الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس عشر
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ. قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ.
وموضع الترجمة منه قوله: باضطراب لحيته. فيه الحكم بالدليل، لكونهم حكموا باضطراب لحيته على قراءته، لكن لابد من قرينة تعين القراءة دون الذكر والدعاء، مثلًا لأن اضطراب اللحية يحصل بكل منهما، وكأنهم نظروه بالصلاة الجهرية؛ لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء. وإذا انضمّ إلى ذلك قول أبي قتادة: كان يسمعنا الآية أحيانًا قوي الاستدلال. وقال بعضهم: احتمال الذكر ممكن، لكن جزم الصحابي بالقراءة مقبول لأنه أعرف بأحد المحتملين، فيقبل تفسيره. واستدل به المصنّف على رفع بصر الإمام إلى المأموم هنا، وعلى مخافتة القراءة في الظهر والعصر كما سيأتي.
واستدل به البيهقي على أن الإسرار بالقراءة لابد فيه من إسماع المرء نفسه، وذلك لا يكون إلا بتحريك، للسان والشفتين، بخلاف ما لو أطبق شفتيه، وحرّك لسانه بالقراءة فإنه لا تضطرب بذلك لحيته، فلا يسمع نفسه. وفي هذا نظر لا يخفى.
رجاله ستة:
مرّت الثلاثة الأول منهم، مرّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بدء الوحي، ومرّ عبد الواحد بن زياد في التاسع والعشرين من الإيمان، ومرّ الأعمش في الخامس والعشرين منه.
الرابع: عُمارة بن عمير التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة كوفي. قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: ثقة وزيادة، أيسال عن مثل هذا. وقال ابن مَعين وأبو حاتم والنَّسائي: ثقة. وقال العجلي كوفي: ثقة. وكان خيارًا نظر إلى رجل فقال: ألست الذي كنت تجالسنا؟ قال: بلى. قال: فأخرج صرّة فيها خمسون دينارًا فدفعها إليه، وذكره ابن حبّان في الثقات. رأى عبد الله بن عمر. وروى عن الأسود وعبد الرحمن بن يزيد وأبي معمر عبد الله بن سَخْبَرة وغيرهم. وروى عنه إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة، والأعمش، ومنصور بن المعتمر وغيرهم مات في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين، وقيل سنة اثنتين وثمانين.
الخامس: أبو معمر عبد الله بن سَخْبَرة بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الكوفي من أزد شنوءة. ذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن سعد: ثقة وله أحاديث. وقال العجلي: تابعي ثقة، روى عن عمر وعلي والمقداد وابن مسعود وخبّاب وأبي موسى، وروى عنه عُمارة بن عمير ومجاهد وإبراهيم النخعي وغيرهم، توفي في ولاية عبيد الله بن زياد.
السادس: خَبّاب بن الأرَتّ بتشديد المثناة ابن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي، ويقال الخزاعي أبو عبد الله سبي في الجاهلية فبيع بمكة، فكان مولى أم أنمار الخزاعية. وقيل غير ذلك، ثم حالف بني زهرة. وقال الطبري: إنما انتسب في بني زهرة لأن آل سباع حلفاء عمرو بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، وآل سباع منهم سباع بن أم أنمار الخزاعية كان من السابقين الأوّلين، أسلم قديمًا وكان من المستضعفين. روى البارودي أنه أسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه، وعذب عذابًا شديدًا لذلك.
روى أبو داود عن الشعبي قال: سأل عمر خبابًا عمّا لقي من المشركين؟ فقال: يا أمير المؤمنين: انظر إلى ظهري، فنظر فقال: ما رأيت كاليوم! قال خبّاب: لقد أوقدت لي نار وسحبت عليها، فما أطفاها إلا ودك ظهري.
شهد المشاهد كلها، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين تميم مولى خِرَاش بن الصَمّة. وقيل آخى بينه وبين جبير بن عتيك. قال ابن عبد البر: والأول أصح. واقتصر في الإصابة على الثاني.
كان يعمل السيوف في الجاهلية، ثبت ذلك في الصحيحين، وثبت فيهما أيضًا أنه تمول وأنه مرض مرضًا شديدًا حتى كاد أن يتمنى الموت.
وروى مسلم من طريق قيس بن أبي حازم قال: دخلنا على خبّاب وقد اكتوى فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. وروى الطبراني من طريق زيد بن وهب قال: لمّا رجع علي من صفّين مرَّ بقبر خبّاب فقال: يرحم الله خبّابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه أحوالًا، ولن يضيع الله أجره. له اثنان وثلاثون حديثًا، اتفقا على ثلاثة، وانفرد البخاري باثنين، ومسلم بواحد. روى عنه علقمة، ومسروق، وقيس بن إبي حازم، وأبو أمامة وابنه عبد الله، وأبو معمر.
مات بالكوفة سنة سبع وثلاثين، منصرف علي من صفّين، وصلّى عليه عليّ. ويقال إنّه أول من دفن بظهر الكوفة، وأنه عاش ثلاثًا وستين سنة. وقيل: مات سنة تسع وثلاثين بعد أن شهد مع علي صفين والنهروان، وصلّى عليه عليّ. وقيل: مات سنة تسع عشرة بالمدينة وصلّى عليه عمر رضي الله تعالى عنهما. والأول أصح.