الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب طواف النساء مع الرجال
أي: هل يختلطن بهم أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط، أو ينفردن.
الحديث الثاني والمائة
وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ، قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ، وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ. وَأَبَتْ. يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِىَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ. قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا.
هذا أحد الأحاديث التي أخرجها عن شيخه أبي عاصم النبيل بواسطة، وقد ضاق على الإسماعيلي مخرجه، فأخرجه أولًا من طريق البخاري، ثم أخرجه هكذا وكذا البيهقي، وأما أبو نعيم فقد أخرجه أولًا من طريق البخاري، ثم أخرجه من طريق أبي قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج قال مثله غير قصة عطاء مع عبيد بن عمير، قال أبو نعيم: هذا حديث عزيز ضيق المخرج، وقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" عن ابن جريج بتمامه، وكذا أخرجه الفاكهاني في كتاب مكة عن ابن جريج، فذكره بتمامه أيضًا.
وقوله: "إذ منع ابن هشام" هو إبراهيم أو أخوه محمد، ويأتي تعريفهما قريبًا في السند، وظاهر هذا أن ابن هشام أول من منع ذلك، لكن روى الفاكهاني عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلًا معهن، فضربه بالدِّرَة وهذا إن صحّ لم يعارض الأول لأن ابن هشام منعهن أن يطفن حين يطوف الرجال مطلقًا، فلهذا أنكر عليه
عطاء، واحتج بصنيع عائشة وصنيعها شبيه بهذا المنقول عن عمر، قال الفاكهاني: ويذكر عن ابن عيينة أن أول من فرق بين الرجال والنساء في الطواف خالد بن عبد الله القسري، وهذا إن ثبت فلعله منع ذلك وقتًا، ثم تركه فإنه كان أمير مكة في زمن عبد الملك بن مروان، وذلك قبل ابن هشام بمدة طويلة.
وقوله: "كيف تمنعهن؟ " معناه أخبرني ابن جريج بزمان المنع قائلًا فيه: كيف تمنعهن؟
وقوله: "وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال"، أي: غير مختلطات بهم.
وقوله: "بعد الحجاب" في رواية المستملي أبعد بإثبات همزة الاستفهام وكذا هو للفاكهاني.
وقوله: "إي لعمري" هو بكسر الهمزة بمعنى نعم.
وقوله: "لقد أدركته بعد الحجاب" ذكر عطاء هذا لرفع توهم من يتوهم أنه حمل ذلك عن غيره، ودل على أنه رأى ذلك منهن، والمراد بالحجاب نزول آية الحجاب، وهي قوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ، وكان ذلك في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، ولم يدرك ذلك عطاء قطعًا.
وقوله: "يخالطن" في رواية المستملي: يخالطهن في الموضعين والرجال بالرفع على الفاعلية.
وقوله: "حجرة" بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها راء، أي: ناحية، قال القزاز: هو مأخوذ من قولهم: نزل فلان حجرة من الناس، أي: معتزلًا، وفي رواية الكشميهني: حجره بالزاي، وهي رواية عبدالرزاق، فإنه فسره في آخره، فقال: يعني محجوزاً بينها وبين الرجال بثوب، وأنكر ابن قرقول حجرة بضم أوله وبالراء، وليس بمنكر، فقد حكاه ابن عديس، وابن سيده، فقالا: يقال: قعد حجرة بالفتح والضم، أي: ناحية.
وقوله: "فقالت امرأة يحتمل أنها دقرة" بكسر الدال، ويأتي تعريفها في السند.
وقوله: "انطلقي عنك"، أي: عن جهة نفسك.
وقوله: "يخرجن" زاد الفاكهاني، وكن يخرجن.
وقوله: "متنكرات" في رواية عبد الرزاق مستترات، واستنبط منه الداوودي جواز النقاب للنساء في الطواف، وهو في غاية البعد، قلت: ليس ببعيد لأن التنكر لا يمكن إلا بتغطية