الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج - ثبوت في الكلام
قد يعنى بثبات القدم: الثبات بالكلام فلا يزل في مواطن استزلال اللسان.
فيقال: " رجل ثبت القدم إذا ثبت في قتال أو كلام "(1).
(1) غريب الحديث / الحربي: 2/ 601.
المبحث الثالث: (أقسام الثبات)
وفيه ثلاثة مطالب:
فالله عز وجل بلطفه ومنه وكرمه لا يترك عباده المؤمنين به والمصدقين برسالاته فهو - سبحانه - يثبتهم في الدنيا، كذلك يثبتهم في الآخرة في قبورهم ويوم بعثهم وحشرهم وعرضهم ومرورهم على الصراط.
المطلب الأول: الثبات في الدنيا
قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (1).
اختلف المفسرون في معنى الحياة الدنيا، فبعضهم جعلها ما قبل الموت، وبعضهم جعلها حياة البرزخ، وكذلك معنى القول الثابت بعضهم جعلها كلمة التوحيد، وبعضهم جعلها الأعمال الصالحة.
قال الطبري: ". . . معنى ذلك يثبت الله الذين آمنوا بالإيمان في الحياة الدنيا " بالقول الثابت وفي الآخرة المسألة في القبر (2).
(1) سورة إبراهيم الآية 27
(2)
تفسير الطبري: 13/ 213، وانظر مجموع الفتاوى / ابن تيمية 13/ 116.
و (القول - الثابت في الحياة الدنيا أما الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح)(1).
ثم يرجح الإمام الطبري القول الذي ذهب إلى أن الحياة الدنيا المقصود به ما قبل الموت.
فيقول: (والصواب من القول في ذلك ما ثبت به الخبر عن رسول الله في ذلك هو أن معناه يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وذلك تثبيته إياهم في الحياة الدنيا بالإيمان بالله وبرسوله محمد وفي الآخرة بمثل الذي يثبتهم به في الحياة الدنيا وذلك في قبورهم حين يسألون عن الذي هم عليه من التوحيد والإيمان برسوله. وأما قوله: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} (2) في القبر مما هدى له من الإيمان المؤمن بالله ورسوله) (3).
وقال القرطبي: (ثبت أقدامنا. . قيل على الإسلام)(4).
وكذلك قال البغوي: بالقول الثابت كلمة التوحيد، وهي قول لا إله إلا الله في الحياة الدنيا يعنى قبل الموت، وفي الآخرة يعني القبر هذا قول أهل التفسير) (5) ويقول أيضا مرجحا مذهب أهل التفسير في هذه المسألة: (وقيل في الحياة الدنيا، عند السؤال في
(1) تفسير الطبري: 13/ 213.
(2)
سورة إبراهيم الآية 27
(3)
تفسير الطبري: 13/ 218.
(4)
تفسير القرطبي: 16/ 232.
(5)
تفسير البغوي: 4/ 349.
القبر، وفي الآخرة. عند البعث والأول أصح) (1).
وقال النسفي مؤيدا {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} (2) أي يديمهم عليه. {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (3) هو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله في الحياة الدنيا حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك. . . {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} (4) فلا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخرة أضل وأزل) (5).
وقال الألوسي مبينا ومفصلا ومؤيدا لما ذهب إليه الإمام الطبري: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (6) الذي ثبت عندهم وتمكن في قلوبهم وهو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة. . . قوله سبحانه: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (7) أي يثبتهم بالبقاء على ذلك مدة حياتهم فلا يزالون إذا قيض لهم من يفتنهم ويحاول زللهم
(1) المصدر السابق: 4/ 351.
(2)
سورة إبراهيم الآية 27
(3)
سورة إبراهيم الآية 27
(4)
سورة إبراهيم الآية 27
(5)
تفسير النسفي: 2/ 230.
(6)
سورة إبراهيم الآية 27
(7)
سورة إبراهيم الآية 27
عنه كما جرى لأصحاب الأخدود. . . وكما جرى لبلال وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم. . . .
(و) عن البراء بن عازب في الآية أنه قال: (التثبيت في الحياة الدنيا إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر، فقالا له: من ربك، قال: ربي الله، قالا: وما دينك، قال: ديني الإسلام، قالا: ومن نبيك، قال: نبيي محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا فالمراد من الآخرة يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط. . . عن أبي سعيد الخدري