الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع والأربعون
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِى ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ.
هذا الحديث قد مرَّ استيفاء الكلام عليه قبل باب، قال ابن المُنير: وجه دخوله في هذا الباب أن الصفة المذكورة إنما توجد غالبًا في عجمي حديث عهد بالإِسلام، لا يخلو من جهل بدينه، ولا يخلو من هذه صفته عن ارتكاب البدعة، ولو لم يكن إلا افتتانه بنفسه حتى تقدم للإمامة، وليس من أهلها.
رجاله خمسة:
وفيه ذكر أبي ذَرٍّ، وقد مروا جميعًا.
الأول: محمد بن أبَان، والمراد به البَلْخِيّ، لأن محمد بن أبَان الواسِطِيّ ليست له رواية عن غُنْدُر، والبَلْخيّ قد مرَّ في الخامس والستين من كتاب مواقيت الصلاة، ومرَّ غُنْدُر فى الخامس والعشرين من الإيمان، ومرَّ شُعْبَةُ في الثالث منه، ومرَّ أَنَس في السادس منه، ومرَّ أبو ذَرٍّ في الثالث والعشرين منه، ومرَّ أبو التّيّاح في الحادي عشر من العلم. ثم قال المصنف:
باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين
قوله: يقوم، أي المأموم، وقوله: بحذائه، بكسر المهملة وذال معجمة بعدها مدة، أي بجنبه، فأخرج بذلك من كان خلفه أو مائلًا عنه. وقوله: وسواء، أخرج به من كان إلى جنبه، لكن على بعد عنه، والظاهر أن قوله بحذائه يخرج هذا أيضًا. وقوله: سواء، أي لا يتقدم ولا يتأخر. في أكثر الروايات باب بالتنوين يقوم إلخ، وأورده الزَّين بن المُنير بلفظ "باب من يقوم" بالإضافة، وزيادة "مَن" وشرحه على ذلك، وتردد بين كونها موصولة أو استفهامية، ثم أطال في حكمة ذلك، وأن سببه كون المسألة مختلفًا فيها، والواقع أن من محذوفة، والسياق ظاهر في أن المصنف جازم بحكم المسألة لا متردد، وفي انتزاع هذا من الحديث الذي أورده بعد، وكأنّ المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه في الطهارة عن ابن عباس بلفظ "فقمت إلى جنبه" وظاهره المساواة.
وروى عبد الرّزاق عن ابن جُرَيْح قال: قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه؟ قال: إلى شِقَّه الأيمن. قلت: أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم.
قلت: أتحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فرجة؟ قال: نعم. وفي "الموطأ" عن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود قال: دخلت على عمر بن الخَطّاب بالهاجرة، فوجدته يسبح، فقمت وراءه، فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه. وقوله: إذا كانا اثنين، أي إمامًا ومأمومًا، بخلاف ما إذا كانا مأمومين مع إمام، فإن الإمام يتقدم عليهما.
وقد نقل بعضهم الاتفاق على أن المأموم الواحد يقف عن يمين الإمام إلا النَّخعَيّ فقال: إذا كان الإمام ورجل، قام الرجل خلف الإمام، فإن ركع الإمام قبل أن يجيء أحد قام عن يمينه. أخرجه سعيد بن منصور، ووجهه بعضهم بأن الإمامة مظنة الاجتماع، فاعتبرت في موقف المأموم حتى يظهر خلاف ذلك، وهو حسن، لكنه مخالف للنص، وهو قياس فاسد، ثم الظاهر أن إبراهيم إنما كان يقول بذلك حيث يظن ظنا قويًا مجيء ثان، وقد روى سعيد بن منصور أيضًا عنه قال: ربما قمت خلف الأسود وحدي حتى يجيء المؤذن. قال في "الفتح": قال أصحابنا: يستحب أن يقف المأموم دونه قليلًا. قلت: ومذهبنا أيضًا كذلك، فإنه يقف عن يمينه متاخراً عنه قليلًا.