الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تمام هذه الهداية: فلأنها احتوت أرقى ما عرفت البشرية وعرف التاريخ. . . .، وانتظمت كل ما يحتاج إليه الخلق في العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات على اختلاف أنواعها، وجمعت بين مصالح البشر في العاجلة والآجلة، ونظمت علاقة الإنسان بربه وبالكون الذي يعيش فيه، ووفقت بطريقة حكيمة بين مطالب الروح والجسد.
وأما وضوح هذه الهداية: فلعرضها عرضا رائعا مؤثرا، توافرت فيه كل وسائل الإيضاح وعوامل الإقناع، أسلوب فذ معجز في بلاغته وبيانه، واستدلال بسيط عميق. . . .، وأمثال خلابة تخرج أدق المعقولات في صورة أجلى الملموسات، وحكم بالغات تبهر الألباب بمحاسن الإسلام وجلال التشريع، وقصص حكيم مختار يقوي الإيمان واليقين ويهذب النفوس والغرائز، ويصقل الأفكار والعواطف. . . ويصور له مستقبل الأبرار والفجار تصويرا يجعله كأنه حاضر تراه الأبصار في رابعة النهار) (1).
(1) مناهل العرفان 2/ 134، 135 بتصرف يسير.
المبحث السابع: مشروعية الوقف في خدمة القرآن
يعد الوقف الخيري والأهلي من الصدقة الجارية التي يستمر
أجر صاحبها حيا وميتا، بل في أوليات ما حث النبي صلى الله عليه وسلم عليه في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (1)» ، رواه مسلم.
ويعظم الأجر والثواب بعظم المقصود وإذاعته ونشره، ويتضاعف الأجر على قدر من ينتفع به، وتعليم أبناء المسلمين لأمور الدين، وفي مقدمة ذلك القرآن الكريم من أعظم المقاصد الشرعية، بل هو أعظمها، وتعليمه الصغار من أفضل القرب وأجل الطاعات عند الله عز وجل.
يقول العلامة الفقيه أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله في شأن تعليم الأطفال، وترسيخ المعاني الفاضلة وأثرها في نفوسهم بدءا بالقرآن الكريم العظيم:(اعلم أن خير القلوب أوعاها للخير، وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه، وأولى ما عني به الناصحون، ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين؛ ليرسخ فيها، وتنبيههم على معالم الديانة، وحدود الشريعة ليراضوا عليها، وما عليه أن تعتقده من الدين قلوبهم وتعمل به جوارحهم، فإنه روي أن تعليم الصغار لكتاب الله يطفئ غضب الرب، وأن تعليم الشيء في الصغر كالنقش في الحجر. . .)(2).
(1) صحيح مسلم الوصية (1631)، سنن الترمذي الأحكام (1376)، سنن النسائي الوصايا (3651)، سنن أبي داود الوصايا (2880)، مسند أحمد (2/ 372)، سنن الدارمي المقدمة (559).
(2)
الرسالة مع حاشية العدوي 1/ 29.