الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غرزة حديث حسن صحيح.
الفصل الثاني: عناصر المالية
المبحث الأول: عنصر (إمكان الادخار)
وأصل الكلمة (اذتخار) بالذال، مصدر اذخر الشيء يذخره، فقلب التاء ذالا مع الإدغام، فتحولت الكلمة إلى (اذخار) ثم قلبت الذال المشددة إلى دال، مثل: اذكار من الذكر، ولذا فإن أهل اللغة لا يذكرونها إلا في مادة (ذخر) بالذال، ووجه ذكرهم لها في باب ذخر ما ذكرته، لذا قال ابن الأثير عندها في باب ذخر:(هذه اللفظة كذا ينطق بها بالدال المهملة، ولو حملناها على لفظها لذكرناها في حرف الدال، وحيث كان المراد من ذكرها معرفة تصريفها لا معناها ذكرناها في حرف الذال)(1).
أما الفقهاء فقد غلب لديهم عليها الاستعمال الآخر فلا يقولون إلا (ادخار) بالدال وهو الذي في القرآن الكريم.
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 155).
فقد جاء لفظ الادخار في القرآن الكريم بهذا المعنى في قوله تعالى في سورة آل عمران في سياق تعداد عيسى عليه السلام آيات نبوته: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (1)، ومعنى الآية: أخبركم بما تأكلونه وبما ترفعونه فتخبئونه من الطعام ولا تأكلونه (2)، وقد ذكر الطبري - رحمه الله تعالى - أن "يدخرون" بالدال هي اللغة الأجود وأنه يجب القراءة بها لا بالذال فقال: (وأصل "يدخرون" من الفعل يفتعلون من قول القائل: ذخرت الشيء - بالذال - فأنا أذخره ثم قيل: يدخر كما قيل: يدكر من ذكرت الشيء يراد به يذتخر، فلما اجتمعت الذال والتاء وهما متقاربتا المخرج ثقل إظهارهما على اللسان فأدغمت إحداهما في الأخرى وصيرتا دالا مشددة، صيروها عدلا بين الذال والتاء. ومن العرب من يغلب الذال على التاء فيدغم التاء في الذال فيقول: وما تذخرون وهو مذخر لك، وهو مذكر، واللغة التي بها القراءة الأولى - وذلك إدغام الذال في التاء وإبدالهما دالا مشددة - لا يجوز القراءة بغيرها؛ لتظاهر النقل من القراءة بها وهو اللغة الجودى كما قال زهير:
إن الكريم الذي يعطيك نائله
…
عفوا ويظلم أحيانا فيظلم
(1) سورة آل عمران الآية 49
(2)
تفسير الطبري (3/ 379)، وتفسير البغوي (2/ 40، 41)، وزاد المسير (1/ 392، 393).
يروى بالظاء يريد فيفتعل من الظلم، ويروى بالطاء أيضا).
مع أن مجاهدا والزهري والسختياني قد قرءوها بالذال لكن مخففة "وما تذخرون"(1).
ومعنى الادخار في اصطلاح الفقهاء لا يختلف عن المعنى اللغوي؛ وهو تخبئة الشيء والاحتفاظ به لوقت الحاجة.
فهل الادخار بهذا المعنى شرط في ثبوت صفة المالية للشيء؟ جاء في تعريف بعض الحنفية للمال النص على ذلك: فقد قال ابن عابدين: (المال أعم من المتقوم؛ لأن المال ما يمكن ادخاره ولو غير مباح كالخمر)(2).
وقال أيضا: (المراد بالمال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة)(3)، ونقل صاحب البحر الرائق هذا التعريف أيضا
(1) تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن (4/ 95).
(2)
رد المحتار (4/ 501).
(3)
المصدر السابق.