الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يدخلها ظاهرًا عاليًا، وقيل: لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلًا للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس: لا أُسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت: ما هذا؟ قال: شيء طلع بقلبي، وإن الله لا يطلع الخيل هناك أبدًا، قال العباس: فذكرت أبا سفيان ذلك لما دخله، وللبيهقي عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "كيف قال حسان؟ " فأَنشد:
عدمت بنيتي أن لم تروها
…
تثير النقع موعدها كداء
فتبسم وقال: "ادخلوها من حيث قال حسان"، وقد حكى الحميدي، عن أبي العباس العذري أن بمكة موضعًا ثالثًا يقال له عندي، وهو بالضم والتصغير، يخرج منه إلى جهة اليمن، قال المحب: حققه العذري عن أهل المعرفة بمكة، قال: وقد بني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن.
رجاله خمسة:
وهذا السند بعينه هو الذي قبل هذا بحديث، ثم قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد كاسمه، وقال: سمعت يبيح بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: لو أن مسددًا أتيته في بيته فحدثته لاستحق ذلك وما أبالي كتبي كانت عندي أو عند مسدد أبو عبد الله المراد به البخاري نفسه، ومسدد ويحيى القطان مرَّ محلهما في الذي قبل هذا بحديثين، والباقي هو يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن المري الغطفاني مولاهم أبو زكريا البغدادي إمام الجرح والتعديل، الحافظ أبو زكريا، قال النسائي أبو زكريا: الثقة المأمون، أحد الأئمة في الحديث.
وقال ابن المديني: لا أعلم أحدًا من لدن آدم عليه السلام كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين، وقال أيضًا: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين، وفي رواية عنه: انتهى العلم إلى يحيى بن آدم، وبعده إلى يحيى بن معين، وفي رواية عنه: إلى ابن المبارك، وبعده إلى يحيى بن معين، وقال ابن عدي: كان معين على خراج الري، فخلف لابنه ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فانفقه كلّه على الحديث، وقال محمد بن نصر الطبري: دخلت على ابن معين، فوجدت عنده كذا وكذا سفطا، وسمعته يقول: كل حديث لا يوجد هاهنا، وأشار بيده إلى الأسفاط، فهو كذب، وسمعته يقول: قد كتبت بيدي ألف ألف
حديث، وقال صالح جزرة: ذكر لي أن يحيى بن معين خلّف من الكتب لما مات ثلاثين قمطرًا، وعشرين جبًا، وقال صالح بن محمد: خلَّف يحيى من الكتب مائة قمطر، وأربعة عشر قمطر، وأربع جِباب شبرانية مملوءة كتبًا، والسفط محركة كالجوالق أو كالقفة والقمطر كسجل ما تصان به الكتب، والجب بالضم المزادة يخاط بعضها ببعض.
وقال مجاهد بن موسى: كان ابن معين يكتب الحديث نيفاً وخمسين مرة، وقال: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة ما عرفناه، وقال يحيى القطان: ما قدم علينا مثل هذين أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وقال ابن سعد: كان قد أكثر من كتابة الحديث، وعرف به، وكان لا يكاد يحدّث، وقال الخطيب: كان إمامًا ربانيًا عالمًا حافظًا ثبتًا متقنًا، وقال ابن حبان في "الثقات": أصله من سرخس، وكان من أهل الدين والفضل، وممن رفض الدنيا في جمع السنن، وكثرت عنايته بها وجمعها وحفظها حتى صار عَلَمًا يقتدى به في الأخبار، وإمامًا يرجع إليه في الآثار، وقال العجلي: ما خلق الله تعالى أحدًا كان أعرف بالحديث من يحيى بن معين، ولقد كان يجتمع مع أحمد وابن المديني ونظرائهم، فكان هو الذي ينتخب لهم الأحاديث لا يتقدمه منهم أحد، ولقد كان يؤتى بالأحاديث قد خلطت وتلبست، فيقول: هذا الحديث كذا وهذا كذا، فيكون كما قال.
وقال الدوري: سمعته يقول: القرآن كلام الله تعالى وليس بمخلوق، وسمعته يقول: الإيمان يزيد وينقص، وهو قول وعمل. وقال ابن المديني: دار حديث الثقات على ستة، ثم قال: ما شذّ عن هؤلاء يصير إلى اثني عشر، ثم صار حديث هؤلاء كلهم إلى ابن معين.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم إلى أربعة: أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد أفقههم فيه، وعلي ابن المديني أعلمهم به، ويحيى بن معين أكتبهم له، وفي رواية عنه: أعلمهم بصحيحه وسقيمه ابن معين، وقال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بعلل الحديث ابن المديني، وبفقهه أحمد بن حنبل، وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين، وفي رواية عنه: يحيى أعلم بالرجال والكنى وقيل لأبي داود: أيما أعلم بالرجال عليّ أو يحيى؟ قال: عليّ عالم بالرجال، وليس عند عليّ من خبر أهل الشام شيء، وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت عليًا يقول: كنت إِذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنة كان الذي يذاكرني أحمده بن حنبل، فربما اختلفنا في الشيء، فنسأل يحيى بن معين، فيقوم فيخرجه ما كان أعرفه بموضع حديثه، وقال ابن المديني أيضًا: ما رأيت يحيى بن معين استفهم حديثاً ولا ردّه.
وقال عمرو الناقد: ما كان في أصحابنا أعلم بالإسناد من يحيى بن معين ما قدر أحد يقلب عليه إسنادًا قط، وسئل الفرهياني عن يحيى وأحمد وعليّ وأبي خيثمة، فقال: أما عليّ فاعلمهم بالعلل، وأما يحيى، فأعلمهم بالرجال، وأحمد بالفقه، وأبو خيثمة من النبلاء، وقيل لابن الرومي: سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى، ويقول: حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه فقال وما يعجب: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت في الناس مثله، وقيل لابن الرومي أيضًا: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: الناس كلهم عيال على يحيى بن معين، فقال: صدق، ما في الدنيا مثله، وقال ابن الرومي: ما رأيت أحدًا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى، وقال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعًا يديه يقول: اللهم إن كنت تكلمت في رجلٍ وليس كذابًا، فلا تغفر لي، وقال هارون بن معروف: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه، فسألته أنْ يمليَ عليَّ شيئًا، فأخذ الكتاب يملي، فإذا بإنسان يدق الباب، فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأَذن له والشيخ على حاله، والكتاب في يده لا يتحرك، فإذا بآخر، فذكر أحمد بن الدورقي، وعبد الله بن الرومي، وزهير بن حرب كلهم يدخل والشيخ على حالته، فإذا بآخر يدق الباب. قال الشيخ: من هذا؟ قال يحيى بن معين: فرأيت الشيخ ارتعدت يده، ثم سقط الكتاب من يده، وقال يحيى بن معين: قدم علينا عبد الوهاب بن عطاء، فكتب إلى أهل البصرة: قدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين والحمد لله.
وقيل لابن الرومي أيضًا: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا ابن معين ما كتبت الحديث، وإنا لنذهب إلى الحديث فننظر في كتبه فلا نرى فيها إلا كل حديث صحيح حتى يجيء أبو زكرياء، فأول شيء يقع في يده الخطأ، ولولا أنه عَرَّفْنَاه ما عرفناه، قال ابن الرومي: وما يعجب، لقد نفعنا الله تعالى به، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته عليه، ولقد كنا في مجلس لبعض أصحابنا، فقلت له: يا أبا زكريا، أما نفيدك حديثاً وفينا يومئذ عليّ وأحمد، فقال: ما هو؟ فقلت: حديث كذا وكذا، فقال: هذا غلط، فكان كما قال.
وقال ابن الرومي: كنت عند أحمد، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله أُنظر في هذه الأحاديث، فإن فيها خطأ، قال: عليك بأبي زكريا، فإنه يعرف الخطأ، قال: وكنت أنا وأحمد نختلف إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي، فقال أحمد: إن يحيى هنا، قلت: وما نصنع به، قال: يعرف الخطأ، وقال أحمد: كان ابن معين أَعلمنا بالرجال، وقال أيضًا: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور، وقال الدوري: رأيت أحمد في مجلس روح بن
عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول: يا أبا زكريا: كيف حديث كذا وكذا، يريد أن يستثبته في أحاديث قد سمعوها، كلما قال يحيى كتبه أحمد، وقلما سمعت أحمد يسميه باسمه بل بكنيته، وقال أحمد أيضًا: هاهنا رجل خلقه الله تعالى لهذا الشأن يظهر كذب الكذابين، يعني ابن معين.
وقال الأثرم: رأى أحمدُ يحيى بن معين بصنعاء يكتب صحيفة معمر عن أبان، عن أنس، فقال له أحمد: تكتب هذه الصحيفة وتعلم أنها موضوعة، فلو قال لك قائل أنت تتكلم في أبان، ثم تكتب حديثه على الوجه، فقال: نعم أكتبها فاحفظها، وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل لنا ثانيًا.
وقال أحمد أيضاً: حديث لا يعرفه ابن معين، فليس هو بحديث، وفي رواية: فليس هو ثابتًا.
وقال أبو حاتم: إذا رأيت البغدادي يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض ابن معين فاعلم أنَّه كذَّاب إنما يبغضه لما بين من أمر الكذابين.
وقال أبو زرعة: لم ينتفع به لأنه كان يتكلم في الناس ويروى هذا عن عليّ من وجوه، وقال الحسن بن عليل العنزي: حدثنا يحيى بن معين، قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثًا، ما أعلمت أحدًا به، وأعلمته فيما بيني وبينه، ولقد طلب إليَّ خلف بن سالم أن أذكرها فما قلت له قال يحيى، وما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وما استقبلت رجلًا في وجهه بما يكره، ولكن أُبين له خطأه، فإن قبل، وإلا تركته.
وقال يحيى أيضًا: من لم يكن سمحًا في الحديث كان كذابًا، قيل له: كيف يكون سمحًا؟ قال: إذا شك في الحديث تركه، وقال إبراهيم بن هانىء: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين، فقلت: تقع في مثل يحيى؟ فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله.
وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أحد ممن امتحن فأجاب، وذكر ابن معين وأبا نصر التمَّار، وذكر ابن عباس الدوري أن يحيى بن معين انفرد بأشياء في الفقه خالف فيها مذهه في زكاة الفطر، قال: لا بأس أن يعطى فضة، وقال: لا أرى أن يتزوج الرجل امرأته على سورةٍ من القرآن، وقال في الرجل يصلي خلف الصف وحده: يعيد، وفي امرأة ملّكتْ أمرها رجلًا فأنكحها، قال: بل يذهب إلى القاضي، فإن لم يكن فإلي الوالي، وذكر عنه أشياء غير ذلك.