الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عن قوم هود: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} (1){وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} (2) قال ابن كثير: " {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} (3) اختلف المفسرون في الريع بما حاصله: أنه المكان المرتفع عند جواد الطرق المشهورة، تبنون هناك بناء محكما باهرا هائلا؛ ولهذا قال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً} (4) أي: معلما بناء مشهورا: {تَعْبَثُونَ} (5) وإنما تفعلون ذلك عبثا لا للاحتياج إليه بل لمجرد اللعب، واللهو، وإظهار القوة. . . ثم قال: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} (6) قال مجاهد: المصانع: البروج المشيدة، والبنيان المخلد. . . "(7).
إن الصناعة العمرانية- خاصة في الأزمنة المتأخرة- سبب من أسباب الرزق المبارك حيث تبنى الدور والعمارات والأسواق، وتستثمر في مجالات عدة، وهي تعتبر رافدا من روافد الاقتصاد المهمة في العصر الحاضر، ويشتغل به قطاع كبير من الناس، بل ويعتمدون عليه في أرزاقهم ومعاشهم.
وهناك طرق وأسباب للحصول على الأرزاق، لكن ما ذكرناه فيه الكفاية، والله أعلم.
(1) سورة الشعراء الآية 128
(2)
سورة الشعراء الآية 129
(3)
سورة الشعراء الآية 128
(4)
سورة الشعراء الآية 128
(5)
سورة الشعراء الآية 128
(6)
سورة الشعراء الآية 129
(7)
تفسير ابن كثير 6/ 162.
الأسباب المنقصة للرزق:
إنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعة الله، كما أن معصية الله
سبب لزوال نعم الله، وهذه الأسباب كثيرة؛ منها ما ينافى طرق كسب الرزق المذكورة، ومنها ما سنذكره هنا باختصار:
1 -
الكفر والإعراض: قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (1){فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} (2){ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (3) وقال عز وجل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (4)
2 -
الطغيان: قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (5){كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (6)
3 -
الظلم، وأكل الربا، واكل أموال الناس بالباطل: قال جل وعلا: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (7){وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (8)
4 -
تبديل النعمة كفرا: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} (9)
(1) سورة سبأ الآية 15
(2)
سورة سبأ الآية 16
(3)
سورة سبأ الآية 17
(4)
سورة النحل الآية 112
(5)
سورة طه الآية 80
(6)
سورة طه الآية 81
(7)
سورة النساء الآية 160
(8)
سورة النساء الآية 161
(9)
سورة إبراهيم الآية 28
5 -
ظلم النفس: قال تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (1)
6 -
فعل المعاصي: أخرج أحمد وابن ماجه من حديث ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه (2)» .
7 -
نقص الميزان: أخرج مالك بلاغا عن عبد الله بن عباس أنه قال: ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق، ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم، ولا ختر قوم العهد إلا سلط الله عليهم العدو (3).
وقد قيل:
إذا كنت ذا نعمة فارعها
…
فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بذكر الإله
…
فإن الإله سريع النقم
(1) سورة البقرة الآية 57
(2)
المسند في مسند الأنصار رقم 21402، 31379، والسنن لابن ماجه كتاب الفتن رقم الحديث 4012، ورجاله ثقات عدا عبد الله بن أبي الجعد: مقبول، وذكره العجلوني في كشف الخفاء 1/ 227 رقم 700 ثم قال: صححه الحاكم.
(3)
الموطأ لمالك 2/ 460 رقم 26 ثم قال ابن عبد البر: قد رويناه متصلا عنه، ومثله لا يقال رأيا.