الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
الفرق:
لقد اندثر اسم كلاب - أو كاد- ولم يعد له وجود كاسم إلا في كتب التاريخ والفرق، لكن المبادئ والأصول استمرت في أتباع أبي الحسن الأشعري وأتباع أبي منصور الماتريدي، الذين طوروا كثيرا من تلك الأصول.
(و)
الانتشار في العصر الحاضر:
كما ذكرنا فإن الأشعرية والماتريدية هم الذين تلقفوا أصول الكلابية وطوروها وزادوا عليها، فحيثما وجد الأشعرية والماتريدية فهم حاملوا أصول الكلابية. ومن المعلوم أن كثيرا من الشافعية والمالكية في الأزمنة المتأخرة هم من الأشعرية، وكثيرا من الحنفية هم من الماتريدية. وهذا موجود في أكثر البلدان الإسلامية، بما فيها من جامعات إسلامية ومعاهد علمية، حيث سيطر عليها الأشعرية والماتريدية، فجعلوا مناهج دراسة العقائد هي المناهج الكلامية، بل وأصبح علم التوحيد نفسه عندهم يسمى علم الكلام، وأطلقوا على علمائهم الأشعرية والماتريدية لقب أهل السنة، فهم أصحاب السنة عندهم، وأما السلف الصالح فهم الحشوية والمجسمة، إلى غير ذلك من هذه الألقاب، فالله المستعان.
(ز)
التقويم:
للإنصاف يمكننا القول بأن ابن كلاب أقرب إلى أهل السنة من متأخرة الأشعرية؛ ولذلك عده كثير من أهل العلم من متكلمة أهل السنة، والرجل كان من أهل الإثبات في الصفات، وإنما وقع
فيما وقع فيه من مخالفات حين أراد نصرة مذهب السلف بالأدلة العقلية فوقع فيما وقع فيه. فهم- أي الكلابية - أقرب المتكلمين إلى أهل السنة، ولكن على الرغم من ذلك فقد أنكر كثير من السلف عليهم إنكارا شديدا، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقد حذر منهم، وكان له مواقف مشهورة من الحارث المحاسبي، مردها إلى خوض هذا الأخير في علم الكلام، وقد ذكر ذلك المترجمون للمحاسبي (1).
وممن أنكر عليهم كذلك الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله تعالى، الذي أنكر بشدة على اثنين من تلاميذه كانا يقولان بمذهب ابن كلاب: أن الله تعالى لا يتكلم إذا شاء متى شاء وأن كلامه أزلي. فوقعت بينه وبينهما خصومة شهيرة، واستتابهم من أقوالهم هذه (2).
وممن أنكر عليهم أبو عبد الرحمن السلمي، الذي كان يلعن الكلابية (3). ومنهم أبو نصر السجزي، وكان يلعن الكلابية (4)، وغيرهما (5).
(1) تاريخ بغداد (8/ 214)، ميزان الاعتدال (1/ 430)، الكامل في التاريخ (7/ 84)، تلبيس إبليس (162).
(2)
درء التعارض (2/ 77)، والسير (14/ 277).
(3)
نقلا عن درء التعارض (2/ 82).
(4)
رسالة الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص 87، 88).
(5)
درء التعارض (2/ 83).