الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي مجلة الأحكام العدلية (1) عقد التبرع قسمان:
ا- ما يعود نفعه إلى القابض، كالهبة، والصدقة، والعارية.
2 -
عقد التبرع الذي يعود نفعه إلى الدافع كالوديعة، ومال المضاربة، ومال الشركة.
هذه أبرز التقسيمات التي يمكن أن تذكر في حكم الهبة.
(1) انظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 1/ 860، المادة 658.
المطلب الرابع: حكم الهبة من حيث الأصل
أما الصدقة فإننا في هذا البحث نجري على عدم دخولها في مفهوم الهبة وذلك للفرق الذي مر ذكره (1)، ولأنهما يختلفان في الحكم، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة قال لأصحابه: «كلوا ولم يأكل، وإن قيل هدية ضرب بيده فأكل معهم (2)» .
وقال في اللحم الذي تصدق به على بريرة: «هو لها صدقة ولنا هدية (3)» .
(1) انظر: ص (89، 90).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الهبة، باب قبول الهبة برقم 2437، ومسلم في كتاب الزكاة، باب قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة برقم 1077.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه في مواضع منها: كتاب الزكاة، باب إذا تحولت الصدقة برقم 1424، ومسلم في كتاب الزكاة، باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم برقم 1074.
فدل الحديثان وما كان بمعناهما على التغاير بين الصدقة والهدية (1).
والصدقة والهدية والهبة كلها مندوبة ومحثوث عليها، أما الصدقة فما ورد في فضلها أكثر من أن يحصر (2) وليست من صلب البحث.
وأما الهبة والهدية بمعناها، وقد نقل الإجماع على استحبابهما غير واحد من العلماء.
جاء في تبيين الحقائق (3): (وهي - أي الهبة - مشروعة مندوب إليها بالإجماع).
وفي البيان (4): وأجمع المسلمون على استحبابها - أي الهبة -.
ومن الأدلة على الحث عليها وتأكيدها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا نساء
(1) انظر: المغني 8/ 239.
(2)
انظر: المرجع السابق 8/ 240.
(3)
للزيلعي 5/ 91.
(4)
للعمراني 8/ 108.
المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة (1)».
قال الحافظ ابن حجر (2): وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير؛ لأن الكثير قد لا يتيسر كل وقت، وإذا تواصل اليسير صار كثيرا، وفيه استحباب المودة وإسقاط التكليف.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدور (3)» .
وفي الموطأ عن عطاء بن أبي مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء (4)» .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله
(1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها، باب فضلها والتحريض عليها برقم 2427، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بالقليل برقم 1030.
(2)
فتح الباري 5/ 235.
(3)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد في باب قبول الهدية 1/ 306 برقم 594 بلفظ: " تهادوا تحابوا ". والترمذي في كتاب الولاء والهبة، باب في حث النبي صلى الله عليه وسلم على التهادي 4/ 384 برقم 2130، والبيهقي في السنن الكبرى، في باب الهبات 6/ 196. قال ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 70: وإسناده حسن.
(4)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الجامع، باب ما جاء في المهاجرة / 653 برقم 1642.
صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها (1)».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت (2)» .
هذا من حيث الدليل، وأما التعليل؛ فلأن الهبة من صفات الكمال، فإن الله سبحانه وصف بها نفسه بقوله تعالى:{إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (3)، وقوله سبحانه:{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} (4)، والبشر إذا باشرها فقد اكتسب من أشرف الصفات (5).
ولما فيها من استعمال الكرم وإزالة الشح عن النفس، وإدخال السرور على قلب الموهوب له، وإيراث المودة والمحبة بينهما، وإزالة الضغينة والحسد (6).
(1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها، باب المكافأة في الهبة برقم 2445.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها، باب القليل من الهبة برقم 2429.
(3)
سورة آل عمران الآية 8
(4)
سورة ص الآية 9
(5)
تبيين الحقائق 5/ 91.
(6)
المرجع السابق 5/ 91.