الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس عشر والمئة
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ.
قوله: "قال ابن شهاب" هو الزهري وهو موصول بالأسناد المذكور، وقوله:"فنُرى" بضم النون أي: نظن. وقوله: "من النساء" زاد في باب التسليم المار من هذا الوجه قبل أن يدركهن من انصرف من القوم أي الرجال وهو لفظه في رواية يحيى بن قزعة الآتية بعد أبواب.
رجاله خمسة:
قد مرّوا، مرَّ أبو الوليد في العاشر من الإيمان، ومرّ إبراهيم بن سعد في السادس عشر منه، ومرّ الزهري في الثالث من بدء الوحي، ومرّت هند بنت الحارث وأُم سلمة في السادس والخمسين من العلم.
ثم قال: وقال ابن أبي مريم: أخبرنا نافع بن يزيد قال: حدّثني جعفر بن ربيعة أن ابن شهاب كتب إليه قال: "حدّثتني هند ابنة الحارث الفراسية عن أُم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من صواحباتها قالت: كانَ يسلَّمْ فينصرفُ النساءُ فيدخلْن بيوتَهنَّ مِنْ قَبلِ أنْ ينصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: "من صواحباتها" جمع صاحبة وهي لغة والمشهور صواحب كضوارب وضاربة، وقيل هو جمع صواحب وهو جمع صاحبة. وقوله:"كان يسلم" أي: النبي صلى الله عليه وسلم وأفادت هذه الرواية الإشارة إلى أقل مقدار كان يمكثه صلى الله عليه وسلم.
رجاله ستة:
مرّ ذكر محل الثلاثة الأخيرة في الذي قبله، ومرّ سعيد بن أبي مريم في الأربعين من العلم، ومرّ جعفر بن ربيعة في الرابع من كتاب التيمم والباقي من السند نافع بن يزيد الكَلاعي بفتح الكاف أبو يزيد المصري يقال إنه مولى شرحبيل بن حسنة. قال أحمد بن صالح المصري: كان من ثقات الناس، وقال أبو حاتم والنَّسائيّ: ليس به بأس. وقال ابن يونس: كان ثبتًا في الحديث لا يُختلف
فيه. وقال العجلي: مصري ثقة، وقالَ الحاكم: ثقة مأمون، وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال ابن أبي مريم: حدّثنا نافع بن يزيد وكان من خيار أُمة محمد صلى الله عليه وسلم. روى عن هشام بن عروة وجعفر بن ربيعة وحيوة بن شريح وخالد بن يزيد وغيرهم، وروى عنه ابن وهب وبقية وسعيد بن أبي مريم وأبو صالح كاتب الليث وغيرهم. مات سنة ثمان وستين ومئة، وهذا الحديث رواه البخاري معلقًا وقد وصله محمد بن يحيى الذهلى في الزهريات. ثم قال: وقال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: أخبرتني هند الفراسية وصله النَّسائيّ عن محمد بن مسلمة بالإسناد المذكور ولفظه: "أن النساءَ كنَّ إذا سلَّمن قمنَ وثبتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومَنْ صلَّى مِنَ الرجالِ ما شاءَ اللهُ فإذا قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قامَ الرجالُ".
وقوله: "الفِراسية" بكسر الفاء وتخفيف الراء نسبة إلى (بني فراس) بطن من كنانة ومراد البخاري بيان الاختلاف في نسب هند فمنهم من قال الفراسية كما في هذه الرواية، ومنهم مَنْ قال القرشية كما في غيرها فمن قال من أهل النسب إن كنانة جماع قريش فلا مغايرة بين النسبتين، ومن قال إن جماع قريش فهر بن مالك فيحتمل أن يكون اجتماع النسبتين لهند على أن إحداهما بالأصالة والأخرى بالمحالفة.
رجاله ثلاثة:
مرّوا، مرّ ابن وهب في الثالث عشر من العلم، ومرَّ يونس في متابعة بعد الرابع من بدء الوحي، ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه. ثم قال: وقال عثمان بن عمر: أخبرنا يونس عن الزهري حدّثتني هند القرشية، وهذا التعليق وصله البخاري فيما يأتي قريبًا في باب "خروج النساء إلى المساجد بالليل". ورجاله أربعة مرّ ذكر محل يونس والزهري في التعليق الذي قبله، ومرّ ذكر محل هند في أول روايته قبل حديث. وأما عثمان بن عمر فهو ابن فارس بن لقيط العبدي أبو محمد وقيل أبو عدي، وقيل أبو عبد الله البصري قيل أصله من بخارى أحد الأثبات، وثّقه أحمد. وابن معين والعجلي وابن سعد وآخرون. وذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال أبو حاتم: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه قال في المقدمة: قد نقل البخاري عن علي بن المديني أن يحيى بن سعيد احتج به ويحيى بن سعيد شديد التعنت في الرجال ولاسيما من كان من أقرانه، وقد احتج به الجماعة روى عن ابن عون ويونس بن يزيد وابن أبي ذيب وشعبة ومالك بن أنس وهشام بن حسّان وغيرهم. وروى عنه أحمد وإسحاق وبندار وأبو موسى وعبد الله بن محمد المسندي وغيرهم. مات سنة ثمان أو تسع ومئتين.
ثم قال: وقال الزبيدي: أخبرني الزهري أن هندًا بنت الحارث القرشية أخبرته وكانت تحت معبد بن المقداد وهو حليف بني زهرة، وكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وصله الطبراني في مسند الشاميين عن عبد الله بن سالم عنه بتمامه وفيه:"أنَّ النساءَ كنَّ يشهدنَ الصلاةَ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فإذا سلَّم قامَ النساءُ فانصرفنَ إلى بيوتهن قبلَ أنْ يقومَ الرجالُ".
رجاله ثلاثة:
وفيه ذكر معبد بن المقداد. مرّ الزبيدي وهو محمد بن الوليد أبو الهذيل في التاسع عشر مع العلم، ومرّ ذكر محل الزهري وهند في التعليقين اللذين قبله، وأما معبد فهو ابن المقداد بن الأسود الكندي بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود النهراني، وقيل الحضرمي كان يكنى به أبوه المقداد أخرج الدولابي عن هلال بن سياق قال:"بعثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سرية وأَمَّرَر عليها المقدادَ، فلما رجعَ قال: كيف رأيت الإمارةَ يا أبا معبدٍ؟ قال: خرجت يا رسولَ اللهِ وأنا أحدُهم ورجعتُ أبنائُهم كالعبيد لي قال: كذلك الإمارةُ يا أبا معبدٍ إلا مَنْ وقاهُ الله شرَّها. قال: لا جرمَ والذي بعثَكَ بالحقِّ لا أتأمرُ على رجلين". ثم قال: وقال شعيب: حدثتني هند القرشية وهذا التعليق وصله محمد بن يحيى في الزهريات.
رجاله ثلاثة:
مرّ شعيب في السابع من بدء الوحي، ومرّ الزهري في الثالث منه، ومرّت هند في السادس والخمسين من العلم. ثم قال: وقال ابن أبي عتيق عن الزهري عن هند الفراسية، وهذا التعليق موصول في الزهريات أيضًا والزهري وهند ذكرا الآن وابن أبي عتيق هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، واسم أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي المدني. ذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال الذهلي: هو حسن الحديث عن الزهري، كثير الرواية مقارب الحديث لولا أن سليمان بن بلال يحدث عنه لذهب حديثه وقال ابن أبي ذيب وابن أبي عتيق مقاربان في الرواية عن الزهري، فأما ابن أبي ذيب فمشهور، وأما ابن أبي عتيق فهو مدني لم يروِ عنه فيما علمت غير سليمان بن بلال، وسمعت أيوب بن سليمان سئل عن نسبه فذكره. وقال ما علمت أحدًا روى عنه بالمدينة غير أبي روى عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وأبي يونس مولى عائشة والزهري وغيرهم. وروى عنه سليمان بن بلال وعبد العزيز بن أبي ساعة الماجشون ومحمد بن إسحاق ويزيد بن زريع وحمّاد بن سلمة وغيرهم. ثم قال: وقال الليث: حدّثني يحيى بن سعيد حدّثه ابن شهاب عن امرأة من قريش حدّثته عن النبي صلى الله عليه وسلم أشار البخاري برواية الليث هذه إلى الردّ على مَنْ زعم أن قول مَنْ قال القرشية تصحيف من الفراسية لقوله فيه عن امرأة من قريش. وفي رواية الكشميهني أن امرأة. وقوله: فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير موصول؛ لأنها تابعية، وكان التقصير فيه من يحيى بن سعيد الأنصاري. وروايته عن ابن شهاب من رواية الأقران، وفي الحديث مراعاة الإِمام أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحذور، وفيه اجتناب مواضع التهم وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرق فضلًا عن البيوت، ومقتضى التعليل المذكور أن المأمومين إذا كانوا رجالًا فقط أن لا يستحب هذا المكث، وعليه حمل ابن قدامة حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم:"كانَ إذا سلَّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول اللَّهُمَّ أنت السَّلامُ ومنك السَّلامُ تباركت يا ذا الجلالِ والإِكرامِ". أخرجه مسلم وفيه: "أن النساءَ كنَّ يحضرنَ الجماعةَ في المسجدِ" وستأتي المسألة