المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: عنصر (الانتفاع) - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌أهمية العلم وفضله وفضل أهله:

- ‌طلب العلم المنوه بفضله قسمان:

- ‌من آداب المعلم والمعلمة:

- ‌مما يصحح به ما يقع من أخطاء الطلاب أمور:

- ‌أساليب للتعليم مقترحة مستقاة من الوحيين:

- ‌حكم إقامة الموالد، وذكريات الأيام والأحداث،والوقائع في الهجرة والفتح، وهل هي من علامة حب الرسول

- ‌إنكار ما في مفكرة الرابطة من أعياد أهل الضلال

- ‌حكم نشر ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدعاء عند القبور غير مشروع

- ‌عدم جواز الطلب إلى الميت

- ‌حكم الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ لا أستطيع السجود أثناء الصلاة

- ‌ يخفي اللقطة حتى يسمع من يبحث عنها ويضع شيئا من المال مقابلا لمن يأتي بها

- ‌عمري ثماني عشرة سنة، هل يجب علي أن أحج عن والدي المتوفى

- ‌ قص شعر المرأة حزنا على وفاة أحد أقاربها

- ‌ صبغ شعر رأسه الأبيض

- ‌ ذبح هدي التمتع أو القران أول وقته

- ‌ سافرت مسافة المائة كيلو مترا عن أهلي فهل حينئذ أصلي صلاة مسافر

- ‌ الشرب دفعة واحدة

- ‌«المسبل إزاره

- ‌ الوعد والوعيد في الكتاب والسنة

- ‌ إذا مات الإنسان في أول يوم من عيد الفطر أو عيد الأضحى فهل يقيمون العزاء ثم يقبلون على عيدهم

- ‌ سلام الرجل بالنسبة لأخت أمه من الرضاعة

- ‌ مصافحة النساء

- ‌ الرجل الصالح الذي ذكر في سورة الكهف الذي تبعه موسى

- ‌ يحافظ على صلاة الجماعة عدا صلاة العصر

- ‌ إطالة صلاة الفجر

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الإقامة مشروعة قبل الدخول في صلاة الفريضة

- ‌ إذا أقام أحد المصلين الصلاة غير المؤذن

- ‌ يصلي صلاة الليل بلا أذان ولا إقامة

- ‌ بعض المؤذنين يؤخرون الأذان حتى تقام الصلاة في المساجد المجاورة في الحي

- ‌ أذن قبل دخول الوقت بعشر دقائق

- ‌ هل يجوز للمرأة أن تؤذن عند الرجال بغير صلاة

- ‌ متابعة الأذان

- ‌ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان

- ‌المبحث الأول: في معنى الهبة وحكمها

- ‌المطلب الأول: في تعريف الهبة لغة

- ‌المطلب الثاني: في تعريف الهبة شرعا

- ‌المطلب الثالث: في أنواع الهبة

- ‌المطلب الرابع: حكم الهبة من حيث الأصل

- ‌المبحث الثاني: في حكم عقد الهبة من حيث اللزوم

- ‌المطلب الأول: نوع الالتزام في عقد الهبة

- ‌المطلب الثاني: افتقار الهبة إلى القبول

- ‌المطلب الثالث: افتقار الهبة إلى القبض

- ‌المطلب الرابع: الوقت الذي تملك فيه الهبة

- ‌المبحث الثالث: حكم الرجوع في عقد الهبة

- ‌المطلب الأول: المراد بالرجوع

- ‌المطلب الثاني: حكم الرجوع في الهبة

- ‌المسألة الأولى: حكم الرجوع فيها في حال الصحة قبل القبض:

- ‌المسألة الثانية: حكم الرجوع في الهبة بعد القبض:

- ‌الخاتمة:

- ‌العناصر المكونةلصفة المالية عند الفقهاء

- ‌المبحث الأول: تعريف المال والتمول

- ‌المطلب الأول: بيان المراد بالمال عند أهل اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الفقهاء للمال

- ‌المطلب الثالث: المراد بمصطلح التمويل

- ‌المبحث الثاني: الضوابط الشرعية لاكتساب المال وإنمائه

- ‌المطلب الأول: حكم اكتساب المال وآدابه وطرقه

- ‌المطلب الثاني: ضوابط إنماء المال

- ‌الفصل الثاني: عناصر المالية

- ‌المبحث الأول: عنصر (إمكان الادخار)

- ‌المبحث الثاني: عنصر (الانتفاع)

- ‌المبحث الثالث: عنصر (حل الانتفاع)

- ‌المبحث الرابع: عنصر (إمكان المعاوضة عنه)

- ‌المبحث الخامس: عنصر (العينية)

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف مفردات العنوان

- ‌المطلب الثاني: وصف عملية بيع المعدن في التورق المصرفي

- ‌المطلب الثالث: حكم بيع التورق غير المصرفي

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين التورق غير المصرفي، والتورق المصرفي

- ‌المبحث الأول: شرط صحة التورق المصرفي

- ‌المبحث الثاني: حكم التورق المصرفي المنظم

- ‌الخاتمة

- ‌المبحث الأول (الثبات في الكتاب والسنة)

- ‌المطلب الأول: معنى الثبات في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: معنى الثبات في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث: علاقة الثبات بالصبر

- ‌المطلب الأول: الثبات في العقل

- ‌المطلب الثاني: الثبات في النفس

- ‌المطلب الثالث: الثبات في القلب

- ‌المطلب الرابع: الثبات في اللسان

- ‌المطلب الخامس: الثبات في الأقدام

- ‌المبحث الثالث: (أقسام الثبات)

- ‌المطلب الأول: الثبات في الدنيا

- ‌المطلب الثاني: الثبات في الآخرة:

- ‌المطلب الثالث: أنواع وموطن الثبات في الدنيا:

- ‌المبحث الرابع: وسائل التثبيت من الله

- ‌المطلب الأول: عن طريق الملائكة:

- ‌المطلب الثاني: عن طريق القصص

- ‌المطلب الثالث: عن طريق إنزال القرآن منجما

- ‌المطلب الرابع: عن طريق كلمة التوحيد في الدارين:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني: عنصر (الانتفاع)

عن الكشف الكبير (1). وجاء في التقرير والتحبير: (المال ما يصان ويدخر لوقت الحاجة)(2).

وهذا - أعني اشتراط إمكان الادخار لثبوت صفة المالية - مما انفرد به الحنفية، ولأجل هذا الاشتراط أخرجوا المنافع من أن تكون أموالا؛ حيث لا يمكن ادخارها لأنها أعراض لا تبقى زمنين.

وخالفهم في هذا الاشتراط جماهير الفقهاء فلم يذكروا الادخار من العناصر المكونة للمالية؛ واعتبروا بالتالي المنافع أموالا. وسيأتي مزيد بحث في ذلك في مبحث مالية المنافع إن شاء الله تعالى.

(1) البحر الرائق (5/ 277).

(2)

التقرير والتحبير (3/ 173).

ص: 209

‌المبحث الثاني: عنصر (الانتفاع)

لقد خلق المال قواما للناس في معاشهم ومعادهم، كما قال تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (1). أي تقوم بها معايشكم ويصلح أمر دنياكم من التجارات وغيرها.

(1) سورة النساء الآية 5

ص: 209

والانتفاع هو غرض الناس الأهم في المال، بل إنما جعلت الأعيان أموالا لما فيها من المنافع (1).

لأجل ذلك اتفقت كلمة الفقهاء على اعتبار الانتفاع من عناصر المالية، وأن ما لا منفعة فيه فليس بمال. وإن اختلفت أحيانا عباراتهم في ذلك واحترازاتهم منه:

فمن نصوص الحنفية: جاء في المبسوط: (والمال اسم لما هو مخلوق لإقامة مصالحنا به ولكن باعتبار صفة التمول والإحراز)(2)، وجاء فيه أيضا في معرض حديثه عن المال الضمار:(فليس عليه الزكاة لما مضى؛ لأن معنى المالية في النمو والانتفاع، وذلك منعدم)(3)، وفيه أيضا:(وبتخمر العصير لا تنعدم المالية، وإنما ينعدم التقوم شرعا؛ فإن المالية تكون بكون العين منتفعا بها. . .).

وعند المالكية: قال ابن العربي في تفسير المال الذي يقطع به في السرقة: (هو كل مال تمتد إليه الأطماع، ويصلح عادة وشرعا للانتفاع به)(4).

(1) تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص (225)

(2)

المبسوط (11/ 79).

(3)

المبسوط (2/ 171).

(4)

أحكام القرآن لابن العربي (2/ 607).

ص: 210

ومن نصوص الشافعية: قال الغزالي في شروط المبيع: (أن يكون منتفعا به فبه تتحقق المالية)(1)، وقال السيوطي:(وأما المتمول فذكر الإمام له في باب اللقطة ضابطين، أحدهما: أن كل ما يقدر له أثر في النفع فهو متمول وكل ما لا يظهر له أثر في الانتفاع فهو لقلته خارج عما يتمول)(2)، وقال النووي:(فما لا نفع فيه ليس بمال)(3)، وقال الزركشي:(المال ما كان منتفعا به أي مستعدا لأن ينتفع به)(4).

وفي مغني المحتاج: (فلا يصح بيع ما لا نفع فيه لأنه لا يعد مالا فأخذ المال في مقابلته ممتنع للنهي عن إضاعة المال)(5).

ومن نصوص الحنابلة: جاء في المبدع في شروط البيع: (أن يكون المبيع مالا وهو ما فيه منفعة مباحة)(6)، وفي أخصر المختصرات:(وكون مبيع مالا وهو ما فيه منفعة مباحة)(7).، وفي منتهى الإرادات:(وهو ما يباح نفعه مطلقا واقتناؤه بلا حاجة)(8).

(1) الوسيط (3/ 19).

(2)

الأشباه والنظائر للسيوطي ص (327).

(3)

روضة الطالبين (3/ 350).

(4)

المنثور للزركشي (3/ 222).

(5)

مغني المحتاج (2/ 11).

(6)

المبدع (4/ 9).

(7)

أخصر المختصرات لابن بلبان ص (163).

(8)

منتهى الإرادات (1/ 256).

ص: 211

وبهذا يتبين اتفاق كلمة المذاهب الأربعة على اعتبار الانتفاع عنصرا أساسيا في المالية.

وقبل بيان المحترزات من اشتراط الانتفاع في المال لا بد من أن نذكر أن هذا الانتفاع المعتبر في المالية ليس من شرطه كونه آنيا، بل المقصود كون المال مستعدا لأن ينتفع به ولو في المآل، وهنا يذكر الفقهاء أشياء تميل طباع الناس إليها لمنافع مرجوة فيها مستقبلا، لا توجد في الحال، فتكون أموالا بذلك، كدود القز وبزره، والأطفال الأرقاء، وجحوش الحمر، ومهور الأفراس، وبيض ما لا يؤكل، ونحوها مما يكون نفعه مرجوا في ثاني الحال، بل جاء في النكت والفوائد السنية في من أقر بشيء مجمل فأمره القاضي بتفسيره:(كما يقبل تفسيره من مسلم بجلد ميتة لم يدبغ يعني في أحد الوجهين؛ لأنه مما يؤول إلى التمول)(1).

وإن الانتفاع بالمال ليس جنسا واحدا بل هو في كل شيء بما يصلح له (2)،

لكنه في كل أحواله مقيد بالحل. فكل انتفاع محرم غير معتبر

(1) النكت والفوائد السنية (2/ 475).

(2)

(انظر: رد المحتار (4/ 502).

ص: 212

في المالية ولا أثر له فيها بل هو ملغى كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وأما عن المحترزات: فإن اشتراط الانتفاع في المالية يخرج به كل ما لا نفع فيه فلا يعتبر مالا ولا تنطبق عليه أحكام المال. وهذا يشمل ما يلي:

أولا: ما لا نفع فيه أصلا فليس بمال.

ثانيا: ما سقطت منفعته لقلته بألا يكون له منفعة محسوسة إلا بضم غيره إليه، كالحبة والحبتين من الحنطة والزبيب ونحوها، فلا يعد هذا القدر مالا، ولا ينظر إلى ظهور النفع إذا ضم غيره إليه.

ولا فرق في ذلك بين زمن الرخص والغلاء؛ حيث يحدثان نتيجة كثرة الشيء وتوفره. ولذا يجوز بيع الماء على شاطئ البحر وبيع الصخرة على الجبال لوجود المنفعة، وإنما الاستغناء عنها للكثرة (1).

ويدخل في ذلك ما يطرحه الناس عادة من حقير المال، كالفلس ونحوه فلا يعد مالا (2).

(1) روضة الطالبين (3/ 350)، والوسيط (3/ 20).

(2)

الأم (5/ 63 و171)، والأشباه والنظائر للسيوطي ص (327).

ص: 213

- قد يشكل على هذا ما يذكره الشافعية في كتاب الإقرار بالمجهول أنه لو أقر بمال قبل تفسيره بما قل منه وإن لم يتمول؛ كحبة حنطة ونحوها، وقد أجاب الشربيني عن ذلك بقوله:(ولا يخالف ما ذكروه هنا من أن حبة البر ونحوها مال ما قالوه في باب البيع من أنها لا تعد مالا؛ فإن كونها لا تعد مالا لعدم تمولها لا ينفي كونها مالا، كما يقال: زيد لا يعد من الرجال وإن كان رجلا، فكل متمول مال، ولا ينعكس)(1).

ثالثا: ما سقطت منفعته لخسته: كحشرات الأرض من الخنافس والعقارب والحيات، والفئران والنمل ونحوها (2)، قال النووي:(ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها)(3).

ولكن ينبغي أن ندرك أن تمثيل الفقهاء بالحشرات هنا إنما هو باعتبار زمنهم وما جرت عادة الناس به فيها وإلا فإن للحشرات أنواعا من المنافع في الوقت الحاضر؛ إذ أصبح كثير منها يتم الانتفاع بها داخل المختبرات العملية، إما يجعلها محلا للتجربة العلمية للتوصل بها إلى النظريات العلمية المساعدة في تطوير العمل الطبي، وإيجاد الحلول لكثير من الإشكالات الطبية، وإما باستخلاص المضادات

(1) مغني المحتاج (2/ 248).

(2)

الوسيط (3/ 20)، وروضة الطالبين (3/ 350).

(3)

روضة الطالبين (3/ 351)، ومغني المحتاج (2/ 11، 12).

ص: 214

الحيوية والعلاجات منها مباشرة، من السموم وغيرها، وهذه منافع معتبرة بلا شك تؤهلها لأن تكون أموالا.

والفقهاء قد استثنوا بعض الحشرات فأباحوا بيعها لما فيها من المنافع كدود القز وبزره والنحل والعلق. (وفيه منفعة المص للدم) وعللوا ذلك بما فيها من المنافع للناس، فدل ذلك على أن المنفعة هي المناط. وقد جاء هذا مصرحا به في الدر المختار حيث قال بعد ذكره بيع الحشرات وما يستثنى منها:(والحاصل أن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع) وجاء في التلقين في سياق ما لا يجوز بيعه: (وما لا منفعة فيه؛ كخشاش الأرض، والكلاب، واختلف فيما يجوز الانتفاع به منها)، وجاء في روضة الطالبين:(ونقل أبو الحسن العبادي وجها آخر أنه يجوز بيع النمل في (عسكر مكرم) وهي المدينة المشهورة بخراسان لأنه يعالج به السكر و (نصيبين) لأنه تعالج به العقارب الطيارة، والوجهان شاذان ضعيفان، كما أنهم حين نصوا على عدم مالية الحشرات أو عدم جواز بيعها لم يعللوا المنع إلا بعدم النفع فيها. فدل هذا كله على أن الأمر يدور مع الانتفاع

ص: 215