الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من قلد القلائد بيده
أي: الهدايا وله حالان: إما أن سوق الهدي ويقصد النسك، فإنما يقلدها ويشعرها عند إحرامه، وإما أن يسوقه ويقيم فيقلدها من مكانه وهو مقتضى حديث الباب، وسيأتي بيان ما يقلد به بعد باب، والغرض بهذه الترجمة أنه كان عالمًا بابتداء التقليد ليترتب عليه ما بعده قال ابن التين: يحتمل أن يكون قول عائشة ثم قلدها بيده بيانًا لحفظها للأمر ومعرفتها به ويحتمل أن تكون أرادت أنه عليه الصلاة والسلام تناول ذلك بنفسه وعلم وقت التقليد ومع ذلك فلم يمتنع من شيء يمتنع منه المحرم لئلا يظن أحد أنه استباح ذلك قبل أن يعلم بتقليد الهدي.
الحديث السابع والسبعون والمائة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ. قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.
قوله: "عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو" إلخ كذا للأكثر، وسقط عمرو من رواية أبي ذر، وعمرة هي خالة عبد الله الراوي عنها.
وقوله: إن زياد بن أبي سفيان كذا وقع في الموطأ، وكان شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما كان يقال له: إلا زياد بن أبيه ويأتي تعريفه في السند قريبًا، وعند مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث أن ابن زياد بدل قوله: إن زياد بن أبي سفيان وهو وهم نبه عليه الغساني ومن تبعه. قال النووي: وجميع من تكلم على صحيح مسلم الصواب ما وقع في البخاري وهو الموجود عند جميع رواة الموطأ.
وقوله: "حتى ينحر هديه" زاد مسلم: وقد بعثت بهدي فاكتبي إليّ بأمرك زاد الطحاوي عن مالك: "أو مري صاحب الهدي الذي معه الهدي بما يصنع".
وقوله: قالت: عمرة هو بالسند المذكور، وقد روى الحديث المرفوع عن عائشة القاسم وعروة كما مضى قريبًا مختصرًا، ورواه عنها أيضًا مختصرًا مسروق في آخر الباب الذي بعده، وأورده في الضحايا مطولًا، وترجم هناك على حكم من أهدى وأقام هل يصير محرمًا أو لا؟ ولم يترجم به هنا ولفظه هناك عن مسروق أنه قال: يا أم المؤمنين! إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في العصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس، فذكر الحديث نحوه، ولفظ الطحاوي عن مسروق قال: قلت لعائشة: إن رجالًا هاهنا يبعثون بالهدي إلى البيت ويأمرون الذين يبعثون معه بمعلم لهم يقلدها في ذلك اليوم فلا يزالون محرمين حتى يحل الناس. الحديث.
وقال سعيد بن منصور عن عائشة: وقيل لها: إن زيادًا إذا بعث بالهدي أمسك عما يمسك منه المحرم حتى ينحر هديه، فقالت عائشة أوله كعبة يطوف بها؟.
وروى عن هشام عن أبيه بلغ عائشة أن زيادًا بعث بالهدي وتجرد فقالت: إن كنت لأفتل قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبعث بها وهو مقيم عندنا، ما يجتنب شيئًا. وروى مالك في الموطأ عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى رجلًا متجردًا بالعراق فسأل عنه فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير، فذكرت له ذلك فقال: بدعة ورب الكعبة، ورواه ابن أبي شيبة عن محمد بن إبراهيم أن ربيعة أخبره أنه رأى ابن عباس وهو أمير على البصرة في زمان علي متجردًا على منبر البصرة فذكره فعرف بهذا اسم المبهم في رواية مالك قال ابن التين: خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء واحتجت عائشة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وما روته في ذلك، يجب أن يصار إليه، ولعل ابن العباس رجع عنه. وفي هذا قصور شديد، فإن ابن عباس لم ينفرد بذلك، بل ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر فقد روى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن نافع أن ابن عمر كان إذا بعث الهدي يمسك عما يمسك منه المحرم، إلا أنه يلبي ومنهم: قيس بن سعد بن عبادة، أخرجه سعيد بن منصور عنه. وروى ابن أبي شيبة عن محمد بن علي بن الحسين عن عمرو على أنهما قالا في الرجل: يرسل بدنته أنه يمسك عما يمسك عنه المحرم، وهذا منقطع.
وقال ابن المنذر قال عمر وعلي وقيس بن سعد وابن عمرو وابن عباس والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون: من أرسل الهدي وأقام حرم عليه ما يحرم على المحرم، وقال ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وآخرون: لا يصير بذلك محرمًا وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار ومن حجة الأولين ما رواه الطحاوي وغيره عن عبد الملك بن جابر عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على ما كان كذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي. الحديث.