الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم الله بها الكافرين والمنافقين وبين أنه من أسباب ضلالهم وانحرافهم، وقد ذم الله عز وجل الكفار لتكذيبهم بالرسل مع معرفتهم بصدقهم، بل ويقينهم بذلك، لكنهم كذبوهم ظلما وعلوا، وقد عد العلماء من أنواع الكفر كفر التكذيب، قال ابن القيم رحمه الله: فأما كفر التكذيب: فهو اعتقاد كذب الرسل، وهذا القسم قليل في الكفار، فإن الله تعالى أيد رسله وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة، وأزال به المعذرة، قال الله تعالى عن فرعون وقومه:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (1) وقال لرسوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (2) وإن سمي هذا كفر تكذيب أيضا فصحيح إذ هو تكذيب باللسان (3)، والتكذيب من أعظم أسباب الانحراف عن العقيدة الصحيحة.
(1) سورة النمل الآية 14
(2)
سورة الأنعام الآية 33
(3)
مدارج الساكين 1/ 337.
المطلب العاشر: الاستكبار
من أسباب الانحراف عن الحق المذكورة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة الاستكبار الذي ذم الله عز وجل أهله وتوعدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وبين عقوبة المستكبرين في الدنيا، وهى صرفهم عن الحق وعن فهم آياته الكونية والشرعية التي تقود إلى الإيمان الحق، بسبب كبريائهم وعتوهم، قال تعالى:
{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (1) أي: سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي والذين يتكبرون على الناس بغير حق، أي كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل كما قال تعالى:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (2)
قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (3) قال قتادة: سأمنعهم فهم كتابي وقاله سفيان بن عيينة. وقيل: سأصرفهم عن الإيمان بها. وقيل: سأصرفهم عن نفعها وذلك مجازاة على تكبرهم، نظيره {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (4) والآيات على هذه المعجزات أو الكتب المنزلة. وقيل: خلق السماوات والأرض. أي أصرفهم عن الاعتبار بها. {يَتَكَبَّرُونَ} (5) يرون أنهم أفضل الخلق. وهذا ظن باطل فلهذا قال: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} (6) فلا يتبعون نبيا ولا يصغون إليه لتكبرهم (7)
ومما سبق يتبين أن الاستكبار عن الحق من أعظم أسباب الانحراف عن الدين الحق، إذ يدفع المرء لاتباع الهوى والإصرار على الباطل، عنادا وإثباتا لغرور الذات دون مبالاة بالحجج والبراهين.
(1) سورة الأعراف الآية 146
(2)
سورة الأنعام الآية 110
(3)
سورة الأعراف الآية 146
(4)
سورة الصف الآية 5
(5)
سورة الأعراف الآية 146
(6)
سورة الأعراف الآية 146
(7)
مختصر تفسير ابن كثير، أحمد شاكر 2/ 58.