الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني والثلاثون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ.
قوله: "إن أُم الفضل" هي والدة عبد الله بن عباس الراوي عنها ويأتي تعريفها قريبًا في السند. وقوله: "سمعته" أي: سمعت ابن عباس، وفيه التفات لأن السياق يقتضي أن يقول: سمعتني، وقوله:"لقد ذكّرتني" أي: شيئًا نسيته، وفي رواية عقيل عن ابن شهاب أنها آخر صلوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه: ثم ما صلّى لنا بعدها حتى قبضه الله. أورده المصنف في باب الوفاة، ومرّ في باب حد المريض أن يشهد الجماعة الخلاف في الصلاة ما هي، ومرَّ هناك الجمع بأن الظهر التي في حديث عائشة هناك كانت في المسجد والتي حكتها أُم الفضل هنا كانت في بيته كما رواه النَّسائيّ لكن يعكر عليه رواية ابن إسحاق بلفظ:"خرج إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسَه في مرضه فصلّى المغرب" الحديث. أخرجه التِّرمِذِيّ عن ابن شهاب، ويمكن حمل قولها: خرج إلينا أي: من مكانه الذي كان راقدًا فيه إلى مَنْ في البيت فصلّى بهم فتلتئم الروايات. قاله في "الفتح". قلت: هذا الحمل بعيد جدًا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن له محل للنوم معروفًا يخرج منه إلى المحل الذي فيه أهل البيت، وقد مرت هناك زيادة على اعتراض كون هذه الصلاة في البيت. وقوله:"يقرأ بها" هو في موضع الحال أي: سمعته في حال قراءته.
رجاله ستة:
قد مرّوا إلَاّ أم الفضل، مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرّ ابن شهاب في الثالث منه، ومرَّ عبيد الله في السادس منه، وابن عباس في الخامس منه، وأمّا أُم الفضل فهي لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب وأُخت أُمنا ميمونة بنت الحارث، قال ابن سعد: إنها أوّل امرأة آمنت بعد خديجة. وأخرج الزبير بن بكار وغيره عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الأخوات الأربع مؤمنات أُم الفضل وميمونة وأسماء وسلمى". فأما ميمونة فهي أُم المؤمنين وهي شقيقة أُم الفضل، وكذلك لبابة الصغرى، وعصماء، وعزة، وهذيلة
فكلهن بنات الحارث وأخواتهن لأُمهن أسماء، وسلمى وسلامة بنات عميس الخثعميات وأختهن لأُمهن مَحْمِية بنت جَزْء الزُّبيدية فهذه ست أخوات لأب وأُم وعشر أخوات لأم. وقد قيل: إن زينب بنت خريمة الهلالية اختهن لأُمهن وأُمهن كلهن هند بنت عوف الكنانية، وقيل: الحميرية وهي العجوز التي قيل فيها: أكرم الناس أصهارًا ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأُم الفضل شقيقتها زوجة العباس، وسلمى زوجة حمزة بن عبد المطلب وشقيقتها أسماء زوجة جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها بعده أبو بكر ثم تزوجها بعده علي. قال ابن عبد البر: كانت أُم الفضل من المنجبات وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها ويقيل عندها. ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم: الفضل وبه كانت تكنّى ويكنى زوجها العباس، وعبد الله الحبر، وقُثَم، ومعبد، وعبد الرحمن، وعبيد الله، أُم حبيب سابعة وفيها يقول الشاعر:
ماولدت نجيبة من فحل .... بجبل نعلمه وسهل
كستة من بطن أُم الفضلى .... عم النبي المصطفى ذي الفضل
وخاتم الرسل وخير الرسل
وأخرج ابن سعد بسند جيد أن أُم الفضل قالت: يا رسول الله رأيت أن عضوًا من أعضائك في بيتي، قال: تَلِدُ فاطمة غلامًا وترضعينه بلبن قثم، فولدت حسينًا فبينما هو يقبله إذ بال عليه فقرصته فبكى فقال:"آذيتني في ابني، ثم دعا بماء فحدره حدرًا"، ومن طريق قابوس بن المخارق نحوه وفيه: فأرضعته حتى تحرك فجاءت به النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال فضربته بين كتفيه فقال: "أوجعت ابني رحمك الله" حديث.
وفي الصحيح أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن فشرب وهو بالموقف فعرفوا أنه لم يكن صائمًا كانت تصوم الاثنين والخميس لها ثلاثون حديثاً اتفقا على حديث واحد وانفرد كل واحد منهما بحديث. روى عنها ابناها عبد الله وتمام ومولاها عمير بن الحارث، وكريب مولى ابنها عبد الله، وغيرهم، قال ابن حِبّان: ماتت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس. أخرجه البخاري في "المغازي" عن يحيى بن بكير ومسلم في الصلاة وكذا أبو داود والتِّرْمذِيّ والنَّسائيّ وابن ماجه.