الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجعل إفساد المرأة على زوجها، والزوج على زوجته من المحرمات والكبائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من خبب امرأة على زوجها (1)» ، وقال صلى الله عليه وسلم:«من أفسد امرأة على زوجها فليس منا (2)» .
ولذلك يأخذ الإسلام بيد الزوجين في خطوات متدرجة متئدة، يعالج بها ما قد يكون بينهما من خلافات، ويضع لها العلاج الناجع، بل يعود إلى ما قبل وقوع الخلاف، حيث يرسي من المبادئ والتوجيهات ما يساعد على الوقاية من التصدع والانحراف.
(1) رواه أبو داود، وهذا أحد ألفاظه، وأخرجه الإمام أحمد، والنسائي، وابن حبان في صحيحة، والبزار بألفاظ أخرى. انظر الترغيب والترهيب: 3/ 82، الزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر الهيتمي: 2/ 28.
(2)
رواه الطبراني في المعجمين (الصغير والأوسط) من حديث ابن عمر، ورواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس، ورواته كلهم ثقات. انظر: الترغيب والترهيب، الموضع نفسه.
خطوات في رأب الصدع:
وحسبنا هنا أن نشير إلى هذه الخطوات بكلمات موجزة سريعة، دون الوقوف عندها بالتفصيل، لأن ذلك يخرج بنا عما قصدنا إليه:
1 -
وأول ما يرشدنا إليه الإسلام في هذا: هو التذكر بأن عقد الزواج ميثاق غليظ مؤكد، يجب على أصحاب الإيمان والمروءة
أن يحافظوا عليه ويقوموا بمقتضياته، وأن لا يتلاعبوا به، وأن لا ينقضوه:{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (1).
2 -
ثم يحث على الالتزام بالأسس والقواعد الدقيقة في تكوين الأسرة، بحسن الاختيار والتعرف والرضائية، والمعاشرة بالمعروف، والتغاضي عما قد يكون من تقصير أو هفوات لأنا إذا كنا دائما ننشد الكمال في الآخرين، فلن نجد كاملا مبرأ من العيب:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (2) ويسن من الأحكام والتشريعات ما يكفل القيام بالواجبات المتقابلة، كما تقدم آنفا.
3 -
يعود بكل من الطرفين إلى المحكمة الداخلية في النفس، بالتربية على المراقبة لله سبحانه وتعالى والخشية له في السر والعلن، ويجعل من الإيمان والتقوى حارسا للعدالة والحقوق، ومن هنا يعرض الله سبحانه وتعالى أحكام الأسرة من خلال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته ومقتضياتها، ومن خلال التذكير الدائب بالتقوى وبالحساب والجزاء في الآخرة. وعندئذ: فالحقوق كلها مصونة، والواجبات كلها مرعية. قال الله سبحانه وتعالى:{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (3) والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة تعز
(1) سورة النساء الآية 21
(2)
سورة النساء الآية 19
(3)
سورة النساء الآية 34
على الحصر.
4 -
يرسم الإسلام للزوج طريق العلاج عند الخوف من نشوز المرأة بما يؤثر على البيت أو المؤسسة العائلية والخلية الاجتماعية أو يهددها، وذلك بثلاث خطوات تأديبية متدرجة؛ فكرية ونفسية ومادية. يقول الله سبحانه وتعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (1).
5 -
اللجوء إلى المحكمة العائلية من أهل الطرفين للإصلاح وإزالة أسباب الشقاق بالتحكيم من أهل الثقة والخير من هؤلاء الأقارب من الأهل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (2).
6 -
وإذا لم تفلح تلك الخطوات في رأب الصدع، واستمر الخلاف والشقاق " فلا بأس - عندئذ - من اللجوء إلى الطلاق، علاجا مبغضا لتلك الحالة. .
(1) سورة النساء الآية 34
(2)
سورة النساء الآية 35
وهنا يشرع الإسلام جملة من الضوابط لتحقيق الحكمة التشريعية للطلاق، فيطلق تطليقة واحدة بلفظ واحد، في حال طهر من الحيض، لم يمس فيه الزوجة، وهذه طلقة رجعية، يرتب عليها العدة في بيت الزوجية، لعل ذلك يعطي الزوجين الفرصة لمراجعة حساباتهما ومحاسبة النفس، وتقدير العواقب والآثار المتنوعة المترتبة على الطلاق، فيدعوهما للعودة، فيراجع زوجته قولا أو فعلا - بالمعاشرة الزوجية عند بعض الفقهاء - ولو بإرادته المنفردة، أثناء فترة العدة بدون مهر ولا عقد جديدين:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1).
7 -
فإذا انقضت العدة، ولم يراجع زوجته، فيصبح الطلاق بائنا بينونة صغرى، ومعنى ذلك: أنه لا يستطيع إعادة الحياة الزوجية من جديد إلا بعقد ومهر جديدين، برضا الزوجة وموافقتها، قال الله سبحانه وتعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (2).
(1) سورة البقرة الآية 228
(2)
سورة البقرة الآية 232