الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخُراسان بضم الخاء وهي إقليم واسع، وكِرمان بكسر الكاف وقيل بفتحها، وهو صقع كبير بين فارس وسجستان متصل بخراسان، والأثر وصله سعيد بن منصور أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه، وأخرجه عبد الرزاق، قال: أحرم عبد الله بن عامر من خراسان، فقوم على عثمان فلامه، وقال: غزوت، وهان عليك نسكك، ورواه أحمد بن سيار في تاريخ مرو، قال: لما فتح عبد الله بن عامر خراسان، قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرمًا، فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان لامه على ما صنع.
وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضًا، وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه أن ذلك كان في السنة التي قتل فيها عثمان، ومناسبة هذا الأثر للذي قبله أن بين خراسان ومكة أكثر من مسافة أشهر الحج فيستلزم أن يكون أحرم في غير أشهر الحج، فكره ذلك عثمان، وإِلا فظاهره يتعلق بكراهة الإِحرام قبل الميقات، فيكون من متعلق الميقات المكاني لا الزماني. أ. هـ. وقد مرّ عثمان في أثر بعد الخامس من العلم. أ. هـ.
الحديث الخامس والأربعون
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِي الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَا". قَالَتْ فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:"مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ". قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ: "وَمَا شَأْنُكِ". قُلْتُ: لَا أُصَلِّي. قَالَ: "فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: "اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى
تَأْتِيَانِي". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَالَ: "هَلْ فَرَغْتُمْ". فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. ضَيْرُ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ: ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا.
شاهد الترجمة منه قولها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج وليالي الحج وحرم الحج، فإن ذلك كله يدل على أن ذلك كان مشهورًا عندهم معلومًا، وقوله فيه: وحُرُم الحج بضم الحاء المهملة، والراء، أي: أزمنته وأمكنته وحالاته، ورُوي بفتح الراء وهو جمع حرمة، أي: ممنوعات الحج، وقوله:"يا هَنَتاه" بفتح الهاء والنون وقد تسكن بعدها مثناة وآخره هاء ساكنة كناية عن شيء لا يذكر باسمه، تقول في النداء للمذكر: يا هن، وقد تزاد في آخره للسكت، فتقول: يا هنة، وإن تشبع الحركة في النون فتقول: يا هناه، وتزاد في جميع ذلك للمؤنث مثناة، وقال بعضهم: الألف والهاء في آخره كَهُما في الندبة.
وقوله: "قلت لا أصلي" كناية عن أنها حاضت، قال ابن المنير: كنت عن الحيض بالحكم الخاص به، أدبًا منها، وقد ظهر أثر ذلك في بناتها المؤمنات، فكلهن يكنين عن الحيض بحرمان الصلاة، أو غير ذلك.
وقوله: "فلا يضرك" في رواية الكشميهني: فلا يضيرك بكسر الضاد وتخفيف التحتانية من الضير، وقوله:"النفر الآخر" هو رابع أيام مني، والأول هو الثالث منها، وهو بسكون الفاء وفتحها، وقوله:"فإني أنظركما" في رواية الكشميهني: أنتظركما بزيادة مثناة.
وقوله: "حتى إذا فرغت" أي: من الاعتمار، وفرغت من الطواف، وحذف الأول للعلم، وفي الحديث النزول بالمحصب وهو بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الصاد المهملة آخره موضع متسع بين مكة ومنى، وسمي به لاجتماع الحصباء فيه، يحمل السيل لانهباطه وهو الأبطح والبطحاء، وخيف بني كنانة وهو ما بين الجبلين إلى المقابر، وليست المقابر منه، وفرق المحب الطبري بين الأبطح والبطحاء من حيث التذكير والتأنيث لا من حيث المكان، فقال: والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى، فإذا أردت الوادي قلت الأبطح، وإذا أردت البقعة قلت: البطحاء، والنزول فيه سنة عند أبي حنيفة وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، وقال ابن المنذر: كان ابن عمر يراه سنة، وقال نافع: حصب النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده أخرجه مسلم.
وزعم ابن حبيب أن مالكًا كان يأمر بالتحصيب ويستحبه، ويندب عنده أن يصلي به أربع