الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس والستون
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.
في الرواية هنا كان يقول في ركوعه وفي الرواية الآتية في باب التسبيح والدعاء في السجود كان يكثر أن يقول في ركوعه إلخ. وبقول عائشة في هذه الرواية كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده واعترض الفاكهاني على الاحتمال السابق عن ابن دقيق العيد من أن المأمور به في السجود تكثير الدعاء والذي في الركوع قليل قائلًا إن قولها صريح في أن ذلك وقع منه كثيرًا فلا يعارض ما أمر به في السجود وهو عجيب فإن ابن دقيق العيد أراد بنفي الكثرة عدم الزيادة على قوله: اللهم اغفر لي في الركوع الواحد فإنه قليل بالنسبة إلى السجود المأمور فيه بالاجتهاد في الدعاء المشعر بتكثير الدعاء ولم يرد أنه كان يقول ذلك في بعض الصلوات دون بعض حتى يعترض عليه بقول عائشة كان يكثر وقد جاء الأمر بالإكثار من الدعاء في السجود فيما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة بلفظ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء والأمر بإكثار الدعاء في السجود يشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما جاء في حديث أنس أخرجه الترمذي ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله ويشمل التكرار للسؤال الواحد والاستجابة تشمل استجابة الداعي بإعطاء سؤله واستجابة المثنى بتعظيم ثوابه.
وقوله: "سبحانك" منصوب على المصدر بفعل محذوف تقديره اسبح وهو علم على التسبيح ومعناه التنزيه عن النقائص والعلم لا يضاف إلا إذا نُكِّر ثم أضيف.
وقوله: "وبحمدك" أي وسبحتك بحمدك أي: بتوفيقك وهدايتك لا بحولي وقوتي والواو فيه إما للحال وإما لعطف الجملة على الجملة سواء قلنا إضافة الحمد إلى الفاعل والمراد من الحمد حينئذ لازمه وهو ما يوجب الحمد من التوفيق والهداية أو إلى المفعول ويكون معناه متلبسًا بحمدي لك.
وقوله: "اللهم اغفر لي" أي: بالله اغفر لي وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإن كان قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لبيان الافتقار إلى الله تعالى والإذعان وإظهار العبودية والشكر وطلب الدوام
والاستغفار عن ترك الأولى أو التقصير في بلوغ حق عبادته مع أن نفس الدعاء عبادة وهذا منه عليه الصلاة والسلام عمل بما أمر به في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} على أحسن الوجوه وحكمه الإتيان بالذكر في هذين المحلين من الصلاة أما كونه في حال الصلاة فلأنها أفضل من غيرها وإما في تلك الحالين فلما فيهما من زيادة خشوع وتواضع ليست في غيرهما واستفيد من الحديث إباحة الدعاء في الركوع وإباحة التسبيح في السجود خلافًا لما مرَّ عن مالك وقد اختلفوا في الأذكار في الركوع والسجود فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي سنة فلو تركها لم يأثم وصلاته صحيحة سواء تركها سهوًا أو عمدًا لكن يكره عمدًا. وقال أحمد وإسحاق: هو واجب فإن تركه عمدًا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل زاد أحمد ويسجد للسهو وفي رواية عنه أنه سُنّة، وقال ابن جزم: هو فرض فإن نسيه يسجد للسهو وقد مرَّ في باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم عند حديث المسيء صلاته بعض الكلام على أقل ما يجزىء عند الحنفية من التسبيح.
وقال البيهقي: قال الشافعي: يسبح كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عقبة بن عامر قال: لما نزلت باسم ربك العظيم قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم أخرجه أبو داود وابن حِبّان في صحيحه والطحاوي والمالكية والشافعية لا يشترط عندهم عدد معين كما مرّ في الباب المذكور والواجب عند الحنابلة سبحان ربي العظيم مرة في الركوع وسبحان ربي الأعلى مرة في السجود والثلاثة مستحبة والألفاظ الصادرة منه صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما أخرجه مسلم عن حذيفة صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وفيه ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وزاد ابن ماجه بسند ضعيف ثلاثًا وروى مسلم أيضًا عن علي رضي الله عنه فذكر صلاته قال: وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا سجد قال: لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين وروى أحمد في مسنده عن ابن عباس بت عند ميمونة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده.
وأخرج الأربعة والطحاوي والدارقطني عن حذيفة أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وأخرج أبو داود عن مالك بن عوف قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فقرأ سورة البقرة الحديث. وفيه يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة الحديث.
وأخرج البزار في سننه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده تعني في صلاة الليل سجد وجهي للذي خلقه فشق سمعه وبصره بحوله وقوته وروى الطحاوي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك فاغفر لي فإنك أنت التواب وروى عنها أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبّوح قدّوس رب الملائكة والروح وأخرجه مسلم والنسائي أيضًا، وأخرج مسلم أيضًا: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو راكع أو ساجد: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلَاّ أنت.