الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفضله، وقد أمر الله بالصلاة والسلام على رسوله، فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1). والله سبحانه وتعالى يعطي العبد مسألته إذا قدم لها بالثناء على الله ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرج الترمذي بسنده من حديث عبد الله بن مسعود قال: «كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل تعطه (2)» . ثم قال: حديث حسن صحيح.
ودلالة هذا النص تتمثل في أن كل ما يسأله العبد من ربه يجيبه، ويحقق له مسألته، ومن هذا الرزق، وهو من الأمور المهمة للإنسان في الحياة الدنيا.
وذكر ابن القيم في (جلاء الأفهام) أربعين فائدة وثمرة تحصل للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم، نذكر هنا ما له علاقة بهذا البحث:
أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه، أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه، أنها سبب لقضاء الحوائج، أنها زكاة للمصلي، وطهارة له، أنها سبب لنفي الفقر (3).
(1) سورة الأحزاب الآية 56
(2)
جامع الترمذي 2/ 488 رقم 593.
(3)
جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم ص 262 - 270.
15 -
قضاء الحوائج وتفريج الكربات:
وهو التيسير على المعسرين بالإعفاء أو الإمهال، وإعانة المسلمين، ورحمة
المخلوقين، ونصرة المظلومين.
إن الإنسان في هذه الحياة تعترضه مشكلات، ويحتاج إلى حاجات، ويمر بكربات، ويتمنى أن يبقى مستورا أمام البريات؛ ولذلك شرع الله قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وستر العورات، والعون على الملمات.
أخرج البخاري بسنده من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (1)» .
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. . . (2)» وأخرج ابن أبي الدنيا بسنده من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يكن في حاجة أخيه، يكن الله في حاجته (3)» . وأخرج
(1) انظر فتح الباري 5/ 97 رقم 2442، وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1996 رقم 2580
(2)
صحيح مسلم 4/ 2074 رقم 2699
(3)
قضاء الحوائج لابن أبي الدنيا ص 46 بتحقيق محمد عطا ثم عزاه إلى السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة
أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم من حديث أبي الدرداء قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم (1)» .
وأنشد بعضهم في هذا المعنى فقال:
إذا شئت أن تبقي من الله نعمة
…
عليك فسارع في حوائج خلقه
ولا تعصين الله ما نلت ثروة
…
فيحظر عنك الله واسع رزقه (2)
إن من لطف الله ورحمته بعباده أن جعل بعضهم يحنو على بعض، بل أمرهم بعدم ظلم بعضهم لبعض، وبعدم خذلان بعضهم لبعض، ووعد من يكون في حاجة أخيه أن يكون هو سبحانه القوي العزيز في حاجته، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن كان في عون أخيه كان الله في عونه. والمسلم أحوج ما يحتاج إلى ربه في هذه الحياة؛ لأن الله على كل شيء قدير، ولأنه- أي الإنسان- أضعف ما يكون في الحياة، بل تعترضه عوامل الضعف في أغلب أحايينه فهو ينام، ويمرض، ويعجز، ويجهل، ويكسل، ويظلم، والحياة الدنيا ليست بدار قرار، وإنما دار امتحان واختبار، فهو دائما في حاجة الله. وأقرب طريق إلى عون الله وتوفيقه ورزقه وتفريج كرباته هو كونه
(1) انظر صحيح الجامع الصغير للألباني رقم 48 وصححه
(2)
ذكره الوصابي في كتابه (البركة في فضل السعي والحركة) ص 177