الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون المصلون لم يعرفوه بعينه إما لإِقبالهم على صلاتهم وإما لكونه في آخر الصفوف فلا يرد السؤال في حقهم والعذر عنه هو ما قدمناه والحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم له عمن قال أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله.
وقد قيل إن الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور فإن البضع من الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفًا ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهي قوله مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى بناء على أن القصة واحدة ويمكن أن يقال المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله حمدًا كثيرًا إلى آخره دون قوله مباركًا عليه فإنه كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفًا.
وأما ما وقع عند مسلم عن أنس لقد رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني ثلاثة عشر فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها أيضًا في سياق حديث الباب لكن على اصطلاح النحاة قاله في "الفتح" ولم أفهم المراد بقوله على اصطلاح النحاة وأخد من الحديث جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور وجواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على مَنْ معه واستدل به على أن العاطس في الصلاة يحمد الله تعالى بغير كراهة وأن المتلبس بالصلاة لا يتعين عليه تشميت العاطس.
قلت: وعند المالكية يكره حمد العاطس على المشهور لاشتغاله بما هو أهم وقيل: خلاف الأولى وكذا يكره عند الحنابلة ولو شمت المصلى لعاطس بأن قال له: يرحمك الله بطلت صلاته عند الأئمة الأربعة وروي عن أبي حنيفة كما في المحيط أن العاطس يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرك لسانه ولو حرك تفسد صلاته والصحيح أنه يحمد الله بدون كراهة قاله العيني واستدل به على تطويل الاعتدال بالذكر وقد استوفى الكلام عليه في باب استواء الظهر في الركوع واستنبط منه ابن بطال جواز رفع الصوت بالتبليغ خلف الإِمام وتعقبه الزين بن المنير بأن سماعه صلى الله عليه وسلم لصوت الرجل لا يستلزم رفعه لصوته كرفع صوت المبلغ وفي هذا التعقب نظر لأن غرض ابن بطال إثبات جواز الرفع في الجملة وقد قال ابن عبد البر واستدل له بإجماعهم على أن الكلام الأجنبي يبطل عمده الصلاة ولو كان سرًا قال وكذلك الكلام المشروع في الصلاة لا يبطلها ولو كان جهرًا وقد مرَّ الكلام على مسألة المبلغ في باب حد المريض أن يشهد الجماعة.
رجاله ستة:
وفيه رجل مبهم، مرّت منهم الثلاثة الأول، مرّ عبد الله بن مسلمة في الثاني عشر من الإِيمان، ومرّ نعيم المجمر في الثاني من الوضوء، ومرّ مالك في الثاني من بدء الوحي.
والثلاثة الأخر الأول منها: علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الزرقي الأنصاري. قال ابن معين والنسائي: ثقة، وذكره ابن حِبّان في
"الثقات" ووثقه ابن البرقي والدارقطني وغيرهما روى عن أبيه وعن عم أبيه رفاعة بن رافع وأبي السائب وروى عنه ابنه يحيى ونعيم المجمر وبكير بن الأشج وشريك بن أبي غر وإسحاق بن أبي طلحة وأبو طوالة وهم من أقرانه مات سنة تسع وعشرين ومئة.
الثاني: أبو الأول يحيى بن خلاد الزرقي المدني قيل إنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ذكره ابن حِبّان في "الثقات" روى عن رفاعة بن رافع وعن عمر بن الخطاب وروى عنه ابنه علي وابن ابنه يحيى قال أبو بكر بن أبي عاصم، مات سنة ثمان وعشرين ومئة وقال الواقدي مات سنة تسع وعشرين واعترض ابن حجر هذا قائلًا: "إنه يلزم عليه أن أحدًا ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلغ مئة وعشرين سنة وأكثر وهذا مخالف للنص الصحيح الثابت في الصحيحين وإنما قيل هذا في تاريخ ولد ولده يحيى بن علي.
الثالث: عم الذي قبله رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الخزرجي الزرقي أبو معاذ وأُمه أُم مالك بنت أُبي بن سلول مشهورة شهد هو وأبوه العقبة وبقية المشاهد شهد معه بدرًا أخواه خلاد ومالك ابنا رافع واختلف في شهود أبيهم رافع بن مالك بدرًا وشهد رفاعة مع علي الجمل وصفين ففي ابن عبد البر عن عمر بن شبة أن الشعبي قال لما خرج طلحة والزبير: كتبت أُم الفضل بنت الحارث بخروجهم فقال علي: العجب لطلحة والزبير أن الله عز وجل لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم قلنا: نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا وأيم الله لولا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على بعض الألم ثم لم نر بحمد الله إلا خيرًا ثم وثب الناس على عثمان فقتلوه ثم بايعوني ولم أستكره أحدًا وبايعني طلحة والزبير ولم يصبرا شهرًا كاملًا حتى خرجا إلى العراق ناكثين اللهم خذهما بفتنتهما للمسلمين فقال رفاعة بن رافع: إن الله لما قبض رسوله عليه الصلاة والسلام ظننا أنا أحق الناس بهذا الأمر لنصرتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومكاننا من الدين فقلتم نحن المهاجرون الأولون وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون وأنا نذكركم الله تعالى أن تنازعونا مقامه في الناس فخليناكم والأمر فأنتم أعلم وما كان بينكم غير أنا لما رأينا الحق معمولًا به والكتاب متبعًا والسنة قائمة رضينا ولم يكن لنا إلا ذلك فلما رأينا الأثرة أنكرنا لنرضي الله عز وجل ثم بايعناك ولم نألُ وقد خالفك من أنت في أنفسنا خير منه وأرضى فمرنا بأمرك وقدم الحجاج بن غزية فقال: يا أمير المؤمنين:
داركها داركها قبل الفوت
…
لا وألت نفسي إن خفت الموت
يا معشر الأنصار انصروا أمير المؤمنين أُخرى كما نصرتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أُولى والله إن الآخرة لشبيهة بالأُولى إلَاّ إن الأُولى أفضلهما.
له أربعة وعشرون حديثًا انفرد البخاري بثلاثة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعبادة بن الصامت وروى عنه ابناه عبيد ومعاذ وابن أخيه يحيى وابنه علي بن يحيى مات في زمن معاوية سنة