الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهؤلاء مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم وما هم عليه من العبادة والزهادة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، وقتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (1).
(1) ابن تيمية، الفتاوى 11/ 473.
المطلب الرابع: الخوض في آيات الله
المراد بالخوض في آيات الله: " التكلم بما يخالف الحق، من تحسين المقالات الباطلة، والدعوة إليها ومدح أهلها، والإعراض عن الحق، والقدح فيه وفي أهله "(1).
وقد نهى الله عز وجل عن الجلوس مع الخائضين في آيات الله فمن باب أولى أن يكون النهي للمؤمنين عن هذا المسلك المفسد للدين، قال تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (2).
فأمر الله رسوله أصلا، وأمته تبعا، إذا رأوا من يخوض في آيات الله بشيء مما ذكر، بالإعراض عنهم، وعدم حضور مجالس الخائضين بالباطل والاستمرار على ذلك، حتى يكون البحث والخوض
(1) ابن سعدي، تيسر الكريم الرحمن في تفسر كلام المنان 290، ط دار السلام 1422.
(2)
سورة الأنعام الآية 68
في كلام غيره. فإذا كان في كلام غيره، زال النهى المذكور.
فإن كان مصلحة، كان مأمورا به، وإن كان غير ذلك، كان غير مفيد ولا مأمور به.
وفي ذم الخوض بالباطل، حث على البحث، والنظر، والمناظرة بالحق.
ثم قال: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} (1) أي: بأن جلست معهم، على وجه النسيان والغفلة. {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (2)، يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور، عند حضور المنكر، الذي لا يقدر على إزالته.
وهذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى، بأن كان يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم، فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال:{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (3)، أي: ولكن ليذكرهم، ويعظهم، لعلهم يتقون الله تعالى (4).
(1) سورة الأنعام الآية 68
(2)
سورة الأنعام الآية 68
(3)
سورة الأنعام الآية 69
(4)
ابن سعدي، المصدر السابق 290.