الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طوافًا واحدًا، وهذا إسناد صحيح وفيه بيان ضعف ما روي عن علي وابن مسعود من ذلك، وقد روى آل بيت علي منه مثل الجماعة، قال جعفر الصادق بن محمد، عن أبيه: أنه كان يحفظ عن علي: للقارن طواف واحد، خلاف ما يرويه أهل العراق عنه، ومما يضعف ما روي عن علي من ذلك أن أمثل طرقه عنه رواية عبد الرحمن بن أذينة عنه، وقد ذكر فيها أنه يمتنع على من ابتدأ الإهلال بالحج أن يدخل عليه العمرة، وأن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، والذين احتجوا بحديثه لا يقولون بامتناع إدخال العمرة على الحج، فإن كانت الطريق صحيحة عندهم لزمهم العمل بما دلت عليه، وإلا فلا حجة فيها، وقال ابن المنذر: احتج أبو أيوب من طريق النضر بأنا أجزنا جميعًا للحج والعمرة سفرًا واحدًا، وإحرامًا واحدًا، وتلبية واحدة، فكذلك يجزي عنهما طواف واحد، وسعي واحد؛ لأنهما خالفا في ذلك سائر العبادات، وفي هذا القياس مباحث كثيرة أعرضنا عنها، واحتج غيره بقوله عليه الصلاة والسلام:"دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" وهو صحيح كما مرَّ، فدل على أنها بعد أن دخلت فيها لا تحتاج إلى عمل آخر غير عمله، والحق أن المتبع في ذلك السنة الصحيحة، وهي غنية عن غيرها، وقد تقدم الكلام على مباحث هذا الحديث في كتاب الحيض، وفي باب التمتع والقِران.
رجاله خمسة
، وفيه ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وقد مرَّ
الجميع:
مرَّ عبد الله بن يوسف، ومالك، وعروة، وعائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه، ومرَّ عبد الرحمن في الرابع من الغسل.
الحديث الحادي والعشرون والمائة
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَيَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ. فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا. قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا.
قوله: "دخل ابنه" أي: ابن عبد الله بن عمر.
وقوله: "وظهره في الدار"، مبتدأ وخبره، والجملة وقعت حالًا، والمراد من الظهر مركوبه الذي يركبه من الإبل، والمعنى: أن عبد الله بن عمر كان عازمًا على الحج، وأحضر مركوبه ليركب عليه، فقال له ابنه عبد الله ما قال.
وقوله: "إني لا آمن" بالمد وفتح الميم المخففة، أي: أخاف، هذه رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: إني لا إيْمَن بكسر الهمزة وسكون الباء وفتح الميم، وهي لغة تميم، فإنهم يكسرون حرف المضارعة غير الباء من مستقبل ماضيه على فعل بالكسر، ولا يكسرون إذا كان ماضيه بالفتح إلا أن يكون فيه حرف حلق نحو أذهب وألحق.
وقوله: "فلو أقمت" يحتمل أن تكون كلمة لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب، ويحتمل أن تكون للشرط وجوابه محذوف، أي: فلو أقمت في هذه السنة وتركت الحج لكان خير لعدم الأمن.
وقوله: "فإن حيل بيني وبينه" كذا للأكثر، وللكشميهني: وإن يُحَلْ، بضم الياء وفتح المهملة واللام ساكنة.
وقوله: "وإن حيل بيني وبينه"، أي: منعت من الوصول إليه لأتطوف، تحللت بعمل عمرة، وهذا يبين أن المراد بقوله:"ما أمرهما إلا واحد" يعني الحج والعمرة في جواز التحلل منهما بالإحصار، أو في إمكان الإحصار عن كل منهما، ويؤيد الثاني قوله في رواية يحيى القطان بعد قوله:"ما أمرهما إلا واحد": إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج، فكأنه رأى أولًا أن الإحصار عن الحج أشد من الإحصار عن العمرة لطول زمن الحج وكثرة أعماله، فاختار الإهلال بالعمرة، ثم رأى أن الإحصار بالحج يفيد التحلل عنه بعمل العمرة، فقال: ما أمرهما إلا واحد.
وقوله: "أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجًا"، أي: ألزمت نفسي ذلك، وكأنه أراد تعليم من يريد الاقتداء به وإلا فالتلفظ ليس بشرط.
وقوله: "فطاف لهما طوافًا واحدًا" قد مرَّ الكلام عليه مستوفى في الذي قبله، وفي الحديث أن الصحابة كانوا يستعملون القياس ويحتجون به، وفيه من الفوائد أن من أحصر بالعدو بأن منعه من المضي في نسكه حجًا كان أو عمرة جاز له التحلل بأن ينوي ذلك وينحر هديه، ويحلق رأسه أو يقصره، وفيه جواز إدخال الحج على العمرة، وهو قول الجمهور لكن شرطه عند الأكثر أن يكون قبل الشروع في طواف العمرة، وقيل: إن كان قبل مضي أربعة