الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سقاية الحاج
أخرج الفاكهاني عن عطاء، قال: سقاية الحاج زمزم، وقال الأزرقي: كان عبد مناف يحمل الماء في الروايا والقرب إلى مكة، وسكبه في حياض من أدم بفناء الكعبة للحجاج، ثم فعله ابنه هاشم بعده، ثم عبد المطلب، فلما حفر زمزم، كان يشتري الزبيب فينبذه في ماء زمزم ويسقي الناس، قال ابن إسحاق: لما ولي قصي بن كلاب أمر الكعبة كانت إليه الحجابة والسقاية واللواء والرفادة ودار الندوة، ثم تصالح بنوه على أن لعبد مناف السقاية والرفادة، والبقية للأخوين، ثم ذكر نحو ما تقدم وزاد: ثم ولي السقاية من بعد عبد المطلب ابنه العباس، وهو يومئذ من أحدث إخوته سنا، فلم تزل بيده حتى قام الإِسلام وهي بيده، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فهي اليوم إلى بني العباس، وروى الفاكهاني عن الشعبي، قال: تكلم العباس وعلي وشيبة بن عثمان في السقاية والحجابة، فأنزل الله عز وجل:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية، إلى قوله:{حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ، قال: حتى تفتح مكة، ومن طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن العباس لما مات أراد علي أن يأخذ السقاية، فقال له طلحة: أشهد لرأيت أباه يقوم بها، وإن أباك أبا طالب لنازل في إبله بالأراك بعرفة، قال: فكف عليّ عن السقاية، وعن ابن جريج، قال: قال العباس: يا رسول الله لو جمعت لنا الحجابة والسقاية، فقال:"إنما أعطيتكم ما ترزؤن ولم أعطكم ما ترزؤن" الأول بضم أوله وسكون الراء وفتح الزاي، والثاني بفتح أوله وضم الزاي، أي: أعطيتكم ما ينقصكم لا ما تنقصون به الناس، وروى الطبراني والفاكهاني عن السائب المخزومي أنه كان يقول: اشربوا من سقاية العباس فإنه من السنة.
الحديث السادس عشر والمائة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ.
وعند أحمد في "مسنده" أذن للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي مني من أجل السقاية، والمراد بأيام مني ليلة الحادي عشر، واللتان بعدها، وفي رواية ابن جريج عند أحمد أن مبيت تلك الليلة بمنى وكأنه بمنى ليلة الحادي عشر؛ لأنها تعقب يوم الإفاضة، وأكثر الناس يفيضون يوم النحر، ثم في الذي يليه، وهو الحادي عشر، وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى وأنه من مناسك الحج؛ لأن التعبير يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد أو ما في معناها لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور.
وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد، وهو مذهب الحنفية: إنه سنة ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف، ولا يحصل المبيت إلا بمعقم الليل، وهل يختص الإذن بالسقاية وبالعباس أو بغيره ذلك من الأوصاف المقيّدة في هذا الحكم، فقيل: يختص الحكم بالعباس وهو جمود، وقيل: يدخل معه آله، وقيل: قومه وهم بنو هاشم، وقيل: كل من احتاج إلى السقاية فله ذلك، ثم قيل أيضًا: يختص الحكم بسقاية العباس حتى لو عملت سقاية لغيره لم يرخص لصاحبها في المبيت لأجلها، ومنهم من عممه وهو الصحيح في الموضعين، والعلة في ذلك إعداد الماء للشاربين، وهل يختص ذلك بالماء أو يلتحق به ما في معناه من الأكل وغيره محل احتمال، وجزم الشافعية بإلحاق من له مال يخاف ضياعه أو أمر يخاف فوته، أو مريض يتعاهده بأهل السقاية كما جزم الجمهور بإلحاق الرعاء خاصة لما أخرجه الترمذي، وقال صحيح حسن أنه عليه الصلاة والسلام رخص للعباس ولرعاء الإبل وهو قول أحمد.
واختاره ابن المنذر، أعني الاختصاص بأهل السقاية والرعاء للإبل، والمعروف عن أحمد اختصاص العباس بذلك، وعليه اقتصر صاحب المغني.
وقال المالكيهَ: يجب الدم في المذكورات سوى الرعاء، قالوا: ومن ترك المبيت بغير عذر، وجب عليه دم عن كل ليلة، والمرخص فيه عند المالكية لصاحب السقاية ترك المبيت خاصة فلابد أن يأتي نهارًا للرمي، ثم ينصرف لأن ذا السقاية ينزع الماء من زمزم ليلاً ويفرغه في الحياض، وأما الراعي فقد رخص له أن ينصرف بعد رمي العقبة، ويترك المبيت ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، ويأتي اليوم الثالث عشر فيرمي لليومين اليوم الثاني الذي فاته وهو في رعيه، والثالث الذي حضر فيه، ثم إن شاء تعجل، وإن شاء أقام لرمي الثالث من أيام الرمي، وقال الشافعي: عن كل ليلة مد، وقيل عنه التصدق بدرهم، وعن الثلاث دم، وهي رواية عن أحمد، والمشهور عنه وعن الحنفية: لا شيء عليه، واحتجت الحنفية على