الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عميقة في نفس الإنسان، وتنظيما اجتماعيا مدنيا للمساعدة في تربية الطفولة البشرية الممتدة امتدادا زمنيا لا نجده في غيرها من أنواع الحياة والأحياء، ولذلك أعلى الإسلام من مكانة الأسرة، واهتم بها اهتماما بالغا: في نشأتها وتكوينها، وفي العناية بها والرعاية بعد قيامها، وفي معالجة ما قد يطرأ عليها مما يعكر صفو العلاقة بين أفرادها، ويكاد يأتي عليها فيفصم عراها المتينة، فشرع من الأحكام ما يكفل لها القيام على أسس قوية متينة، ويضمن لها الاستقرار والقيام بأداء الوظيفة المنشودة منها، ثم حاطها بالرعاية والوقاية من أسباب الشقاق والتصدع، فإن هاجت الأعاصير، وهبت العواصف في وجهها، فإن الوفاء لهذا الركن الاجتماعي يدعو إلى اختيار العلاج الناجع بعد تشخيص دقيق للداء، وبعد معرفة أسباب الانحراف الذي يميل بهذه الأسرة عن الجادة أو يعصف بها ويزعزع أركانها.
الواقعية والمثالية في نظام الأسرة:
والإسلام، وإن كان يدعو إلى المثالية والكمال بدرجاته العليا، فهو أيضا: دين واقعي، يتعامل مع الواقع ولا يكلف الناس من أمرهم عسرا، ولا يتجاهل نوازع الضعف والانحراف والشذوذ الذي يقع.
ومن واقعيته: أنه لا يتجاهل ما قد يكون بين الزوجين من خلاف أو نشوز، فإن طبيعة الحياة والعلاقات المتشابكة والمصالح المتضاربة المتناقضة، والنفوس بما جبلت عليه، قد تدعو إلى الخلاف والنفور.
ولكن: ليس معنى ذلك أن يسارع الزوج إلى فصم عرى الزوجية لأقل الأمور وأيسر الأسباب، أو لجموح الشهوات العارضة، فهو لم يرغب في الطلاق، وإنما نهى الزوج عن المسارعة فيه، وجعله «أبغض الحلال إلى الله (1)» ، ونهى الزوجة عن المطالبة به من غير ما بأس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة (2)» .
(1) أخرجه أبو داود: 3/ 91، وابن ماجه: 1/ 650، والحاكم في المستدرك: 2/ 196، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وانظر: حجة الله البالغة للدهلوي: 1/ 1002 بتحقيقي.
(2)
أخرجه أبو داود: 3/ 142، والترمذي: 4/ 367 وحسنه، وابن ماجه: ا/662، والدارمي: 2/ 162 والبيهقي، وصححه ابن حبان، ص 321 من موارد الظمآن للهيثمي، وصححه الحاكم في " المستدرك " على شرط الشيخين، ووافقه الذهني: 2/ 200، والإمام أحمد: 5/ 277 وانظر: الترغيب والترهيب للمنذري: 3/ 84، الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي: 2/ 51.