المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المحتويات * الافتتاحية * خطبة عرفة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌الذبح ليلة الإسراء والمعراج معصية

- ‌إذا قامت البينة في أثناء النهار فمتى يصلون العيد

- ‌تناول طعام العيد في الأسواق

- ‌تجول أهل القرى بعضها على بعض وتقديم بعض أنواع الطعام

- ‌مصلى العيد

- ‌افتتاح خطبتهما بالحمد لله

- ‌التكبير في مصلى العيد أفضل

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الكسوف يدرك بالحساب

- ‌الزلزلة، والبراكين

- ‌ البراكين كأنها مواد نارية

- ‌الراجح في صلاتها

- ‌تغليط إمام اكتفى بالفجر عن الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم حضور مجلس العزاء والجلوس فيه

- ‌لا بأس باستقبال المعزين

- ‌حكم جمع أهل الميت في صف واحد حتى تتم تعزيتهم

- ‌حكم تقبيل ومعانقة المعزى

- ‌التعزية في أهل المعاصي

- ‌حكم السفر للتعزية

- ‌ليس للعزاء أيام محدودة

- ‌الكلمات المناسبة للتعزية

- ‌حكم إقامة مراسم العزاء

- ‌حكم جلوس أهل الميت ثلاثة أيام للتعزية

- ‌الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة

- ‌حكم إقامة وليمة يجتمع فيها المعزون

- ‌صنع الطعام لأهل الميت

- ‌أهل الميت لا يصنعون للناس طعاما

- ‌حكم دعوة أهل الميت من يأكل معهم ما بعث لهم

- ‌حكم بعث الذبائح لأهل الميت والدعوة إليها

- ‌حكم دفع النقود لأهل الميت

- ‌حكم إقامة الولائم من تركة الميت

- ‌عادات الاحتفال بعد موت أحد من الناس

- ‌حكم البذخ والإسراف في العزاء

- ‌الأربعينات والسنوات لا أصل لها في الشرع

- ‌من بدع العزاء

- ‌حكم النعي في الجرائد

- ‌ حكم قولهم في التعزية: " انتقل إلى مثواه الأخير

- ‌ حكم لبس اللون الأحمر بالنسبة للنساء

- ‌ الأحق بإمامة المصلين

- ‌ حكم البيع بالتقسيط

- ‌ حكم القرض من المصرف للقيام بمشروع تجاري

- ‌ حكم الاستماع إلى ما يسمى بالأبراج

- ‌ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الصلاة قبل دخول وقتها

- ‌ الطهارة مقدمة لمن استيقظ من النوم وهو جنب حيث لو اغتسل طلعت الشمس

- ‌ إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل خروج وقت الصلاة

- ‌ الترتيب بين الصلوات

- ‌ نسي فرض الظهر والعصر وأتى وقت المغرب فما الحكم

- ‌ ستر العورة واجب

- ‌ هل الفخذ عورة

- ‌ستر العورة

- ‌ عورة الرجل في الصلاة

- ‌ حكم الصلاة بالسراويل

- ‌ ستر رأس الرجل في الصلاة

- ‌ حكم الصلاة بدون غطاء للرأس

- ‌ حكم تغطية الرأس بالنسبة للرجال

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف الوقف

- ‌المبحث الثاني: أهمية الوقف وأدلة مشروعيته

- ‌المبحث الثالث: أركان الوقف وشروطه

- ‌المبحث الرابع: أنواع الوقف

- ‌المبحث الخامس: الطرق والأساليب الداعمة للوقف

- ‌المبحث السادس: حاجة البشرية إلى نور القرآن وهدايته

- ‌المبحث السابع: مشروعية الوقف في خدمة القرآن

- ‌المبحث الثامن: مقاصد الواقفين على القرآن

- ‌المطلب الثاني: الوقف على القراء

- ‌المطلب الثالث: الوقف على تعليم القرآن وتحفيظه

- ‌الخاتمة:

- ‌وسطية أهل السنة والجماعة وأثرها في علاج الغلو

- ‌توطئة:

- ‌الخاتمة:

- ‌تطبيق الشريعة الإسلامية ومعوقاتها

- ‌حماية المجتمع المسلممن الانحراف الفكري

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول: منهج القرآن الكريم والسنة النبوية في حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري

- ‌المبحث الأول: تثبيت العقيدة الصحيحة في النفوس بالدلائل والبراهين

- ‌المبحث الثاني: دفع الشبهات

- ‌المبحث الثالث: بيان فساد العقائد الباطلة وأسباب ذلك

- ‌المبحث الرابع: بيان الأمور المفسدة للاعتقاد والنهي عنها

- ‌المطلب الأول: القول على الله بغير علم:

- ‌المطلب الثاني: الغلو

- ‌المطلب الرابع: الخوض في آيات الله

- ‌المطلب الخامس: اتباع المتشابه

- ‌المطلب السادس: الاطلاع على كتب أهل الضلال ثقة بما فيها أو ثقة بأهلها:

- ‌المطلب السابع: الشكوك والشبه

- ‌المطلب الثامن: مجالسة أهل الأهواء والبدع

- ‌المطلب التاسع: الإنكار والتكذيب

- ‌المطلب العاشر: الاستكبار

- ‌المبحث الخامس: العقوبات الرادعة في الدنيا والآخرة

- ‌تمهيد: عن العقوبات الإلهية في الدنيا والآخرة لأهل الضلال

- ‌الفصل الثاني: التطبيقات العملية للوقاية من الانحراف الفكري في تاريخ المسلمين

- ‌المبحث الأول: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: في عهد الخلافة الراشدة

- ‌المبحث الثالث: نماذج من التطبيقات العملية من قبل الأئمة المجددين من السلف

- ‌الفصل الثالث: سبل حماية المجتمع من الانحراف الفكري في العصر الحاضر

- ‌تمهيد في الأسس المنهجية للوقاية:

- ‌المبحث الأول: الأساليب العملية لعلاج الانحراف الفكري

- ‌المطلب الأول: الحكم بما أنزل الله في جميع جوانب الحياة:

- ‌المطلب الثاني: بناء المساجد وإقامة شعائر الله

- ‌المطلب الثالث: إزالة مشاهد الشرك والبدع

- ‌المطلب الرابع: منع الاحتفالات المبتدعة

- ‌المطلب الخامس: حماية المجتمع من المؤثرات الداخلية والخارجية

- ‌المطلب السادس: القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌المبحث الثاني: الأساليب الوقائية للوقاية من الانحراف

- ‌المطلب الأول: العناية بتأصيل ونشر العقيدة الصحيحة في مختلف مجالات التوجيه

- ‌المطلب الثاني: منع المبطلين من نشر مذاهبهم الضالة وعقائدهم المنحرفة والتحذير منها والرد على أصحابها:

- ‌المطلب الثالث: بيان وكشف العقائد والمذاهب الباطلة والأساليب المسببة للانحراف الفكري والتصدي لها:

- ‌المطلب الرابع: التصدي لوسائل التأثير الفكري النظرية والعملية:

- ‌الخاتمة:

- ‌عمل المرأة والاختلاطوأثره في انتشار الطلاق

- ‌نظرة الإسلام إلى المرأة:

- ‌الأسرة ضرورة فطرية نفسية واجتماعية:

- ‌الواقعية والمثالية في نظام الأسرة:

- ‌خطوات في رأب الصدع:

- ‌الطلاق صمام أمان للأسرة:

- ‌كلمة في هذه المعاني للدهلوي:

- ‌كلمة أخرى لفيلسوف قانوني:

- ‌الطلاق ظاهرة اجتماعه قديمة:

- ‌ازدياد نسبة الطلاق:

- ‌العوامل المؤثرة في انتشار الطلاق:

- ‌ظاهرة متميزة بين الظواهر الاجتماعية:

- ‌قبل الدراسة:

- ‌قضايا منهجية:

- ‌المقصود بعنوان الدراسة، وموضوعها:

- ‌ عمل المرأة قسمان:

- ‌أثر هذا العمل في الطلاق:

- ‌الدراسات الميدانية حول الموضوع:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌المحتويات * الافتتاحية * خطبة عرفة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد

‌المحتويات

* الافتتاحية *

خطبة عرفة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 7

*الفتاوى *

من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 47

من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 59

من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 81

من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 93

ص: 4

البحوث

الوقف على القرآن لفضيلة الدكتور بدر بن ناصر البدر 109

وسيطة أهل السنة والجماعة وأثرها في علاج الغلو لفضيلة الدكتور علي بن عبد العزيز الشبل 163

تطبيق الشريعة الإسلامية ومعوقاتها لمعالي الدكتور / محمد بن سعد الشويعر 195

حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري لفضيلة الدكتور / عبد الله بن عبد العزيز الزايدي 231

عمل المرأة والاختلاط وأثره في انتشار الطلاق لفضيلة الدكتور /عثمان جمعة ضميرية 345

صفحة فارغة

ص: 5

صفحة فارغة

ص: 6

خطبة عرفة (1)

لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

مفتي عام المملكة العربية السعودية

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، اتقوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم.

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (2).

اتقوا الله الذي أوجدكم من العدم، ورباكم بالنعم، وتكفل بأرزاقكم، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (3).

(1) خطبة عرفة لحج عام 1426 هـ.

(2)

سورة النساء الآية 1

(3)

سورة هود الآية 6

ص: 7

اتقوا ربكم الذي دبر شئونكم، وبرأكم بعد أن خلقكم، {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1).

اتقوا ربكم الذي أعزكم بالإسلام وجعلكم به خير الأنام، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2). أيها المسلم: تفكر في عظيم آيات الله، وفي عظيم مخلوقات الله؛ لتكون على يقين جازم من كمال صنع الله، ووجوب توحيده في عبادته، وأنه مستحق لها دون ما سواه.

واسمع الله يقول: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3){إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (4)، أفلا

(1) سورة الحشر الآية 24

(2)

سورة آل عمران الآية 110

(3)

سورة البقرة الآية 163

(4)

سورة البقرة الآية 164

ص: 8

تتفكرون فيما حولكم؟ أفلا تتدبرون في ملكوت السماوات والأرض: السماء فوقكم من بناها؟ وبغير عمد ترونها من رفعها؟ كواكب ونجوم، شمس وقمر، شهاب ونجوم ثاقبة، كل في فلك يسبحون، من دبرها ونظم سيرها؟

الأرض التي أنتم عليها من خلقها وبسطها؟ خلق الجبال العظيمة ونصبها. أنزل الماء بانهمار من السماء، أنبع به العيون والآبار، شق البحار وأجرى الأنهار، خلق الإنسان من طين لازب، وخلق الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار.

من خلق المخلوقات على اختلاف أنواعها؟ من كور الليل على النهار؟ ألا هو العزيز الجبار، {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (1)، {فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (2) هو الله الذي لا إله إلا هو المبدئ المعيد، الرزاق ذو القوة المتين {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (3).

الإقرار بربوبية الله على جميع خلقه أمر عام في البشر، لم يخالف

(1) سورة الأنعام الآية 102

(2)

سورة الأنعام الآية 102

(3)

سورة يونس الآية 31

ص: 9

فيه إلا شذاذ من البشر، حتى أعداء الرسل المكذبون لهم، قال الله عنهم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (1)، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (2)، كل ذلك مقرون به.

يا قوم: يا من توجهتم لضرائح الأولياء والصالحين:

أليس الله بأقرب لكم منهم؟

أليس الله بأرحم بكم منهم؟

أليس الله بأسمع لدعائكم منهم؟

أمركم أن تدعوه ووعدكم بالإجابة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3)، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (4).

هل تريدون منهم الشفاعة؟ فالشفاعة ملك لله تطلب من مالكها، {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (5)، والشافع لا يشفع إلا بعد رضا الله وإذنه، له أن يشفع له؛ أن يشفع لذلك الإنسان، {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} (6).

(1) سورة الزخرف الآية 87

(2)

سورة الزخرف الآية 9

(3)

سورة غافر الآية 60

(4)

سورة البقرة الآية 186

(5)

سورة الزمر الآية 44

(6)

سورة النجم الآية 26

ص: 10

أتأملون فيهم دفع ضر أو جلب نفع؟ فذلك إلى الله وحده لا يملكه سواه {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (1).

يا إخواني، يا قوم: إن دعاء الأموات وسؤالهم الشفاعة، وجعلهم وسائط بينكم وبين الله، وإنزال الملمات، ودعائهم عند الشدائد والاستغاثة بهم، وتعلق القلوب بهم شرك؛ كله شرك بالله، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (3).

يا قوم: إني أخاف عليكم التناد يوم يتبرأ كل معبود من عابده؛ {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (4).

وعدو الله إبليس قال الله عنه: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (5)

(1) سورة الإسراء الآية 56

(2)

سورة فاطر الآية 13

(3)

سورة فاطر الآية 14

(4)

سورة البقرة الآية 166

(5)

سورة إبراهيم الآية 22

ص: 11

ويتبرأ المسيح يوم القيامة من كل من عبده من دون الله، وألهه من دون الله قال الله جل وعلا:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (1){مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (2).

وملائكة الرحمن يتبرءون من كل من عبدهم من دون الله، وعلق بهم الآمال من دون الله، {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (3) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (4). أمة الإسلام: شهادة أن محمدا رسول الله فريضة لصحة الإيمان، فلا يصح إسلام عبد حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا

(1) سورة المائدة الآية 116

(2)

سورة المائدة الآية 117

(3)

سورة سبأ الآية 40

(4)

سورة سبأ الآية 41

ص: 12

عبد الله ورسوله؛ خاتم أنبيائه ورسله، شهادة تقتضي طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا نعبد الله إلا بما شرع.

محمد صلى الله عليه وسلم بشرى عيسى عليه السلام، {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (1).

هو دعوة إبراهيم حيث دعا لأهل البيت قائلا: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2).

هو منة الله على المؤمنين، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (3).

هو الشفيق على أمته، الحريص على هدايتهم، يعز عليه ضلالهم وعذابهم، حريص على هدايتهم، لا خير إلا دلهم عليه ولا شر إلا حذرهم منه - صلوات الله وسلامه عليه - {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (4).

(1) سورة الصف الآية 6

(2)

سورة البقرة الآية 129

(3)

سورة آل عمران الآية 164

(4)

سورة التوبة الآية 128

ص: 13

وضع الله عز وجل ببعثته الآصار والأغلال وكتب اسمه في التوراة والإنجيل، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (1).

محمد رسول الله رفع الله قدره، وأعلى شأنه، ووضع وزره، وألزم الذل والصغار على من خالف أمره، {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (2){وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} (3){الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (4){وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (5)، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (6){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (7){إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (8).

محمد صلى الله عليه وسلم الواسطة بيننا وبين ربنا في تبليغ شرع الله ووحيه، ولا سبيل لنا إلى الله وإلى جنته إلا من طريق هذا النبي الكريم.

محمد صلى الله عليه وسلم صلى عليه ربنا وملائكته وأمرنا بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (9)

(1) سورة الأعراف الآية 157

(2)

سورة الشرح الآية 1

(3)

سورة الشرح الآية 2

(4)

سورة الشرح الآية 3

(5)

سورة الشرح الآية 4

(6)

سورة الكوثر الآية 1

(7)

سورة الكوثر الآية 2

(8)

سورة الكوثر الآية 3

(9)

سورة الأحزاب الآية 56

ص: 14

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.

أمة الإسلام: شريعة الإسلام جاءت بتزكية الأرواح والأبدان، جاءت بعبادة قلبية وعملية وقولية، جاءت بتنويع العبادة ما بين فرائض ونوافل، عبادة بدنية أو عبادة مالية وعبادة مركبة منهما من مال وبدن، كل هذه الواجبات الشرعية لتعبيد الجوارح لله ولشكره على فضله وإحسانه.

ص: 15

أمة الإسلام إن أعظم فريضة بعد التوحيد الصلوات الخمس هي الصلة بينك وبين ربك، هي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، رمن ضيعها فهو لما سواها أضيع، {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1)، حافظوا عليها جماعة في المسجد واركعوا مع الراكعين.

يا عبد الله: شأن الصلاة عظيم، افترضها الله على نبيه لما عرج به إلى السماء، كما كان محمد صلى الله عليه وسلم يتردد إلى ربه، حتى أمضى الله فريضته وخفف على عباده، فهي خمس في العدد خمسون في الثواب.

(1) سورة البقرة الآية 238

ص: 15

يا عبد الله: احذر التخلف عنها، فإن المتخلف عنها قد وعد أعظم وعيد، {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (1)، احذر التهاون فيها، قال عبد الله ابن مسعود: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (2).

يا عبد الله حافظ على هذه الصلوات فهي تنهاك عن الفحشاء والمنكر، نور بالوجه وسعة في الرزق، وسبب تنال بها رضا الرب. أيها المسلمون: الزكاة ثالث أركان الإسلام، وهي حق الله في المال، وهي حق أوجبه الله في أموال الأغنياء، الزكاة قرينة الصلاة في كتاب الله.

أيها المسلم: أد الزكاة ففيها شكر نعمة الله عليك، وبها تعف إخوانك المستحقين وتواسيهم بذلك.

أخي المسلم: إن إخراجها كاملة سبب لتطهير المال وبركته، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (3)، وهي حماية للمال من الآفات وسبب لبركته، «ما نقص مال من صدقة (4)» .

(1) سورة مريم الآية 59

(2)

رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى برقم (654).

(3)

سورة التوبة الآية 103

(4)

سنن الترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، برقم 2325، قال الشيخ الألباني: صحيح.

ص: 16

فاحذر البخل بها والتهاون بها: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (1){يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (2).

الصيام عبادة بين العبد وبين ربه، تكفل الله بجزائه ولم يطلع عليه أحد من خلقه، «الصوم لي وأنا أجزي به (3)» ، وفي الجنة باب يسمى الريان يدخل منه الصائمون دون غيرهم.

أيها المسلم: عبادة الحج، الحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (4)، وهو أحد الأركان الخمسة التي بني عليها ديننا.

أيها المسلم: في الحج انكسار بين يدي الرب وذل وخضوع له، في الحج التربية على التوحيد:(لبيك اللهم لبيك)، في الحج إظهار لوحدة المسلمين ولشعائرهم ولمشاعرهم، فهم يرتدون لباسا واحدا يتنقلون بين هذه المشاعر في زمن واحد فلله الفضل والمنة.

أيها المسلم: كن صادقا في تجارتك، كن صادقا في بيعك وشرائك، فالصدق سبب للبركة والخير، والكذب سبب لمحق البركة،

(1) سورة التوبة الآية 34

(2)

سورة التوبة الآية 35

(3)

رواه البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، برقم 1904، ومسلم، في كتاب الصيام، فضل الصيام برقم 1151.

(4)

سورة آل عمران الآية 97

ص: 17

في الحديث: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما (1)» .

أباح الله لنا ما في الأرض جميعا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (2).

ومعاملاتنا الأصل فيها الحل إلا ما جاء تحريمه بعينه كالخمر والخنزير وأمثاله، أو لوصفه كالربا {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (3)، وكالظلم للطرفين أو أحدهما {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (4).

«ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (5)» لما فيه من الجهالة والظلم.

ونهى الله عن الميسر والقمار وأمثاله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (6).

(1) صحيح البخاري: كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم: 2079، ومسلم كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم 1532.

(2)

سورة البقرة الآية 29

(3)

سورة البقرة الآية 275

(4)

سورة النساء الآية 29

(5)

صحيح مسلم البيوع (1513)، سنن الترمذي البيوع (1230)، سنن النسائي البيوع (4518)، سنن أبي داود البيوع (3376)، سنن ابن ماجه التجارات (2194)، مسند أحمد (2/ 496)، سنن الدارمي البيوع (2563).

(6)

سورة المائدة الآية 90

ص: 18

والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما.

أيها المسلم: اكتسب المال من حله، وأنفقه في محله، يا من ترعى الشركات المساهمة، يا من عهد إليك بإدارة أموال الناس، اتق الله في نفسك، واتق الله في أسرتك، واتق الله في المسلمين، فلا تضف إلى أموالهم أموالا خبيثة، ربا أو غيره من المكاسب الخبيثة، ففيما أباح الله لك غنى عما حرم الله عليك:«ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله (1)» .

أيها المسلم: حافظ على أسرتك، واسمع نصيحة النبي حيث يوجهها إليك:«استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، استوصوا بالنساء خيرا (2)» ، فلن تبلغ بها الكمال لكن إياك والحماقة بأن تلجأ إلى الطلاق، فتقطع حبالا طالما وصلتها وتفرق أولادك وتهدم أسرتك.

احذر يا عبد الله الخصوم، واحذر أكل أموال الناس بالأقوال الكاذبة، والدعاوى الكيدية، احذر غضب الجبار وسطوته، وفي

(1) رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة برقم 1469، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر برقم 1053.

(2)

رواه البخاري، كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء برقم 5186، ومسلم: كتاب الطلاق، باب الوصية بالنساء برقم 1468.

ص: 19

الحديث: «من اقتطع شبرا ظلما من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين (1)» ، وفي الحديث:«من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان (2)» .

أيها المسلم: إن للقضاء في الإسلام منزلة عظيمة وحصانة أكيدة ومرتبة رفيعة، فاحذر أن تسيء للقضاة، كيف وهم يحكمون بما أراهم الله من كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالإساءة إلى هذا المنصب استخفاف بشرع الله، فاحذر أن تفتح على المسلمين باب الشر عصمنا الله وإياكم من كل بلاء.

أمة الإسلام: يا من وحد الله بالدين قلوبكم، يا من وحدكم على رسالته وشريعته، يا من جمعكم على رسول واحد وكتاب واحد، يا من أوجب عليكم الإيمان بمكونات هذه الوحدة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (3)، وحدتنا لم

(1) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين برقم 3198، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، برقم 1610 واللفظ له.

(2)

رواه البخاري، كتاب التفسير، باب:" إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم " برقم 4549، ومسلم كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار برقم 138.

(3)

سورة النساء الآية 136

ص: 20

تقم على أغراض دنيوية ولا على مطامع مادية، ولا على مصالح مشتركة متى تخلفت زالت عنها وحدتنا، كلا.

إنه دين ندين الله به، وفريضة افترضها الله علينا، وحدتنا قامت على قواعد راسخة، كتب الله لها الخلود والبقاء عزيزة منيفة، وحدتنا قوة صادقة:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (1)، وحدتنا على عقيدة ومنهج سليم على وفق الكتاب والسنة وما فهمه سلف هذه الأمة، وحدتنا ليست خيارا من خيارات، ولكنها تكليف وتشريف من الله لنا {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (2).

لقد تخلف كثير من أمة الإسلام عن كثير من مجالات الحياة، وخضعوا لعدوهم المتسلط عليهم، وتكالب عليهم الطامعون، فما ذاك، إنما هو لبعد كثير من المسلمين عما أنزل الله فأضلهم الله وأذلهم، ولا طريقة لهم إلا الاجتماع على الحق، وأن تكون وحدة الأمة في سبيل ما ينزلها المنزلة اللائقة بها.

ولا بد للأمة من منظومة عسكرية واقتصادية وسياسية حتى تنهض من كبوتها وتتبوأ مكانتها {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (3).

أيها المسلم: إسلامك ليس هوية تحملها، وليس اسما تتكلم به، ولا جماعة تنتمي إليها، كلا إنه دين الإسلام ربى أهل الطاعة على

(1) سورة الحجرات الآية 10

(2)

سورة المؤمنون الآية 52

(3)

سورة البقرة الآية 143

ص: 21

الاستقامة باطنا وظاهرا {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (1).

«وقال رجل: يا رسول الله قل لي في الإسلام كلمة لا أسأل أحدا عنه غيرك قال: " قل آمنت بالله ثم استقم (2)» .

إسلامنا لا يتوقف على مجرد النطق بالشهادة مع الركون عن العمل والوقوع في الموبقات؛ كلا إنه الكلمة الحقة مع الاعتقاد الجازم والعمل بالجوارح.

إن التزامك بفرائض الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وصوم وحج دليل على صحة إيمانك، والتزامك بأخلاق الإسلام دليل على كمال إيمانك.

أمة الإسلام: ديننا دين اتباع، تكفل الله بحفظه، ولم يكله إلى الناس، دين قائم على نصوص ربانية، وعلى أحاديث نبوية أصلها الوحي المعصوم:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3).

كانت الرسالات تنزل على أنبياء بني إسرائيل، تنزل مكتوبة من عند الله، أمر أتباعه بحفظها ورعايتها؛ ولكن سرعان ما ضيعوا وحرفوا، فجاءت أنبياؤهم لتصحح المعتقد والعبادة، حتى كان دور محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله في آخر الزمان برسالة كافة إلى جميع الأنام {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (4)،

(1) سورة فصلت الآية 30

(2)

صححه الشيخ الألباني في الجامع الصغير برقم (4395).

(3)

سورة النجم الآية 3

(4)

سورة سبأ الآية 28

ص: 22

أرسله لعموم الخلق إنسهم وجنهم، عربهم وعجمهم، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1)، من أطاعه نجا، ومن تخلف عن شرعه هلك، وفي الحديث:«لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار (2)» .

ديننا ليس مجامع خاصة أو عامة، يقر فيها مجمع ما يخالفه الآخر، يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا، جعلوا لهم نصوصا أملوا عليها عهدهم وأمانتهم ثم سرعان ما نقضوها.

(1) سورة الفرقان الآية 1

(2)

رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، برقم 153.

ص: 23

أمة الإسلام: دين الإسلام دين العدل والرحمة والإحسان، حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما:«يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما (1)» ، أمرنا برحمة الخلق والإحسان إليهم «الراحمون يرحمهم من في السماء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء (2)» ، {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (3).

(1) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم 2577.

(2)

سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الناس، برقم 1924، قال الترمذي: حسن صحيح، قال الشيخ الألباني: صحيح.

(3)

سورة الأعراف الآية 56

ص: 23

جاء بقواعد العدل التي لو طبقها مجتمع ما، لا سيما مجتمع الإسلام عمهم خير عظيم وأمن عميم، كما كان ذاك في صدر هذه الأمة.

إن تشريعاته هي تشريعات رحمة، فهي آداب لا عذاب؛ ولكنها لحماية الصالح العام.

شرع الله القصاص لتأمين حياة بني الإنسان، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} (1).

شرع الحد لقطع يد السارق {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2).

شرع حد الزنا الذي إذا انتشر في المجتمع أنهكه وأضعف قوته، وبالزنا تختلط الأنساب وتضيع الأولاد ويصبح بناء المجتمع هشا تكثر فيه الأمراض من الطاعون وغيره من الأمراض التي لم تكن في أسلافكم الماضين.

إن أحكام الإسلام موقوفة بضوابط شرعية قدرها العزيز الحكيم {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (3)، ليس في ديننا

(1) سورة البقرة الآية 179

(2)

سورة المائدة الآية 38

(3)

سورة الملك الآية 14

ص: 24

تصرفات عشوائية، ولا منطلقات مادية ولا طائفية ولا قومية، السيادة في ديننا لهذا الدين، لهذا الدين وحده، ليس في ديننا تبرير لأي تصرف عشوائي أو أعمال إجرامية، فالفساد أو ما يسمى بالإرهاب محرم في شريعة الإسلام {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (1)، وجزاؤه {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2).

لقد جنى أقوام على الإسلام أعظم جناية حيث حصروا مصطلح مفهوم الإرهاب في هذا الدين وأهله، ولعمر الله إنهم ليعلمون قبل غيرهم أنهم لكاذبون، إن الأمم على اختلاف مللها لم تنعم بعدل كعدل الإسلام لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، ودخل الناس في دين الله أفواجا مطيعين {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (3)، ومن لم ينقد عقدوا معه عقد ذمة حماه المسلمون مما يحمون أنفسهم؛ حموا ماله ودمه وعرضه كما يحمون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، أفبعد هذا يتهم الإسلام بالإرهاب، ويحارب المسلمون في كل مكان تحت ذريعة مكافحته؟.

(1) سورة البقرة الآية 205

(2)

سورة المائدة الآية 33

(3)

سورة البقرة الآية 256

ص: 25

إن خروج فئة من الناس عن النظام العام، موجود في كل مكان، ألف أو عشرة آلاف من ألف مليون، أفلا يكون ذلك شذوذا {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (1).

أمة الإسلام: ثوابتنا الشرعية يجب أن تحمى عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

إن هناك حربا عقدية فكرية ثقافية تشن على أهل الإسلام، تتستر تارة بمكافحة الإرهاب، وتارة بالتعامل مع الآخر، اصطلاحات جاءت للإسلام خضع لها بعض المسلمين ضعفا وخورا، والله يقول:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2)، الإسلام والكفر والبراء والولاء أسماء جاءت في كتاب ربنا:

- إن قوما حاولوا تحريف هذه الألفاظ وإخراجها عن معانيها.

- وتجاوز قوم فأخفوها.

- وبالغ آخرون فطالبوا بحذفها من كتاب الله.

إنه انهزام أمام تهاويل الشيطان، والله يقول:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3).

(1) سورة المائدة الآية 50

(2)

سورة آل عمران الآية 139

(3)

سورة آل عمران الآية 175

ص: 26

أيها المسلمون: إن الدعوة لتمييع الدين، وإخراج الشرعية من معانيها، دعوة خبيثة ينقدها الإسلام، يريدون النيل من الإسلام، والله يقول:{وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1)، إن أهل كل دين؛ حتى الباطل له أناس يحبونه ويدافعون عنه، وأناس يبغضونه ويكفرون أهله:{فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ} (2)، ولماذا اجتمع جالوت وطالوت كما أخبرنا الله؟ ولماذا قتل داود جالوت؟ أليس بسبب الكفر والإيمان؟ لماذا يا عباد الله عادى قوم فرعون موسى وجرد الجيوش لحربه؟ أليس ذاك بين الكفر والإيمان، وما شأن القرامطة وأخبارهم.

إن الله تعالى أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (3)، نعم إن دعوته امتداد لدعوة إخوانه المرسلين، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (4)، فالدعوة للتوحيد ودعوته لمحاربة الشرك، دعوة دعا إليها الأنبياء السابقون وهم الأنبياء صلى الله عليهم وسلم.

(1) سورة الصف الآية 8

(2)

سورة الصف الآية 14

(3)

سورة الأحقاف الآية 9

(4)

سورة الأنبياء الآية 25

ص: 27

أيها المسلم: براءتي من المشرك، براءتي ممن عبد غير الله، براءتي ممن لم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم، هذا حق لا إشكال فيه، لكن عقيدتي التي أمرني الله بها أن أحب هذا الدين ومن والاه، وأن أعتقد براءتي من كل من خالفها ولست بظالم لأحد؟ ولكن تلك العقيدة التي ربانا عليها الإسلام.

هذا إبراهيم أبو الأنبياء، أبو إسحاق -أبو بني إسرائيل -، وإسماعيل وأبو سيد الأولين والآخرين، يقول الله عنه:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (1).

أيها المسلم: وفي التأييد {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (2){وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (3).

أمة الإسلام: إني أخاطب العقلاء والمفكرين، أخاطب كل عاقل مفكر، كل ذي رأي وكل متجرد منصف، أخاطبهم فأقول: إن هناك قضية ثابتة يقينية، قضية حقيقة ربانية هذا الدين الإسلامي،

(1) سورة الممتحنة الآية 4

(2)

سورة المائدة الآية 55

(3)

سورة التوبة الآية 71

ص: 28

الذي كتب الله له الخلود والبقاء، هذا الدين الذي نزل من عند الله وتكمل الله بحفظه، وأخبر عن بقائه، إن قهر المسلمين وحربهم، ونصب العداء لهم، لن يؤثر ذلك في دينهم، كم كاد لهذا الدين أقوام فبادوا وبقي، كم حاربه الطغاة المجرمون فهلكوا وبقي، كم تآمرت عليه الشعوب والأمم وجردت لحربه الجيوش شرقا وغربا، فماذا كان؟ أصبحت أخبارهم تاريخا يتلى شاهدا على ظلمهم وجورهم، وعلى عز الإسلام وصفائه ونقائه.

نعم ظلم المسلمون، واغتصبت ديارهم، وغرت مناهجهم الدراسية، وبدلت أنظمتهم، وتسلط عليهم الإعلام الجاهل، وساعده بعض جهلة المسلمين على ذلك وماذا كان؟ حفظ الله هذا الدين، فهو محفوظ بحفظ الله، ومن نصر هذا الدين فهو منصور ولا يستحقه كل الخلق {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (1).

جنوا على الإسلام تحت مسميات حقوق الإنسان تارة، أو حقوق المرأة أخرى، أو حرية الأديان، وكل ذلك تضييق لهذا الدين وحرب له.

فنقول لهم: هذا عبث، فيا من انزلقوا في هذا المرتع الوخيم أفيقوا فإنكم عابثون، ولأوقاتكم ولأموالكم مضيعون وجند الله هم الغالبون.

(1) سورة محمد الآية 7

ص: 29

أمة الإسلام: لقد شرق العالم وغرب في الاقتصاد، وأتوا بأنظمة سببت لهم الاضطراب، والوهن، والعجز، والقلاقل:

نظام أشاع الملكية بين الأفراد، ومنع الملكية الفردية، وتجارة العبد في ماله، وبعض هذا النظام قدر الله عليه الانهيار، حتى تفرقت دويلات.

وجاء نظام نفعي أباح للإنسان اكتساب المال من أي طريق، فانقسم الناس إلى غني غال في الغناء، وإلى فقير شديد في الفقر.

وجاء النظام الإسلامي العادل، نظام قوي متكامل، راعى فيه حب الفرد للمال؛ فأباح له التملك {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} (1)، أمره بطلب الرزق وجعل ذلك بفضل الله، فقال جل وعلا:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (2)، أمره أن يجمع بين صالح دينه ودنياه، {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (3)، لم ينس الفقير فأوجب له في حق الأغنياء نصيبا يسيرا يواسون به الفقراء والمحتاجين.

إن التعامل بالربا أرقد اقتصاد العالم، وسبب له الانهيار والفساد، إن لم يتداركه عقلاء الناس، والإسلام حرم الربا وشدد في

(1) سورة الفجر الآية 20

(2)

سورة الجمعة الآية 10

(3)

سورة القصص الآية 77

ص: 30

تحريمه، وأباح المكاسب النافعة، كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء.

أمة الإسلام: إن أمتنا تمر بظروف خطيرة، تداعت عليها الأمم، وتكاثرت عليها الغوائل، وكشف الأعداء عن وجه الكراهة، وكشروا أنيابهم، ليس الشأن في متحدث، ولا متحذلق يسرد أفكاره، ولا في منهزم يثبط الأمة ويجسد قوة غيرها، ولا في من يبدي التنازل تلو التنازل ويجعل دينه تبعا لدنياه، ولا من يجدد مواطن فردية ليكون بها متميزا عن غيره.

المهم قلوب مؤمنة، وعقول حكيمة متزنة، وأفئدة منضبطة، والتفاف العلماء مع حكامهم، وتقييم المصالح والمفاسد، وتقديم المصالح العليا للأمة على المصالح الشخصية.

المهم حماية المال العام، وكيان الأمة عسكريا ومدنيا واقتصاديا، والأخذ على أيدي العابثين، وأن تكون تصرفات الأمة فيما يخدم هذا الدين ويعلي شأنه.

أمة الإسلام: في القرون الثلاثة المتأخرة أذن الله بقيام هذه الدولة المباركة التي قامت على دعوة صالحة تعاون عليها من قيام مجتمعهم الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود رحمهما الله وجزاهما عما قدموا للإسلام خيرا.

دولة جعلت التوحيد أساس بنائها، وتحكيم شرع الله منهج حياتها، ونظامها، دولة رفعت توحيد الله فرفع الله ذكرها، وأعلت

ص: 31

شأن الحق فأعلى الله شأنها، ومن تدبر فيها حقا علم أن التوحيد والدعوة إليه سبب الخير، وأن الله يوفق ويمكن لمن قام بهذا الواجب.

دولة على حداثتها هي محط أنظار الآخرين، ومحل ثقتهم، دولة حكمت بكتاب الله وجعلته أساس حكمها تعليما وطباعة، فاستفاد المسلمون في العالم كله خيرا.

أمة الإسلام: يا علماء المسلمين الحمل ثقيل، والأمانة عظمى، والناس بحاجة إلى شرع الله وبحاجة إلى معرفة الحلال من الحرام، ليقوموا على شرع الله ويجتنبوا ما حرم الله، اطرحوا خلافاتكم ووحدوا صفكم على الحق ليصدر الأمر عن رأي رشيد.

أيها المفتون: اتقوا الله فيما تقولون، انظروا فيما تفتون، واعلموا أن الله سائلكم عن ذلك {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (1)، اعتنوا بأمر العامة، واحرصوا على جمع كلمتهم وتعاونهم على البر والتقوى.

احرصوا على شباب الأمة فاحملوهم على المنهج الوسطي، وجنبوهم الغلو والجفاء.

احرصوا على نساء المسلمين، فلا تكونوا عونا للشيطان عليهن، ولا سببا لتحررهن على أخلاق دينهن.

(1) سورة الإسراء الآية 36

ص: 32

أيها الشباب المسلم، يا شباب الإسلام: أنتم عدة المستقبل، وعليكم بعد الله تعلق الأمة آمالها، إن إسلامكم محارب منذ بعث الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم آخر الزمان حكمة من الله {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (1)، فكونوا سدا منيعا أمام مخططات أعداء دينكم، تسلحوا بالعلم النافع، تسلحوا بالعمل الصالح، وحدوا صفوفكم مع علمائكم وقادتكم، وحدوا صفوفكم مع قادتكم وعلمائكم.

يا شباب الإسلام: احذروا الغلو، احذروا التفجير والتهاون بالتفجيرات، فذلك إضعاف للأمة وسبب لتسلط العدو عليها، اربئوا بأنفسكم أن تكونوا سبب شر، كونوا أعضاء صالحين في مجتمعكم.

أنقذوا شبابكم من هذه الترهات، واحملوهم على الخير، وجنبوهم سبل الغواية، واهدوهم إلى طريق الله المستقيم.

يا رجال التربية والتعليم، برقابكم فلذات أكبادنا، وثمرات أفئدتنا، فاتقوا الله فيهم، علموهم دين الله، بصروهم بالحق، فدلوهم على الكتاب والسنة، جنبوهم يا عباد الله جنبوهم مناهج التكفير والتبديع، جنبوهم وسائل المرجفين، جنبوهم مناهج الغالين، دلوهم على الحق واحملوهم عليه، فإنهم أمانة في أعناقكم متى ربيناهم على

(1) سورة الأنفال الآية 37

ص: 33

الحق، وأودعنا في أفكارهم حب الإسلام وأهله.

وإن دين الإسلام ليس مانعا عن أي علم ينتفع به أبناؤنا؛ ولكن مع توسعنا وأخذنا بكل مقترح جديد، وأخذنا بكل نافع للأمة في دنياها، إلا أن ديننا يجب أن نحتفظ به وأن نشعر أبناءنا بأن هذه ضرورية لمجتمعنا.

أيتها المرأة المسلمة، احذري أن يخدعك الأعداء بزخارفهم ومغرياتهم، أتبغين بالإسلام بديلا؟ أتصدقين غير الله؟ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (1)، ألم تسمعي الله يقول:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (2)، ألم تسمعي الله يقول:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (3)، ألم تسمعي قول الله:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (4)، احذري أن تفتحي ثغرة فتعتدين.

إن حقك أيتها المسلمة ليس في حجاب تلغين، ولا في اختلاط مع الرجال في أي ميدان، ولا في ارتكابك لأي معصية، إنما حقك

(1) سورة النساء الآية 87

(2)

سورة الأحزاب الآية 33

(3)

سورة الأحزاب الآية 59

(4)

سورة النور الآية 31

ص: 34

الصيانة، والإكرام، والتعليم، والالتزام بالشرع الذي به تحققين لمجتمعك الخير {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (1).

أيها الإعلاميون، أيها الصحفيون، يا أصحاب القنوات الفضائية، يا أصحاب المنتديات، إن شأن الإعلام عظيم، وإنه لسلاح ماض {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (2)، يا من ترعى المؤسسة الإعلامية، اتق الله وكن من المصلحين، واتق الله في هذا الدين.

رجال الإعلام، إن إعلام أعدائنا أجلب علينا في وسائل إعلامه، سواء كان مقروءا، أو مسموعا، أو مرئيا فضائيا، أو أرضيا تلفونيا، أو شبكيا، فكونوا عند مستوى المسئولية، وقاتلوا هذه الحملة الهمجية، فادعوا إلى الله وانشروا دين الله بين العالمين، دافعوا عن بلاد الإسلام وأوصلوا الحقائق للناس بغير تدليس ولا تلبيس فتكونوا من الصادقين.

يا قادة المسلمين، يا صانعي القرار في بلاد الإسلام، اتقوا الله في أنفسكم، اتقوا الله في دينكم، اتقوا الله في أمتكم، اتقوا الله في رعيتكم، فالله سائل كل راع عما استرعاه، إنكم ملاقو الله، والله مدقق عليكم مثاقيل الذر، فاتقوا الله في أمتكم، أمتكم تنتظر وقفات

(1) سورة آل عمران الآية 195

(2)

سورة البقرة الآية 220

ص: 35

صادقة، فانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، تحاكموا إلى شرع الله، وقربوا أهل الخير والصلاح والتقى، فأهل الإسلام أهل نصح للأمة وأهل شفقة عليهم وحب لهم، وغير المسلمين لهم مبادئ باطلة وغش وخيانة في الحاضر والمستقبل، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

«ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله (1)» ، «ومن صنع لكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه (2)» .

يا رجال الأمن، ويا قادة رجال الأمن، ويا قادة القطاع العام عسكريا أو مدنيا: أنتم على ثغر عظيم، أنتم تخدمون ضيوف الرحمن، احتسبوا ذلك عند الله، وجزاؤكم عند الله يوم لقاه، اصبروا على ما يحصل لكم من حر أو قر أو أي أمر قولي أو فعلي، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملا، والصابرون يوفيهم جزاءهم بغير حساب، شكر الله سعيكم، وكتب أجركم.

دعاء وشكر للجنة العليا للحج، فأقول: شكر الله سعيكم، وكلل جهودكم بالتوفيق، فطالما درستم، وطالما جهدتم، وطالما

(1) سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك برقم 1954، 1955. وقال الشيخ الألباني: صحيح.

(2)

سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بوجه الله عز وجل برقم 1672، وقال الشيخ الألباني: صحيح.

ص: 36

سهرتم، وهانحن نجني ثمار جهودكم، واقتراحاتكم وتوجيهاتكم في نظام السير العام، فجزاكم الله عن الإسلام خيرا، وبلغكم الله فيما يرضيه آمالكم.

إنا نشكر لهذه الدولة الفتية، ما قامت به من جهود في سبيل راحة الحجاج، فمنذ أكثر من ثمانين سنة وهذه الدولة ترعى هذا الحج، وتشرف على الحرمين الشريفين، وكل عام وخدماتها ترتقي إلى مستوى أعلى مما كان قبله. فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا تتابع على هذا ملوك هذا البلد منذ الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وغفر له ورحمه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وتعاقب بعد ذلك أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وخادم الحرمين فهد بن عبد العزيز، وعبد الله هذا الملك المبارك، كل أولئك لهم سجل حافل بما قدموه بخدمة الحجيج فرحم الله من مضى، وأصلح من بقي، ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال.

اللهم يا حي يا قيوم، اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الفضل والإنعام، يا رب الأرباب، إلهنا وخالقنا ورازقنا، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك.

ص: 37

نسألك يا ربنا باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، نسألك يا ربنا بكل وسيلة شرعتها للتوسل إليك، اللهم اغفر ذنوبنا، اللهم استر عيوبنا، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، واجعلنا في هذا اليوم من الفائزين المقبولين.

اللهم اجعل حجنا مبرورا، وسعينا مشكورا وذنبنا مغفورا، اللهم لا تدع فينا شقيا ولا محروما، اللهم ارحمنا.

اللهم ارحمنا يوم العرض عليك بين يديك، إنك على كل شيء قدير.

اللهم اغفر لخادم الحرمين فهد بن عبد العزيز رحمه الله، اللهم اغفر له وارحمه، اللهم اغفر له وارحمه، وأدخله جنتك وأقل عثرته وضاعف حسناته، وجازه على ما قدم لأمته خيرا، اللهم اجعله آمنا من عذابك، اللهم افتح له في قبره ونور له فيه.

اللهم تابع رحماتك على خليفته عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين، اللهم سدده في أقواله وأعماله، اللهم سدده في أقواله وأعماله واجعل له بطانة تخاف الله وتتقيه، وتسدي له النصح، اللهم اهده إلى السبيل الحميد والرأي الرشيد ووفقه لكل خير، وأعنه على ما أهمه من جمع كلمة الأمة.

اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبد العزيز بما تحبه وترضاه اللهم وفقه في رأيه وعمله، ومتعه متاعا حسنا إنك على كل شيء

ص: 38

قدير.

عباد الله، حجاج بيت الله الحرام، احترموا البيت الحرام، واحترموا أمنه وطمأنينته، فذاك واجب شرعي {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1)، أنتم في هذه المشاعر المقدسة بجوار البيت العتيق، أنتم في يوم عرفة ذلك اليوم العظيم من أيام الله، فتقربوا فيه بطاعته ألحوا فيه من الدعاء والتضرع، فخير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قال النبي في يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

ما من يوم أكثر من أن يعتق فيه عبيده من يوم عرفة، وإنه ليبدو فيباهي بكم الملائكة، ينزل ربكم في هذا اليوم إلى سمائه الدنيا فيباهي بكم أهل السماء، يقول:«انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا، أشهدكم أني قد غفرت لهم (2)» .

اجتنبوا الرفث والفسوق والعصيان، فإنه ينقص الحج أو يفسده فالله يقول:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (3).

قفوا في عرفة إلى الغروب ولا تنصرفوا منها إلا بعد غروب الشمس اقتداء وتأسيا بسيد الأولين والآخرين، صلوا في عرفة الظهر

(1) سورة الحج الآية 25

(2)

مسند أحمد (2/ 305).

(3)

سورة البقرة الآية 197

ص: 39

والعصر جمعا وقصرا كما نفعله إن شاء الله.

انصرفوا إلى مزدلفة في سكينة وصلوا بها المغرب والعشاء إذا وصلتم إليها، وبيتوا بها تلك الليلة إذا قدرتم، وصلوا بها الفجر وذاك أولى، وللعجزة والضعفة الانصراف بعد منتصف الليل.

ارموا يوم النحر جمرة العقبة، وانحروا هديكم، واحلقوا أو قصروا والحلق أفضل، وقد تحللتم من جميع ما حرم عليكم الإحرام إلا النساء.

ارموا في الحادي عشر الجمار الأولى والوسطى والعقبة بعد الزوال، ولكم من بعد زوال الشمس إلى طلوع الفجر من اليوم الآتي.

ارموا يوم الثاني عشر وانصرفوا إن تعجلتم، أو ارموا يوم الثالث عشر إن تأخرتم.

طوفوا طواف الإفاضة بالبيت، وإن جعلتموه طواف إفاضة ووداع فذاك حسن.

أيها المسلمون: اتقوا الله في أعمالكم، واتقوا الله في حجكم، واتقوا الله فيما تعاملون به.

اللهم احفظ علينا ديننا، اللهم احفظ علينا أعمالنا، اللهم وفق المسلمين لما يرضيك، اللهم أصلح حال المسلمين، اللهم أبدلهم بالضعف قوة وبالذل عزة وبالهوان هيبة، وبالافتراق جمعا على الكلمة.

اللهم ارحم المستضعفين في كل مكان، اللهم اجبر كسرهم،

ص: 40

وارحم ضعفهم وأعنهم على كل خير.

اللهم خلص بلاد المسلمين من أعدائهم وأعدها عليهم أحسن ما يكون، اللهم خلص الأقصى من الأعداء الغاصبين وأعده إلى ولاية المسلمين.

اللهم وفق إخواننا في العراق لما يرضيك، اللهم هيئ لهم من أمرهم رشدا، اللهم أعنهم في أمورهم، وارزقهم قادة تحقن دماءهم وتحفظ أعراضهم وتكون أمانهم وتوحد أرضهم.

اللهم وفقهم لقيادة حكيمة رشيدة تخافك وترجوك، اللهم احقن دماءهم وأعراضهم وهيئ لهم من أمرهم رشدا، إنك على كل شيء قدير.

اللهم في هذا اليوم المبارك، يوم الاثنين اليوم الذي تعرض أعمالنا عليك نسألك أن تغفر لنا وترحمنا ووالدينا.

اللهم ارحم آباءنا، اللهم ارحم أمهاتنا، اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا، اللهم اغفر لأزواجنا وذرياتنا وارحم أقاربنا وسائر المسلمين.

اللهم وفقنا لما يرضيك، اللهم أبعدنا عن معاصيك، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور.

ص: 41

اللهم بارك لهم في أسماعهم وأبصارهم وأزواجهم وذرياتهم ما أحييتهم، اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة، اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا غرق، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1)، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (2).

اللهم أعدهم على الإسلام وأهله عودا حميدا وأعواما مديدة، اللهم جاز من سعى في تذليل الصعاب في هذه المشاعر خيرا، ووفقه لما تحبه وترضاه.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (3)، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله

(1) سورة الحشر الآية 10

(2)

سورة البقرة الآية 201

(3)

سورة البقرة الآية

ص: 42

رب العالمين.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

صفحة فارغة

ص: 43