الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمغيرة من أصحاب مالك (1).
القول الثالث: أن الطواف بالبيت على غير طهارة، جائز مطلقا حتى للنفساء، ولا يحرم إلا على الحائض فقط.
وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري.
القول الرابع: أن الطهارة من الحدث سنة، وأن الحائض والنفساء إذا احتاجتا للطواف لتعذر الإقامة، طافتا، ولا شيء عليهما. وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
(1) انظر: منسك خليل ص 63. مواهب الجليل 3/ 68.
المطلب الثالث: تحرير رأي ابن تيمية في المسألة:
من خلال دراستي لرأي ابن تيمية في هذه المسألة من مجموع الفتاوى تبين لي أن رأيه قد تدرج ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: تقرير القول بوجوب الطهارة في الطواف والمنازعة في اشتراطها. فقال: " وليس في المناسك ما تجب له الطهارة إلا الطواف، فإن الطواف بالبيت تجب له الطهارة، باتفاق العلماء. . . ثم تنازع العلماء في الطهارة. هل هي شرط في صحة الطواف، كما هي شرط في صحة الصلاة، أم هي واجبة إذا تركها جبرها بدم، كمن ترك الإحرام من الميقات، أو ترك رمي الجمار، أو نحو ذلك؟ على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد "(1) ثم قال بعد أن أشار إلى القولين، وما استدل به من قال بالاشتراط:" فما ثبت بالنص من إيجاب الطهارة والستارة في الطواف متفق عليه، وأما ما ثبت باللزوم من كون ذلك شرطا فيه كالصلاة ففيه نزاع "(2).
المرحلة الثانية: المنازعة في القول بالوجوب. يظهر أن شيخ الإسلام- رحمه الله بعد أن كان يقرر القول بوجوب الطهارة للطواف، وأنها محل اتفاق العلماء ومقتضى النص أخذ ينازع في هذا الوجوب أيضا ويشير إلى أنه ليس محل وفاق بين العلماء وإنما هو محل اختلاف، وموضع نظر واجتهاد، بل وألمح إلى أن الأدلة والنصوص لا تقتضي الإيجاب.
فقال- رحمه الله: " يؤمر الطائف أن يكون متطهرا. . . لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى
(1) مجموع الفتاوى 26/ 220، 221.
(2)
المرجع السابق 26/ 222.
المحدث أن يطوف، ولكنه طاف طاهرا، لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف. . . . ".
المرحلة الثالثة: اختيار القول بعدم الوجوب.
بعد أن نازع شيخ الإسلام- رحمه الله في القول بالوجوب، وأنه ليس محل اتفاق بين العلماء، وأن الأدلة والنصوص ليس فيها أمر بالطهارة، ولا نهي المحدث أن يطوف، أشار إلى اختياره في هذه المسألة وهو: القول بعدم وجوب الطهارة من الحدث للطواف مطلقا. وذلك بعد أن ضعف الاستدلال بقوله: «الطواف بالبيت صلاة (1)» . وأن الصلاة تخالف الطواف في أمور كثيرة فلا يصح إلحاق الطواف بالصلاة في إيجاب الطهارة. فقال: ". . . ثم تدبرت وتبين لي أن طهارة الحدث لا تشترط في الطواف، ولا تجب فيه بلا ريب، ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى فإن الأدلة
(1) سنن الترمذي الحج (960)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1847).