الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع والأربعون
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ.
الحديث مرّ ذكر محل الكلام عليه في الذي قبله.
رجاله خمسة:
مرّ ذكر الثلاثة الأخيرة في الذي قبله، ومرّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرّ هشام الدستوائي في السابع والثلاثين منه. ثم قال المصنف:
باب جهر الإِمام بالتأمين
أي: بعد الفاتحة في الجهر والتأمين مصدر أمّن بالتشديد أي: قال: آمين. وهي بالمد والتخفيف في جميع الروايات، وعن جميع القراء، وحكى الواحدي عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيها ثلاث لغات أخرى شاذة القصر حكاه ثعلب وأنشد له شاهدًا وأنكره ابن درستويه، وطعن في الشاهد بأنه لضرورة الشعر، وحكى عياض، ومَنْ تبعه عن ثعلب أنه أجازه في الشعر خاصة والتشديد مع المد، والقصر وخطأهما جماعة من أهل اللغة، وهو خطأ في المذاهب الأربعة واختلفت الشافعية في بطلان الصلاة بذلك، واختلفت الحنفية أيضًا فعند أبي حنيفة تفسد الصلاة بذلك وعندهما لا تفسد؛ لأنه يوجد في القرآن مثله وهو قوله تعالى:{وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} وعلى قولهما الفتوى. وآمين من أسماء الأفعال مثل صه للسكوت، وتفتح في الوصل لأنها مبنية اتفاقًا مثل كيف، وإنما لم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء، ومعناها: اللهم استجيب عند الجمهور وقيل غير ذلك مما يرجع جميعه إلى هذا المعنى كقول مَنْ قال: اللهم آمنا بخير وقيل كذلك يكون، وقيل درجة في الجنة تجب لقائلها، وقيل لمن استجيب له كما استجيب للملائكة، وقيل هو اسم من أسماء الله تعالى. رواه عبد الرزاق عن أبي هريرة بإسناد ضعيف.
وعن هلال بن يساف التابعي مثله وأنكره جماعة ومن مد وشدد معناها قاصدين إليك، ونقل ذلك عن جعفر الصادق، وقال من قصر وشدد هي كلمة عبرانية، أو سريانية، وقيل هو كنز من كنوز
العرش لا يعلم تأويله إلا الله، وقيل طابع الله على عباده يدفع به عنهم الآفات. وروى أيوب داود عن أبي زهير النميري الصحابي أن آمين مثل الطابع على الصحيفة، ثم ذكر قوله صلى الله عليه وسلم أن ختم بآمين فقد أوجب، ولا خلاف أن آمين ليس من القرآن، حتى قالوا: بارتداد مَنْ قال: إنه منه.
ثم قال: وقال عطاء: آمين دعاء أمن ابن الزبير ومَنْ وراءه حتى إن للمسجد للجة. وكان أبو هريرة ينادي الإِمام لا تفتني بآمين. هذا التعليق إلى قوله: بآمين. وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: قلت له: أكان ابن الزبير يؤمن على إثر أُم الكتاب؟ قال: نعم، ويؤمن مَنْ وراءه حتى إن للمسجد للجة. ثم قال: إنما آمين دعاء قال وكان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإِمام فيناديه فيقول: لا تسبقني بآمين وقوله: حتى ان للمسجد بكسر همزة إن أي: لأهل المسجد وقوله: بلام التأكيد واللجة بالفتح الصوت المرتفع وروي للجبة بالموحدة وسكون الجيم، وهي الأصوات المختلطة وروى البيهقيّ لرجة بالراء بدل اللام وقوله: لا تفُتني بضم الفاء وسكون المثناة من الفوات، وهي بمعنى ما مرَّ عن عبد الرزاق، ومراد أبي هريرة أن يؤمن مع الإِمام داخل الصلاة، وقد تمسك به بعض المالكية في أن الإِمام لا يؤمن، وقال معناه: لا تنازعني بالتأمين الذي هو من وظيفة المأموم وهذا تأويل بعيد قلت: مذهب المالكية أن الإِمام يؤمن في السر كما يأتي تحريره، وقد أخرج البيهقي عن أبي رافع قال: كان أبو هريرة يؤذن لمروان، فاشترط أن لا يسبقه بالضالين حتى يعلم أنه دخل في الصف وكأنه كان يشتغل بالإقامة، وتعديل الصفوف، وكان مروان يبادر إلى الدخول في الصلاة قبل فراغ أبي هريرة، وكان أبو هريرة ينهاه عن ذلك، وقد وقع له ذلك مع غير مروان فروى سعيد بن منصور عن ابن سيرين أن أبا هريرة كان مؤذنًا بالبحرين وأنه اشترط على الإِمام أن لا يسبقه بآمين، والإمام بالبحرين كان العلاء بن الحضرمي كما بينه عبد الرزاق عن أبي سلمة عنه. وأخرج أبو داود عن بلال نحو قول أبي هريرة فروى عن أبي عثمان عن بلال أنه قال: يا رسول الله لا تستبقني بآمين.
ورجاله ثقات لكن قيل: إن أبا عثمان لم يلق بلالًا. وقد روى عنه بلفظ أن بلالًا قال وهو ظاهر في الإرسال، ورجحه الدارقطني، وغيره على الموصول. وهذا الحديث يضعف التأويل؛ لأن بلالًا لا يقع منه ما حمل هذا القائل كلام أبي هريرة عليه وتمسك به بعض الحنفية بأن الإمام يدخل في الصلاة قبل فراغ المؤذن من الإقامة، وفيه نظر؛ لأنهما واقعة عين وصببها محتمل فلا يصح التمسك بها قال ابن المنير: مناسبة قول عطاء للترجمة أنه حكم بأن التأمين دعاء فاقتضى ذلك أن يقوله الإِمام. لأنه في مقام الداعي بخلاف قول المانع أنها جواب للدعاء فيختص بالمأموم، وجوابه أن التأمين قائم مقام التلخيص بعد البسط، فالداعي فصل المفاسد بقوله: اهدنا الصراط المستقيم والمؤمن أتى بكلمة تشمل الجميع، فإن قالها الإِمام فكأنه دعا مرتين مفصلًا ومجملًا.
وعطاء هو ابن أبي رباح، وقد مرّ في التاسع والثلاثين من العلم، ومرَّ عبد الله بن الزبير في الثامن والأربعين منه، ومرّ أبو هريرة في الثاني من الإيمان، وقال نافع: كان ابن عمر لا يدعه
ويحضهم وسمعت منه في ذلك خيرًا قوله: ويحضهم بالضاد المعجمة وقوله: خيرًا بسكون التحتانية أي: فضلًا وثوابًا وهي رواية الكشميهنيّ ولغيره خبرًا بفتح الموحدة أي: حديثًا مرفوعًا ويشعر به ما أخرجه البيهقي كان ابن عمر إذا أمن الناس أمن معهم ويرى ذلك من السنة ومناسبة أثر ابن عمر من جهة أنه كان يؤمن إذا ختم الفاتحة، وذلك أعم من أن يكون إمامًا أو مأمومًا. وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن جريج بلفظ: كان إذا ختم أُم القرآن قال: آمين لا يدع أن يؤمن إذا ختمها الخ. ونافع مرّ في الثالث والسبعين من العلم، ومرّ ابن عمر في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه.