الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الطهارة من الحدث للطواف
للدكتور / عبد الله بن إبراهيم الزاحم (1)
المقدمة:
الحمد لله الذي أوجدنا من العدم، وأمدنا بالنعم، وفضلنا على كثير من الأمم، والصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود والحوض المورود، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فمن توفيق الله لي، وفضله علي أن يسر لي المشاركة في التوعية في الحج لعدة أعوام، ورأيت ما يقع فيه الحجاج من مخالفات، أو تقصير في كثير من أعمال المناسك، كما أحسست بأهمية الفقه في هذه العبادة، إذ إن الخطأ فيها ليس كالخطأ في غيرها، فهي لا تؤدى إلا في وقت مخصوص، وفي زمن محدود، وفي مكان معين بخلاف غيرها من العبادات.
فبعض المسلمين لا يستطيعون أداء هذه العبادة لعجزهم عن شرطها، ومن استطاع أداءها فلم يكن ذلك له سهلا ميسورا، بل بمشقة وكلفة كبيرتين.
ولذا توجه اهتمامي للكتابة والبحث في فقه هذه العبادة. ورأيت أن أهم ما ينبغي صرف النظر إليه أركانها التي لا تصح إلا
(1) عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
بها، ولما كان الطواف من أعظم هذه الأركان، ولا يختص بالحج وحده، آثرت تقديمه على غيره.
وقد من الله علي بالكتابة في أنواعه، وفي شروطه، وفي أثناء كتابتي في واجباته استوقفتني مسألة الطهارة من الحدث، حيث كثر الكلام فيها، فمن مشترط لها، ومن مقيد لهذا الاشتراط، ومن مستحب لها.
ولا شك أنها من أهم المسائل المتعلقة بشروط الطواف وواجباته. والحاجة إلى دراستها وبحثها ملحة لكثرة السؤال عنها، فمن سبقه الحدث في أثناء طوافه، في هذا الزحام الشديد، فهل يلزم بالخروج للطهارة؟ وإن أكمله فهل يصح منه ويجزئه أم يؤمر بالإعادة؟ والمرأة إن جاءها عذرها الشهري فحاضت قبل طواف الإفاضة وتعذر عليها الإقامة فهل لها أن تطوف في هذه الحال؟
وقد تناول شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية - رحمه الله تعالى- هذه المسألة بالبحث والدراسة بما لم يسبق إليه، فسبر أغوارها، وأوضح أسرارها، وساق من الحجج والأدلة والاعتراضات على أدلة الجمهور ما جعلني أخص هذه المسألة بمزيد من البحث، إذ جلت معه حيث جال، وطوفت بحججه واعتراضاته، وأرخيت بعد ذلك لقلمي العنان، فكان هذا البحث الذي أرجو من الله أن يكون خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به يوم الدين، فإن وفقت فيه للصواب فهو مرادي، وإن كانت الأخرى فحسبي أني قد استفرغت وسعي، وبذلت جهدي، فأرجو من الله ألا يحرمني أجر اجتهادي.