الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: عنصر (إمكان المعاوضة عنه)
هذا العنصر مما تكاد تطبق عليه المذاهب، فقد جعل الفقهاء المالية شرطا في صحة المعاوضة، كما جعلوا صحة المعاوضة أمارة على المالية، مما يدل على تلازمهما تماما ونصوصهم في ذلك كثيرة جدا. فمن نصوص الحنفية في ذلك:
جاء في المبسوط: " وكذلك في البيع بالخمر؛ فإن ركن العقد المالية في البدلين، وبتخمر العصير لا تنعدم المالية، وإنما ينعدم التقوم شرعا) (1).
وفي البحر الرائق: (والبياعات المنهي عنها ثلاثة. . . والفساد بالمعنى الأعم يثبت بأسباب منها الجهالة. . . ومنها عدم المالية أو التقوم. .)(2). وعرفوا البيع بأنه: (مبادلة المال بالمال)(3).
وفي فتح القدير في مسألة بيع لبن الآدمية: (الجواز يتبع المالية ولا مالية للإنسان إلا ما كان محلا للرق وهو للحي ولا حياة في اللبن)(4).
وفي أصول السرخسي في ربا الفضل: (المراد الفضل الخالي
(1) المبسوط (13/ 25).
(2)
البحر الرائق (6/ 75).
(3)
رد المحتار (4/ 502).
(4)
فتح القدير شرح الهداية (6/ 424).
عن العوض. . . ثم خلو الفضل عن العوض لا يظهر يقينا بعدد الحبات والحفنات ولا يظهر إلا بعد ثبوت المساواة قطعا في الوصف الذي صار به محلا للبيع وهو المالية) (1).
كما نصوا على أن المال قد يكون ثمنا وقد يكون مثمنا؛ ففي أنيس الفقهاء: (والأموال أنواع: نوع ثمن بكل حال، كالنقدين صحبة الباء أو لا، قوبل بجنسه أو بغيره، ونوع مبيع بكل حال؛ وهو ما ليس من ذوات الأمثال؛ كالثياب والدواب والمماليك، ونوع ثمن بوجه مبيع بوجه، كالمكيل والموزون، فإذا كان معينا في العقد كان مبيعا، وإن لم يكن معينا وصحبه الباء وقابله مبيع فهو ثمن، ونوع ثمن بالاصطلاح وهو سلعة في الأصل؛ فإن كان رابحا كان ثمنا وإن كان كاسدا كان سلعة)(2).
ومن نصوص المالكية في ذلك:
جاء في الإشراف: (يقطع في جميع المتمولات التي تتمول في العادة، ويجوز أخذ الأعواض عليها)(3).
وفي بداية المجتهد: (القطع في كل متمول يجوز بيعه وأخذ العوض فيه)(4).
(1) أصول السرخسي (2/ 126).
(2)
أنيس الفقهاء ص (222).
(3)
الإشراف في مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب البغدادي (2/ 171).
(4)
بداية المجتهد (2/ 551، 552).
وأما الشافعية فمن نصوصهم:
جاء في الأم قول الشافعي - رحمه الله تعالى -: (ولا يقع اسم مال ولا علق إلا على ما له قيمة يتبايع بها، ويكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها - وإن قلت -، وما لا يطرحه الناس من أموالهم؛ مثل الفلس وما يشبه ذلك) وقال في موضع آخر: (ولا يقع اسم مال إلا على ما له قيمة يباع بها، وتكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها - وإن قلت - وما لا يطرحه الناس من أموالهم؛ مثل الفلس وما أشبه ذلك الذي يطرحونه)(1).
ومن نصوص الحنابلة:
ما جاء في كشاف القناع وغيره في شروط البيع: (الشرط الثالث: أن يكون المبيع والثمن مالا لأنه مقابل بالمال إذ هو مبادلة المال بالمال).
والفقهاء رحمهم الله تعالى كثيرا ما يقرنون التقويم بالمالية، والتقويم مصدر: قومت المتاع، أي حددت له قيمة معلومة، والقيمة هي الثمن الذي يقاوم به المتاع؛ سميت بذلك لأنها تقوم مقامه (2)، وهذا هو المعاوضة.
(1) الأم (5/ 63 و 171). وانظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص (327).
(2)
المصباح المنير ص (198، 199).
بل إنهم كثيرا ما يذكرون حدوث صفة المالية (أي عرضيتها بعد أن كانت معدومة) وزوالها وفواتها بعد أن كانت موجودة، وزيادتها، ونقصانها، وتفاوتها، وهم يعنون بصفة المالية في ذلك كله القيمة التي تقابل الشيء في المعاوضات؛ مما يدل على أن إمكان المعاوضة عنصر رئيس من العناصر المكونة للمالية.
فذكر حدوث المالية مثلا في المبسوط للسرخسي (2/ 205)، والوسيط للغزالي (3/ 408)، ومغني المحتاج للشربيني (2/ 291).
وذكر زوالها في المنثور للزركشي (2/ 181)، وروضة الطالبين للنووي (5/ 44)، ومغني المحتاج (2/ 14و129 و290) و (3/ 203)، والمغني لابن قدامة (6/ 460)، والإنصاف للمرداوي (3/ 148). وذكر زيادتها في المغني لابن قدامة (11/ 505).
وذكر نقصانها في المبسوط (2/ 158) و (5/ 70)، والبحر الرائق لابن نجيم (3/ 176) و (6/ 14)، ومغني المحتاج (4/ 286)، والمغني لابن قدامة (11/ 505)
وذكر تفاوت المالية في المبسوط (5/ 88)، والهداية للمرغيناني (3/ 72)، ورد المحتار لابن عابدين (4/ 536)، ولقد أثرت الإحالة عليها دون نقل نصوصهم لئلا يطول المقام.
وهم في كل ذلك يعنون بصفة المالية القيمة التي تقابل الشيء