الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السبعون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَاّدٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ. قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ.
قوله: "عن علي بن يحيى" في رواية ابن خزيمة أن علي بن يحيى حدّثه. وقوله: "فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده" ظاهره أن قول التسميع وقع بعد رفع الرأس من الركوع فيكون من اذكار الاعتدال وقد مضى في حديث أبي هريرة وغيره ما يدل على أنه ذكر الانتقال وهو المعروف ويمكن الجمع بينهما بأن معنى قوله: فلما رفع رأسه أي: فلما شرع في رفع رأسه ابتدأ القول المذكور وأتمه بعد أن اعتدل ومباحث التسميع والتحميد مرَّ جلها في باب إنما جعل الإِمام ليؤتم به وبعضها في باب فضل اللهم ربنا لك الحمد قريبًا.
وقوله: "قال رجل" زاد الكشميهني وراءه والرجل هو رفاعة بن رافع راوي الخبر واستدل على ذلك بما رواه النسائي عن رفاعة بن يحيى الزرقي عن رفاعة بن رافع قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله الحديث. ونوزع في تفسيره به لاختلاف سياق السبب والقصة والجواب أنه لا تعارض بينهما بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مانع أن يكني عن نفسه لقصد إخفاء عمله أو كنى عنه بعض الرواة لنسيان اسمه وأما ما عدا ذلك من الاختلاف فلا يتضمن إلَاّ زيادة لعل الراوي اختصرها كما سنبينه وأفاد بشر بن عمر الزهراني في روايته عن رفاعة بن يحيى أن تلك الصلاة كانت المغرب.
وقوله: "مباركًا فيه" زاد رفاعة بن يحيى مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى فأما قوله: "مباركًا عليه" فيحتمل أن يكون تأكيدًا وهو الظاهر وقيل الأول بمعنى الزيادة، والثاني بمعنى البقاء قال الله تعالى:{وَبَارَكَ فِيهَا} وقدر فيها أقواتها الآية وهذا يناسب الأرض؛ لأن المقصود به النماء والزيادة لا البقاء؛ لأنه بصدد التغير وقال تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} وهذا يناسب الأنبياء؛ لأن
البركة باقية لهم ولما كان الحمد يناسبهما جمعهما.
وأما قوله: "كما يحب ربنا ويرضى" ففيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد.
وقوله: "مَنِ المتكلم" زاد رفاعة بن يحيى في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثانية فلم يتكلم أحد ثم قالها الثالثة فقال رفاعة بن رافع: أنا فقال: كيف قلت: قال: فقلت: الحمد لله إلخ، فقال: والذي نفسي بيده الحديث.
وقوله: "بضعة وثلاثين" أي: بكسر الباء ورد على مَنْ زعم كالجوهري أن البضع يختص بما دون العشرين.
وقوله: "أيهم يكتبها أول" في رواية رفاعة بن يحيى المذكورة أيهم يصعد بها أول، وللطبراني عن أبي أيوب أيهم يرفعها قال السهيلي: روى أول بالضم على البناء؛ لأنه ظرف قطع عن الإضافة أي أولهم وبالنصب على الحال وأما أيهما فروي بالرفع وهو مبتدأ وخبره يكتبها كما في قوله تعالى: {يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} وقيل هذا في موضع نصب والعامل فيه ما دل عليه يلقون وأي استفهامية والتقدير مقول فيهم أيهم تكتبها ويجوز في أيهم النصب بأن يقدر المحذوف فينظرون أيهم وعند سيبويه أي موصولة والتقدير يبتدرون الذي هو يكتبها أول وأنكر جماعة من البصريين ذلك ولا تعارض بين روايتي يكتبها ويصعد بها؛ لأنه يحمل على أنهم يكتبونها ثم يصعدون بها والظاهر أن هؤلاء غير الحفظة ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا أن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر الحديث واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة.
قلت كتب غير الحفظة لها لا يمنع من كتب الحفظة لها فيكتبها الجميع تنويهًا بعظم قدرها عند الله تعالى وقد استشكل فأخبر رفاعة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حين كرر سؤاله ثلاثًا مع أن إجابته واجبة عليه وعلى كل مَنْ سمع رفاعة فإنه لم يسأل رفاعة وحده وأجيب بأنه لما لم يعين واحدًا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه فكأنهم انتظر بعضهم بعضًا ليجيب وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنًا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو عنه وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسًا ويدل على ذلك أنه في رواية سعيد بن عبد الجبار عن ابن قانع قال رفاعة: فوددت أني خرجت من مالي وأني لم أشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة ولأبي داود عن عامر بن ربيعة قال: مَنْ القائل الكلمة فإنه لم يقل بأسًا فقال: أنا قلتها لم أرد بها إلَاّ خيرًا.
وللطبراني عن أبي أيوب فسكت الرجل ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء كرهه فقال: مَنْ هو فإنه لم يقل إلا صوابًا، فقال الرجل: أنا يا رسول الله قلتها أرجو بها الخير، ويحتمل