الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ب)
النشأة والتطور:
أولا: النشأة: نشأت فرقة الماتريدية على يد أبي منصور الماتريدي والذي تنسب إليه كما تقدم، ولم يكن هناك من أصل لهذه التسمية قبل الماتريدي، ولا نعرف هل ظهرت هذه النسبة إليه في حياته أم بعد وفاته؟ وقد تأثر الماتريدي ولا شك بالحنفية من الجهمية والمعتزلة والمرجئة أكثر مما تأثر بالحنفية السنية السلفية، فجنى عليه هؤلاء، فيما أثر هو في أتباعه الماتريدية، وجنى عليهم كذلك.
ويبدو أن لا وجود للماتريدية بصورة فرقة إلا بعد وفاة إمامهم الماتريدي؛ لأن الفرقة تتكون من مجموعة تلامذته.
وقد أثر الماتريدي في الحنفية في سمرقند تأثيرا بالغا، حتى أصبح غالب الحنفية من الماتريدية.
ثانيا: التطور: لقد مرت الماتريدية بعدة أدوار تاريخية أهمها ما يلي:
(1)
دور التأسيس ووضع الأصل: وهذا كان مرتبطا بحياة الماتريدي ما بين عامي (238 - 333 هـ)، وقد تميز هذا الدور بكثرة المساجلات بين الماتريدي وبين المعتزلة.
(2)
دور التكوين: وقد ارتبط هذا الدور بتلاميذ الماتريدي، ويمتد منذ وفاة الماتريدي إلى نحو عام (400 هـ)، حيث انتشر تلاميذ الماتريدي، وبدءوا في نشر كلامه وأفكاره والانتصار لها والدفاع عنها.
(3)
دور الانتشار: وقد ارتبط ذلك بظهور أشخاص أكثروا من التأليف والكتابة عن الماتريدي وأفكاره وأصوله والانتصار لها، ويمكن اعتبار هذا الدور ممتدا ما بين عام 400هـ حتى يومنا هذا، وقد ظهر فيه أمثال أبي اليسر البزدوي (493هـ)، وازداد انتشارها على يد أبي المعين النسفي (508هـ)، ونجم الدين عمر النسفي (537هـ)، وحافظ الدين عبد الله النسفي (710هـ). وهذا الدور كان من أهم أدوار الماتريدية، وشهد مناظرات بين الماتريدية والأشعرية، وخصوصا عند نور الدين أحمد بن محمد الصابوني (580هـ).
وكذلك فقد شمل هذا الدور فترة الحكم العثماني بكاملها والتي شهدت تمكنا وتسلطا من الماتريدية على عموم الوظائف الدينية في ولايات الدولة العثمانية، وكذلك شهد انتشار مذهب الماتريدية في كثير من البلاد الإسلامية، وشهد ظهور كثير من أعلام الماتريدية كالتفتازاني والجرجاني وابن الهمام ومرورا بمحمد قاسم الديوبندي وأحمد رضا البريلوي ثم الكوثري الماتريدي وغيره.
وقد شهد هذا الدور كذلك هجوما شديدا من الماتريدية على أصحاب العقيدة السلفية ووصفهم لهم بأشنع الأوصاف وأقبحها، وخصوصا بعد انتشار الدعوة السلفية- التي أطلقوا عليها تشنيعا اسم الوهابية - في الجزيرة العربية.