الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد، فالذي يليه حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي- أو قال غيره- فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود (1)».
الكريم خلقنا من العدم تفضلا منه وكرما، وربانا بالنعم من غير حول منا ولا قوة، وأعطانا من دون أن نسأله، وأمرنا بالسؤال حتى يزيدنا من فضله؛ فمن سأله رضي عنه، وأحبه، وأعطاه مسألته، ومن لم يسأله يغضب عليه ويحرمه. جعل الدعاء هو العبادة تحببا منه لعباده، رتب العطاء والرزق والزيادة على من أقبل عليه ودعاه وألح في دعائه، وسأله استجابة لدعوته، وطمعا في كرمه وخوفا من عذابه، تكفل لكل من سأله أن يجيبه، وحدد أوقاتا وأزمانا وأمكنة لسؤاله حتى لا يبتعد عنه عباده، أو يغفلوا، وحتى يلازموا بابه؛ لينهمر عليهم رزقه وفضله وعطاؤه. نسأل الله مزيدا من نعمه وآلائه في الدنيا والآخرة.
(1) انظر فتح الباري 2/ 413 رقم 933
17 -
الغنائم والفيء:
الغنيمة: ما أوجف عليه المسلمون بخيلهم وركابهم من أموال المشركين. والفيء: ما أفاء الله من أموال المشركين على المسلمين بلا حرب، ولا إيجاف عليه (1).
(1) لسان العرب 12/ 446
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكفل الله لمن جاهد في سبيله، لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق بكلماته، أن يدخله الجنة، أو يرده إلى مسكنه بما نال من أجر أو غنيمة (1)» . وأخرج الحاكم بسنده من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس منها صاحب شاهقة، يأكل من رسل غنمه، أو رجل من وراء الدروب، آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه (2)» . وأخرج أحمد بسنده من حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم (3)» .
إن من أفضل المكاسب ما يغنمه المسلم من مال الكافر؛ لأنه حصله من أفضل الأعمال وهو الجهاد، ولذلك قصر النبي صلى الله عليه وسلم الرزق على ما يأتي من أثر الجهاد؛ صح عند مسلم من حديث أبي هريرة في الحديث الطويل الذي ذكره صلى الله عليه وسلم عن نبي من الأنبياء
(1) انظر فتح الباري 13/ 441 رقم 463، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1496 رقم 1876
(2)
المستدرك 2/ 93
(3)
المسند 2/ 50، 92، وذكره ابن كثير في التفسير 1/ 213، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 2828 ثم قال: صحيح، وصححه أحمد شاكر في المحققة 7/ 121 رقم 5114