الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إن النبي صلى الله عليه وسلم حين دعا له بتثبيت اللسان والقلب لم يرد ألا يزل أبدا ولا يسهو ولا ينسى ولا يغلط في حال من الأحوال، لأنها لا تكون لمخلوق وإنما هي من صفات الخالق سبحانه جل وعز، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بالله تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز من أن يدعو لأحد بألا يموت، وقد قضى الله تعالى الموت على خلقه بألا يهرم إذا عمره وقد جعل الهرم في تركيبه وفي أصل جبلته)(1).
إن ثبات اللسان واللين في القول من النعم التي يغبط عليها؛ لأن اللجاجة وسرعة الإجابة والعجلة في القول تعد من المثالب وكم من كلمة قالت لصاحبها دعني.
(1) تأويل مختلف الحديث / ابن قتيبة: 1/ 158.
المطلب الخامس: الثبات في الأقدام
لا تقوم حياة الإنسان إلا على ثبوت قدميه سواء في أموره العامة أو الدينية، والتي يعد ثبات الأقدام فيها أمرا مهما، مثل: مواطن الحرب، وكذلك البعد عن المعاصي؛ لأن الانزلاق إليها هو الهلاك بعينه.
(1) سورة آل عمران الآية 147
وقوله تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (1)، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (2)، وقوله تعالى:{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} (3).
والثبوت في هذه الآيات له ثلاثة معان هي:
أ - ثبوت الأرجل: وهو ثبوت حقيقي للأرجل.
قال البغوي: (إن الله قد أنزل مطرا ثبت به الأقدام حتى لا تسوخ في الرمل بتلبيد الأرض)(4).
وقال الطبري: (وأما قوله وثبت أقدامنا فإنه يقول اجعلنا ممن يثبت لحرب عدوك وقتالهم ولا تجعلنا ممن ينهزم فيفر منهم ولا يثبت قدمه في مكان واحد لحربهم)(5).
وكذلك قال القرطبي (ويثبت أقدامكم أي: عند القتال)(6).
(1) سورة البقرة الآية 250
(2)
سورة محمد الآية 7
(3)
سورة الأنفال الآية 11
(4)
تفسير البغوي: 2/ 234، وانظر تفسير الطبري: 9/ 196، وأخرج البخاري حديثا بهذا المعنى 4/ 1455.
(5)
تفسير الطبري: 4/ 126.
(6)
تفسير القرطبي: 16/ 232.
فهو ثبوت الأرجل وقت الحرب فلا تنزلق في الرمال، أو تهرب مبتعدة عن القتال وهذا هو الفرار من الزحف.
ب - ثبوت القلب:
وقيل، إن المقصود بثبوت الأقدام هو القلب؛ لأنه إذا ثبت القلب وسكن واستقر تبعته الجوارح وبالذات الأرجل فتحل السكينة على العبد.
يقول البغوي: " وقيل يثبت به الأقدام بالصبر وقوة القلب "(1).
فالمقصود به قوة القلب وشجاعته.
فثبت أقدامنا: شجع قلوبنا وقوها حتى لا نفارق مواطن القتال منهزمين (2).
(وقو قلوبنا على جهادهم لتثبت أقدامنا فلا ننهزم عنهم)(3).
(وإنما تثبت الأقدام عند قوة القلوب)(4).
وقال القرطبي: (وثبت أقدامنا. . قيل المراد تثبيت القلوب بالأمن فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب)(5).
(1) تفسير البغوي: 2/ 234.
(2)
التبيان في تفسير غريب القرآن 1/ 135.
(3)
تفسير الطبري: 2/ 125.
(4)
زاد المسير / ابن الجوزي: 1/ 299.
(5)
تفسير القرطبي: 16/ 232.