخبر، أي: قد صار حلالًا فله فعل كل ما كان محظورًا عليه في الإحرام ويحتمل أن يكون أمرًا على الإباحة لفعل ما كان عليه حرامًا بعد الإحرام.
وقوله: "ثم ليهل بالحج" أي: يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى بثم الدالة على التراخي فلم يرد أنه يهل بالحج عقب إحلاله من العمرة.
وقوله: "فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج" أي: لم يجد الهدي بذلك المكان ويتحقق ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذٍ أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك أو يجده لكن يمتنع صاحبه من بيعه أو يمتنع من بيعه إلا بغلاء فينقل إلى الصوم كما هو نص القرآن والمراد بقوله: في الحج أي: بعد الإحرام به، وقال النووي: هذا هو الأفضل، فإن صامها قبل الإهلال في الحج أجزأه على الصحيح، وأما قبل التحلل من العمرة فلا على الصحيح قاله مالك وجوزه الثوري وأصحاب الرأي وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة قال: ويحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع، وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل: يسقط ويستقر الهدي في ذمته وهو قول الحنفية، قالوا: لا يصوم الثلاثة ولا السبعة بعد يوم النحر وعند مالك يصوم أيام التشريق وفي صومها قولان عند الشافعية أظهرها لا يجوز.
وقال النووي: وأصحهما من حيث الدليل الجواز وقوله وسبعة إذا رجع إلى أهله أي: وطنه مكة أو غيرها في مذهب مالك وأحمد، وأصح قولي الشافعي أو معنى رجعتم فرغتم من أعمال الحج، وهو قول الشافعي الثاني، ومذهب أبي حنيفة قائلين إن الفراغ سبب الرجوع، فأطلق السبب على المسبب، فلو صام السبعة بمكة جاز عند الحنفية ولا يجوز عند غيرهم إلا أن ينوي الإقامة بها.
وقوله: ثم خب تقدم الكلام عليه في باب استلام الحجر الأسود، وتقدم الكلام على السعي في باب الصفا والمروة.
وقوله: ثم سلم فانصرف فأتى الصفا ظاهره أنه لم يتخلل بينهما عمل آخر، لكن في حديث جابر الطويل في صفة الحج عند مسلم ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم خرج من باب الصفا وقوله: ثم حل من كل شيء حرم منه تقدم أن سبب عدم إحلاله هو كونه ساق الهدي وإلا لكان يفسخ الحج إلى العمرة ويتحلل منها كما أمر به أصحابه.
وقوله: "وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس. وقوله: "من أهدى" فاعل قوله وفعل وفيه إشارة إلى عدم خصوصيته عليه الصلاة والسلام بذلك ووقع في رواية أبي الوقت بين قوله: وفعل مثل ما فعل وفاعله الذي هو من أهدى لفظ باب، وقال فيه: عن عرورة عن عائشة إلخ. وهو خطأ شنيع لما فيه من الفصل بين الفعل والفاعل، ويصير الفاعل محذوفًا ووقع هنا في هذا اللفظ اختلاف بين العلماء أعرضت عن ذكره.
وقوله: "وعن عروة" أن عائشة رضي الله تعالى عنها أخبرته إلخ. هذا أخرجه مسلم من