الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنفسه، والثاني: وسيلة إلى المقصود. والنهي نوعان: أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه. والثاني: ما يكون وسيلة إلى المفسدة به، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين. اهـ ".
ثانيا: الحاجز الذي ينبغي أن يكون بين المصلي والمقبرة التي تكون أمامه:
بحث شراح الحديث والفقهاء هذا الموضوع وفيما يلي نقول عنهم:
1 -
نقول عن بعض شراح الحديث:
أ - روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (1)» . قال النووي رحمه الله على هذا الحديث: فيه تصريح بالنهي عن الصلاة إلى قبر. قال الشافعي رحمه الله: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا، مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس. اهـ (2).
ب - وقال السنوسي رحمه الله على هذا الحديث: " ولا تصلوا إليها ": أي لا تجعل قبلة؛ سدا للذريعة إلى عبادتها، واعتقاد الجهال التقرب بذلك، قاله:(ع) قال الأبي: وما علل به النهي هو الجواب عن إجازته في المدونة أن يصلي وبين يديه قبر أو مرحاض. ابن العربي: تكره الصلاة في القبور وتحرم
(1) صحيح مسلم الجنائز (972)، سنن الترمذي الجنائز (1050)، سنن النسائي القبلة (760)، سنن أبو داود الجنائز (3229)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 135).
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 38.
الصلاة إليها وهو كفر من فاعله (1).
ج - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: " وما يكره من الصلاة في القبور" يتناول ما إذا وقعت الصلاة على القبر، أو إلى القبر، أو بين القبرين. وفي ذلك حديث رواه مسلم عن طريق أبي مرثد الغنوي مرفوعا:«ولا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها أو عليها (2)» ، قلت: وليس هو على شرط البخاري، فأشار إليه في الترجمة، وأورد معه أثر عمر الدال على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة، والأثر المذكور عن عمر رويناه موصولا في كتاب الصلاة لأبي نعيم شيخ البخاري، ولفظه:" بينما أنس يصلي إلى قبر ناداه عمر: القبر القبر، فظن أنه يعني القمر، فلما رأى أنه يعني القبر جاز القبر وصلى". وله طرق أخرى بينتها في "تعليق التعليق " منها من طريق حميد: عن أنس نحوه، وزاد فيه:" فقال بعض من يليني: إنما يعني القبر، فتنحيت عنه " وقوله: " القبر القبر" بالنصب فيهما على التحذير، وقوله:" ولم يأمره بالإعادة " استنبطه من تمادي أنس على الصلاة، ولو كان ذلك يقتضي فسادها لقطعها واستأنف (3).
2 -
نقول عن بعض الفقهاء:
أ - قال النووي رحمه الله: فقال أصحابنا: ويكره أن يصلي إلى قبر. هكذا قالوا: يكره. ولو قيل: يحرم؛ لحديث أبي مرثد وغيره مما سبق لم يبعد. قال صاحب التتمة: وأما الصلاة
(1) شرح الأبي والسنوسي على صحيح مسلم 3/ 100.
(2)
صحيح مسلم الجنائز (972)، سنن الترمذي الجنائز (1050)، سنن النسائي القبلة (760)، سنن أبو داود الجنائز (3229)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 135).
(3)
فتح الباري 1/ 523، 524.
عند رأس قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها إليه فحرام.
ب - قال ابن قدامة رحمه الله: وقال أبو عبد الله بن حامد:
إن صلى إلى المقبرة والحش فحكمه حكم المصلي فيهما إذا لم يكن بينه وبينهما حائل؛ لما روى أبو مرثد الغنوي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها (1)» متفق عليه.
وقال الأثرم: ذكر أحمد حديث أبي مرثد، ثم قال: إسناده جيد. وقال أنس: رآني عمر وأنا أصلي إلى قبر فجعل يشير إلى: القبر. قال القاضي: وفي هذا تنبيه على نظائره من المواضع التي نهي عن الصلاة فيها. والصحيح أنه لا بأس بالصلاة إلى شيء من هذه المواضع إلا المقبرة؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام: «جعلت الأرض مسجدا (2)» يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته، وقياس ذلك على الصلاة إلى المقبرة لا يصح؛ لأن النهي إن كان تعبدا غير معقول المعنى امتنع تعديته ودخول القياس فيه، وإن كان لمعنى مختص بها وهو اتخاذ القبور مسجدا والتشبه بمن يعظمها ويصلي إليها فلا يتعداها الحكم؛ لعدم وجود المعنى في غيرها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (3)» وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (4)» يحذر ما صنعوا، متفق عليهما. فعلى هذا لا تصح الصلاة إلى القبور؛ للنهي عنها، ويصح إلى غيرها؛ لبقائها في عموم الإباحة، وامتناع قياسها على ما ورد النهي فيه. والله أعلم (5).
(1) صحيح مسلم الجنائز (972)، سنن الترمذي الجنائز (1050)، سنن النسائي القبلة (760)، سنن أبو داود الجنائز (3229)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 135).
(2)
سنن الترمذي الصلاة (317)، سنن أبو داود الصلاة (492)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (745).
(3)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(4)
صحيح البخاري الصلاة (436)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531)، سنن النسائي المساجد (703)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 146)، سنن الدارمي الصلاة (1403).
(5)
المغني والشرح 1/ 724.
وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله:
ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها، والنهي عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك. وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة؛ لأنه لا يتناول اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا، وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب. والمقبرة كل ما قبر فيه، لا أنه جمع قبر. وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه. فهذا يعين أن المنع يكون متناولا لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه. وذكر الآمدي وغيره أنه لا تجوز الصلاة فيه، أي المسجد الذي قبلته إلى القبر، حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر. وذكر بعضهم هذا منصوص أحمد (1).
وقال ابن مفلح رحمه الله:
وتصح الصلاة إليها مع الكراهة، وقيل: لا تصح، وقيل: إلى مقبرة، اختاره صاحب المغني والمحرر وهو أظهر، وعنه: وحش، اختاره ابن حامد، وقيل: وحمام ولا حائل، ولو كمؤخرة الرحل، وظاهره ليس كسترة صلاة، فيكفي الخط، بل كسترة المتخلي، كما سبق، ويتوجه أن مرادهم لا يضر بعد كثير عرفا، كما لا أثر له في مار مبطل، وعنه:، لا يكفي حائط المسجد، جزم به صاحب المحرر
(1) الفتاوى المصرية 4/ 411.
وغيره؛ لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش (1).
وقال العنقري رحمه الله:
قوله: " وتصح إليها" وقيل: لا تصح الصلاة إلى المقبرة. اختاره الموفق، والمجد، وصاحب النظم والفائق. قال في الفروع: وهو أظهر. وعنه: لا تصح إلى المقبرة والحش. اختاره ابن حامد والشيخ تقي الدين. اهـ.
وعنه: لا يكفي حائط المسجد. جزم به صاحب المحرر وغيره؛ لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش. اهـ.
واختلفت نسخ الإقناع، ففي بعضها: لا يكفي الخط. ولعلها أصح، وفي أخرى: لا يكفي حائط المسجد. اهـ (م ص)(2).
وقال عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:
ولا تجوز الصلاة في مسجد بني في مقبرة، سواء كان له حيطان تحجز بينه وبين القبور أو كان مكشوفا.
قال في رواية الأثرم: إذا كان المسجد بين القبور لا يصلى - فيه الفريضة، وإن كان بينها وبين المسجد حاجز فرخص أن يصلى فيه على الجنائز، ولا يصلى فيه على غير الجنائز. وذكر حديث أبي مرثد عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تصلوا إلى القبور (3)» وقال: إسناده جيد. انتهى.
ولو تتبعنا كلام العلماء في ذلك لاحتمل عدة أوراق. فتبين
(1) الفروع 1/ 374.
(2)
الروض المربع 1/ 154 - حاشية العنقري.
(3)
رواه مسلم.
بهذا أن العلماء رحمهم الله بينوا أن علة النهي ما يؤدي إليه ذلك من الغلو فيها وعبادتها من دون الله، كما هو الواقع. والله المستعان.
وقد حدث بعد الأئمة الذين يعتد بقولهم أناس كثر في أبواب العلم بالله اضطرابهم، وغلظ عن معرفة ما بعث الله به رسوله من الهدى والعلم حجابهم، فقيدوا نصوص الكتاب والسنة بقيود أوهنت الانقياد، وغيروا بها ما قصده الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي وأراد. فقال بعضهم: النهي عن البناء على القبور يختص بالمقبرة المسبلة، والنهي عن الصلاة فيها لتنجسها بصديد الموتى. وهذا كله باطل من وجوه:
منها: أنه من القول على الله بلا علم. وهو حرام بنص الكتاب.
ومنها: أن ما قالوه لا يقتضي لعن فاعله والتغليظ عليه، وما المانع له أن يقول: من صلى في بقعة نجسة فعليه لعنة الله.
ويلزم على ما قاله هؤلاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين العلة، وأحال الأمة في بيانها على من يجيء بعده صلى الله عليه وسلم وبعد القرون المفضلة والأئمة، وهذا باطل قطعا وعقلا وشرعا؛ لما يلزم عليه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم عجز عن البيان أو قصر في البلاغ، وهذا من أبطل الباطل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين، وقدرته في البيان فوق قدرة كل أحد، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم.
ويقال أيضا: هذا اللعن والتغليظ الشديد إنما هو فيمن اتخذ قبور الأنبياء مساجد، وجاء في بعض النصوص ما يعم الأنبياء وغيرهم، فلو كانت هذه هي العلة لكانت منتفية في قبور الأنبياء؛ لكون أجسادهم طرية لا يكون لها صديد يمنع من الصلاة عند
قبورهم، فإذا كان النهي عن اتخاذ المساجد عند القبور يتناول قبور الأنبياء بالنص، علم أن العلة ما ذكره هؤلاء العلماء الذين قد نقلت أقوالهم، والحمد لله على ظهور الحجة وبيان المحجة، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (1).
قال عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله:
وأجاب الشيخ محمد ابن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، والشيخ سليمان بن سحمان: مسجد الطائف الذي في شقه الشمالي قبر ابن عباس رضي الله عنهما، الصلاة في المسجد إذا جعل بين القبر وبين المسجد جدار يرفع يخرج القبر عن مسمى المسجد فلا تكره الصلاة فيه. وأما القبر إذا هدمت القبة التي عليه فيترك على حاله ولا ينبش، ولكن يزال ما عليه من بناء وغيره، ويسوى حتى يصير كأحد قبور المسلمين (2).
وقال ابن حزم رحمه الله:
" قال علي: وكره الصلاة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر أبو حنيفة والأوزاعي وسفيان، ولم ير مالك بذلك بأسا، واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء.
قال علي: وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه، فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن، ثم يستبيحون بما ليس فيه منه أثر ولا
(1) فتح المجيد ص243.
(2)
الدرر 3/ 133.
إشارة مخالفة السنن الثابتة، ونعوذ بالله من الخذلان.
قال علي: وكل هذه الآثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا، إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحرم ما نهى عنه، ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين " (1).
وقال علي محفوظ رحمه الله:
ومن البدع اتخاذ المقابر مساجد بالصلاة إليها. فعن أبي مرثد كناز بن الحصين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (2)» رواه مسلم وأبو مرثد بفتح الميم واسمه كناز بفتح الكاف وتشديد النون وآخره زاي.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام (3)» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم. وقال صلوات الله وسلامه عليه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه.
والسر في ذلك أن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها. وقد ذكر ابن عباس وغيره من السلف أن ودا وسواعا وإخوانهما كانوا قوما صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، وكان هذا مبدأ
(1) المحلى 4/ 32.
(2)
صحيح مسلم الجنائز (972)، سنن الترمذي الجنائز (1050)، سنن النسائي القبلة (760)، سنن أبو داود الجنائز (3229)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 135).
(3)
سنن الترمذي الصلاة (317)، سنن أبو داود الصلاة (492)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (745).
عبادة الأصنام. أخرجه ابن جرير. ولهذه المفسدة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المقبرة مطلقا وإن لم يقصد الصلاة عندها، ووقت طلوع الشمس وعند استوائها وعند غروبها؛ لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة للشمس فيها، فنهى أمته عن الصلاة وإن لم يقصد ما قصد المشركون؛ سدا للذريعة وبعدا عن التشبه بعبدة الأوثان.
(وعلى الجملة) تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركا وإعظاما، وكذا الصلاة عليها للتبرك والإعظام، كما صرح به الإمام النووي في شرح المهذب. وليس معنى الإعظام أن تقصد أرباب القبور بالسجود فإنه كفر صراح، بل المعنى أنه بتحريه الصلاة لله تعالى على هذا الوجه زاعما أنه أرجى للقبول عند الله تعالى ببركة صاحب الضريح يكون قد أعظم من شأن هذا الولي، وهذا يقع كثيرا من العامة (1).
هذا ما تيسر جمعه، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) الإبداع في مضار الابتداع ص 190.
صفحة فارغة
الفتاوى
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في هذه الزاوية تجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما يرد إليها من أسئلة واستفسارات تهم المسلمين في شؤونهم الدينية والاجتماعية
صفحة فارغة
فتوى رقم (20261)
وتاريخ 3/ 3 / 1419 هـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / ع. ن. ف. من جدة، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1474) وتاريخ 19/ 2 / 1419 هـ. وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه:" كثر في الآونة الأخيرة التردد على قبر آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم في الأبواء، بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره، فهل زيارته سنة أو لا؟ وهل كان الصحابة والسلف الصالح يزورونه؟ وهل زاره النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة أو مرات؟ نرجو الإجابة الشافية، فالأمر مشكل جدا؟ لأن بعض الناس يترددون عليه الآن بشكل ملفت للنظر، وفقكم الله ونفع بكم الإسلام والمسلمين ".
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما زار قبر أمه مرة واحدة، وأستأذن ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له، ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كرر الزيارة لقبر أمه بعد ذلك، ولم يعرف عن الصحابة والسلف
الصالح فيما نعلم أنهم زاروا هذا القبر أو ترددوا عليه أو سافروا إليه؛ لأن السفر لزيارة القبور منهي عنه؛ لأنه من وسائل الشرك، قال صلى الله عليه وسلم:«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (1)» فالسفر لزيارته لا يجوز، كسائر القبور؛ للحديث المذكور، وإذا انضاف إلى ذلك طلب الحوائج من صاحب القبر أو الاستغاثة به فهذا شرك أكبر مخرج من الملة، فالواجب على المسلمين التمسك بالسنة والابتعاد عن البدعة وعن الشرك ووسائله.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله الغديان
…
بكر بن عبد الله أبو زيد
…
صالح بن فوزان الفوزان
…
عبد العزيز آل الشيخ
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) صحيح البخاري الجمعة (1189)، صحيح مسلم الحج (1397)، سنن النسائي المساجد (700)، سنن أبو داود المناسك (2033)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 234)، سنن الدارمي الصلاة (1421).