الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكتم إسلامه لامرأة من قومه: هل لك في رجل إن صح كان نِعْم الراعي؟ فضمته إليها وعالجته، فسمعته يقول:
أتت عامر ترجو الهوادة بيننا
…
وهل عامر إلا عدو مداجن
إذا ما رجعنا ثَمَّ لم تك وقعة
…
بأسيافنا في عامر أو نطاعن
وإلا رجونا أن يقاتل بعد ذا
…
عشائرنا والمقربات الصوافن
فوثبوا عليه فقتلوه رضي الله تعالى عنه، والأول أصح، وارتُثّ بالبناء للمجهول أي حمل من المعركة رثيثًا، أي جريحًا وبه رَمَق، قاله في القاموس.
وعلى أنه سَلِيم فهو سَلِيم الأنصاري من رَهْط مُعاذ بن جبل، يقال اسم أبيه الحارث، روى أحمد والطَّبَرانيّ والبَغَوِيّ والطَّحَاوِيّ عن مُعاذ بن رِفاعة الزُّرَقيّ "أن رجلًا من بني سَلِمة يقال له سليم، أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نظل في أعمالنا، فيأتي معاذ بن جبل فيطيل بنا في الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا مُعاذ، لا تكونن فتانًا" ثم قال: "يا سَلِيم، ما معك من القرآن؟ قال: معي أن أسال الله الجنة وأعوذ به من النار، ما أُحسن دندنتك (1)، ولا دندنة مُعاذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تصير دَنْدَنتي ودندنة معاذ إلا إلى أن تسأل الله الجنة وتعوذ به من النار؛ فقال سَلِيم: سترون غدًا إذا لقينا العدوَ إن شاء الله، والناس يجهزون إلى أُحد، فخرج فكان أول الشهداء".
وقد زعم ابن مَنْدَه أن صاحب هذه القصة هو سَليم بن الحارث بن ثَعْلَبَة النَّجَّاريّ. قال في الإِصابة وغاير بينهما ابن عبد البَرّ، والظاهر أنه أصوب، فإن ذاك من بني دينار بن النَّجَّار، فهو خَزْرَجيّ، وهذا من رَهْط سَعْد بن مُعَاذ، ومُعَاذ بن جَبَل فهو أوْسِيّ، وأما جَزْم الخَطِيب بأن صاحب مُعاذ بن جَبَل يقال له سَليم بن الحارث. فلا يدل على التوحد، إذ لا مانع من الاشتراك في اسم الأب، كما اشترك الابن والله تعالى أعلم. أخرجه البخاري هنا وفي باب من شكا إمامه، ومسلم في الصلاة، والنَّسائي في الصلاة وفي التفسير، وابن ماجَه فيه. ثم قال المصنف:
باب تخفيف الإِمام في القيام وإتمام الركوع والسجود
قال الكِرْمَانيّ: الواو بمعنى مع، كأنه قال: باب التخفيف بحيث لا يفوته شيء من الواجبات، فهو تفسير لقوله في الحديث "فليتجّوز" لأنه لا يأمر بالتجوز المؤدي إلى فساد الصلاة. قال ابن المُنير، وتبعه ابن رشيد وغيره: خص التخفيف في الترجمة بالقيام مع أن لفظ الحديث أعم حيث قال "فليتجوز" لأنّ الذي يطول في الغالب إنما هو القيام، وما عداه لا يشق إتمامه على أحد، وكأنّه حمل حديث الباب على قصة مُعاذ، فإن الأمر بالتخفيف فيها مختص بالقراءة، والذي يظهر أن البُخَاريّ أشار بالترجمة إلى بعض ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، وأما قصة مُعَاذ فمغايرة لحديث الباب، لأنّ قصة مُعَاذ كانت في العشاء، إلى آخر ما مرَّ في باب الغضب في الموعظة من كتاب العلم.
وفي قول ابن المُنير: إن الركوع والسجود لا يشق إتمامها، نظرٌ، فإنه إن أراد أقل ما يطلق عليه اسم تَمام، فذاك لابد منه، وإن أراد غاية التَّمَام فقد يشق كما يأتي في حديث البَرَاء قريبًا، أنه عليه الصلاة والسلام كان قيامه وركوعه وسجوده قريبًا من السواء، وفي الطَّبَرانيّ من حديث عَدِيّ بن حاتم "من أَمَّنا فَلْيُتِمَّ الركوع والسجود".