الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع والأربعون
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ.
وقوله: يصلون، أي الأئمة. وقوله: لكم، أي لأجلكم، فاللام للتعليل. وقوله: فإن أصابوا فلكم، أي ثواب صلاتكم. وقوله: ولهم، أي ثواب صلاتهم. وروى أحمد زيادة "لهم". وفي بعض الروايات بحذفها، وتمسك ابن بَطّال بظاهر الرواية المحذوفة، فزعم أن المراد بالإصابة هنا إصابة الوقت، مستدلًا بما أخرجه النَّسَائيّ وغيره من وجه حسن عن ابن مسعود مرفوعًا "لعلكم تدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها، فإذا أدركتموهم فصلوا في بيوتكم في الوقت، ثم صلوا معهم، واجعلوها سبحة" والتقدير على هذا: فإن أصابوا الوقت أو أخطؤا الوقت، فلكم، يعني الصلاة التي في الوقت. وغفل عن الزيادة المذكورة، وهي تدل على أن المراد صلاتهم معهم، لا عند الانفراد.
وقد أخرج ابن حِبّان عن أبي هُرَيْرَة ما هو أصرح في مقصود الترجمة، ولفظه "يكون أقوام يصلون الصلاة فإن أتموا فلكم ولهم" وروى أبو داود عن عُقْبَة بن عامر "مَن أَمَّ الناسَ فأتم" وفي رواية "فأصاب، فالصلاة له ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئًا فعليه ولا عليهم" وفي مسند ابن وَهْب عن أبي شُرَيح العَدَويّ "الإمام جُنّة، فإن أتم فلكم وله، وإن نقص فعليه النقصان ولكم التمام". وأخرج الدارَقُطنيّ عن أبي هُريرة "سيليكم بعدي وُلاة فاسمعوا وأطيعوا فيما وافق الحق، وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلهم، وإن أساؤا فعليهم".وفي سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هُريْرَة مرفوعًا "يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم، فصلوا معهم ما صلوا القبلة". وروى الحاكم مصححًا عن سَهْل بن سَعْد "الإمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء فعليه لا عليهم" وروى الشافعيّ عن أبي هُريرة مرفوعًا بلفظ "يأتي قوم فيصلون لكم، فإن أتموا كان لهم ولكم، وان نقصوا كان عليهم ولكم" وفي رواية أحمد في هذا الحديث "فإن صلوا الصلاة لوقتها وأتموا الركوع والسجود فهي لكم ولهم" فهذا يبين أن المراد ما هو أعم من ترك إصابة الوقت.
وقوله: وإن اخطؤا، أي ارتكبوا الخطيئة، ولم يرد به الخطأ المقابل للعمد، لأنه لا إثم فيه.
وقوله: فلكم وعليهم، أي لكم ثوابها وعليهم عقابها، لأن "على" تستعمل في الشر واللام في الخير. وقيل: لكم ثواب الطاعة والسمع، وعليهم إثم ما صنعوا وأخطؤا. وقيل: إن صليتم أفذاذًا في الوقت فصلاتكم تامة إن أخطؤا في صلاتهم، وأتممتم أنتم بهم، ومعنى كون غير الصواب لهم مع أنه لا خير فيه حتى يكون لهم، هو أن صلاتكم لكم، وكذا ثواب الجماعة لكم.
وقال المُهَلَّب: فيه جواز الصلاة خلف البَرّ والفاجر إذا خيف منه، يعني إذا كان صاحب شوكة. وفي "شرح السنة" للبَغَويّ فيه دليل على أنه إذا صلى بقوم محدثًا أنه تصح صلاة المأمومين خلفه، وعليه الإعادة، وهذا في مذهب الشافعيّ، لأنّ المؤتم عنده تبع الأمام في مجرد الموافقة لا في الصحة، فلأجل هذا قالوا إن خطأ الإمام في بعض غير مؤثر في صحة صلاة المأموم إذا أصاب، فلو ظهر بعد الصلاة أن الإمام جنب أو محدث أو في بدنه أو ثوبه نجاسة خفيفة، فلا تجب إعادة الصلاة على المؤتم به، بخلاف النجاسة الظاهرة لكن قطع صاحب التتمة والتهذيب وغيرهما بأن النجاسة كالحَدَث، ولم يفرقوا بين الخَفيفة وغيرها.
واستدل به غير البَغَويّ على أعم من ذلك، وهو صحة الائتمام بمن يخل بشيء من الصلاة، ركنًا كان أو غيره، إذا أتم المأموم، وهو وجه عند الشافعية، بشرط أن يكون الإمام هو الخليفة أو نائبه، والأصح عندهم صحة الاقتداء إلا بمن علم أنه ترك واجبًا، ومنهم مَنْ استدل به على الجواز مطلقًا، بناء على أن المراد بالخطأ ما يقابل العمد. قال: ومحل الخلاف في الأمور الاجتهادية كمن يصلي خلف من لا يرى قراءة البَسْمَلة، ولا أنها من أركان القراءة، ولا أنها آية من الفاتحة، بل يرى أن الفاتحة تجزىء بدونها، فإن صلاة المأموم تصح إذا قرأ هو البَسْمَلة، لأن غاية الإمام في هذه الحالة أن يكون أخطأ، وقد دل الحديث على أن خطأ الإمام لا يوثر في صحة صلاة المأموم إذا أصاب.
وقال ابن المُنْذِر: هذا الحديث يرد على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسدت تفسد صلاة من خلفه، وقيل: إن أحمد مثل الشافعيّ في عدم ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، وعند المالكية والحنفية أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام، إذا فسدت صلاته تفسد صلاته، واستثنت المالكية من ذلك مسائل مجموعة في نظم ميارة وتذييله للشيخ البُنانيّ وهو:
كل صلاة بطلتْ على الإمام
…
تبطُلْ على من خلفه من الأنام
إلا لدى عشرة مع اثنينْ
…
فبطلها على الإمام دون مَيْن
ذكر النجاسة سقوطها وزِدْ
…
نسيانه الخبث سبق وقد يرد
وكشفُ عَوْرةٍ سجودٌ غَفَلا
…
إن عن ثلاثة وطال فاقْبَلا
وإن على نفسٍ يخف أو مالِ
…
أو ظهره فاعدد ولا تبالي
مسافِرٌ لدى الصلاة قد نَرَى
…
إقامةً ظَنّ الرُّعاف قل سوى
مُقَهْقِه غُلِب وإذا نسيْ
…
أبطلها للكلِ عامدٌ مُسِيْ
وذيلها الشيخ البنانيّ بقوله:
ذكر الفوائت اليسيرة اعلما
…
ترك الإمام سجدة لذا اضمما
مُسْتَخْلَفًا لم ينوِ قُلْ وراعِفًا
…
كَلَّمَ مُطْلقًا وزدْ مُنْحَرفًا
فارَقَه الإمامُ نيةً وَعِي
…
إمامُ خوفٍ بعد الاولى فاسْمَعِ
وذيلها بعضهم:
في كلها يستخلف الإمامُ
…
إلا لدى السجودِ فالتمامُ
أغنى ولكن مقهقهًا سما
…
مسافرًا وذا الفوائتِ اعلَما
مشهورُها البُطلانُ للكلِ فلا
…
يَصِحّ الاستخلاف فصل مُجْمَلا
واستدلت الحنفية والمالكية بما مرَّ عن سهل بن سعد "الإمام ضامن" يعني صلاتهم في ضمن صلاته صحة وفسادًا.
مرَّ منهم زيد بن أسلم، وعطاء بن يسار في الثاني والعشرين من الإيمان، ومرَّ أبو هُرَيرة في الثاني منه.
والرابع شيخ البُخَاريّ الفَضْل بن سَهْل بن إبراهيم الأعْرج، أبو العَبّاس، البغداديّ الحافظ، وقال ابن مَنْدَه: خُراسانيّ نزل بغداد. قال أبو داود: أنا لا أحدث عنه. قيل له: لم؟ قال: لأنه كان لا يفوته حديث جيد. وقال أحمد بن الحُسَين الصُّوفيّ: كان أحد الدَّواهي، يعني في الذكاء. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال النَّسَائيّ: ثقة، وذكره ابن حِبّان، وقال:"مات سنة خمس وخمسين ومئتين وزاد السّراج في "صفر" وله نيف وسبعون سنة. روى عن شَبّابَة والحسن بن موسى الأشْيَب وزيد بن الحُبَاب ويَزيِد بن هارون وغيرهم. وروى عنه الجماعة سِوى ابن ماجَه. وأبو حاتم وعبد الله بن أحمد بن حنبل وابن أبي الدنيا والبَغَويّ وغيرهم.
الثاني من السند الحَسَنُ بن موسى الأشيب، أبو عليّ البغداديّ، قاضي طَبَرسْتَان والموصل وحِمْص. قال أحمد: هو من مُتَثبّتي بغداد. وقال ابن مَعِين وابن المَدِينيّ: ثقة. وَقال ابن سعد: كان ثقة صدوقًا في الحديث. وذكره ابن حِبَّان في الثقات. وذكره مسلم في رجال شُعْبَة الثقات في الطبقة الثالثة. وقال أبو حاتم وصالح بن محمد وابن خِراش صَدُوق. زاد أبو حاتم: مات بالري، وحضرت جنازته. مات سنة ثمان أو تسع أو عشر ومئتين. روى عن الحمّادين وشُعْبَةَ وسُفيان وجَرير بن حازم واللَّيث بن سعد وغيرهم، وروى عنه أحمد بن حَنْبَل وحَجاج بن الشاعر والفَضْل بن سَهْل الأعْرَج وهارون الجَمّال وغيرهم.
الثالث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار العَدَوِيّ، وقد مرَّ في الثامن والثلاثين من الوضوء.