الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة:
وبعد: فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما نحمده سبحانه أن هدانا لدينه الإسلام الذي ارتضاه لنا دينا وأتم به نعمته، فإنه الدين الوسط، وأهل هذا الدين هم الأمة الوسط، وكما قال سبحانه وتعالى في سورة البقرة:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (1).
ووسطية هذه الأمة هو باعتدالها عقيدة وشريعة باعتصامها بكتاب ربها الذي هو كلامه، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم التي هي هديه، وسلوكهم سبيل أوليائه من المؤمنين الذين هم أصالة أصحاب نبيه، وتابعوهم ثم تابعوهم بإحسان رضي الله عنهم، كما قال سبحانه:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (2).
وإن آثار الغلو في أصول الدين آثار وخيمة، إنه في حق الله عز وجل وجناب ذاته الكريمة أو في حق شرعه ودينه ورسله وأوليائه، حتى غدت مسألة الغلو في الدين أصلا وفرعا أهم دواعي هدم الديانة، وتفريق الأمة، ووقوع التنازع، وفشو الجهل والتنافر،
(1) سورة البقرة الآية 143
(2)
سورة النساء الآية 115
والفوضى في المجتمعات، حتى غدا الاهتمام بعلاج ظواهر الغلو في الدين شغل المصلحين الشاغل واهتمامهم الكبير، ولقد نال سلفنا الصالح من ذلك قصب السبق، ووجدوا بأنواع الأساليب الناجحة في علاج الغلو أنفع النتائج وأصلحها.
وكان مدار علاجهم لها بالعلم الموروث عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي علموا به الجاهل، ونصروا به على المتجاهل، وفضحوا به المتعالم، وكشفوا به الشبهة، وأوضحوا به الحجة، وأبانوا عن بيضاء المحجة، فأعذروا إلى الله وإلى عباده، فكان من استبصر ببصيرتهم على منهاجهم سالما معافى من خواطر الغلو وآثاره السيئة، حائزا على سبق الهداية والرشد، سعيدا مطمئنا بإيمانه وعقيدته وديانته، وليس ذاك إلا للمؤمن.
فالحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.