الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال شيخ الإسلام ابن تيمية منكرا على أحد المتصوفة الذي سوغ بعض البدع بدعوى الاقتداء بأهل الكتاب من عباد بني إسرائيل: " فنحن لا يجوز لنا اتباع موسى ولا عيسى فيما علمنا أنه أنزل عليهما من عند الله إذا خالف شرعنا، وإنما علينا أن نتبع ما أنزل علينا من ربنا، ونتبع الشرعة والمنهاج الذي بعث الله به إلينا رسولنا، كما قال تعالى:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (1) فكيف يجوز لنا أن نتبع عباد بنى إسرائيل في حكاية لا تعلم صحتها؟ (2) وتلقي المعلومات الدينية عن أديانهم عنهم ينبغي أن يكون مشوبا بالحذر، عن التصديق بما يقولون أو التكذيب حيث أرشد إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:«لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا (3)»
(1) سورة المائدة الآية 48
(2)
مجموع الفتاوى 11/ 463.
(3)
رواه البخاري في كتاب التفسير باب قوله تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا).
المطلب السابع: الشكوك والشبه
من الأمور المفسدة للاعتقاد الشكوك والشبهات التي تعرض للإنسان وتتأصل في قلبه فتحرفه عن الحق، فقد كان هذا سببا
واضحا في انحراف كثير من الخلق عن الحق قديما وحديثا، وإذا تأملنا ما قصه الله تعالى في كتابه الكريم من أخبار الرسل وأممهم، نجد أن من أسباب انحراف بعض الأفراد والجماعات والأمم عن الحق الذي جاءت به الرسل هو الشك الذي قذفه الشيطان بنفوسهم في صدق الرسالات، ولذلك جاء هذا الكتاب الكريم بالحجج القاطعة للشك والمزيلة للريب لمن رغب في الحق، ومن ذلك أن الله عز وجل أقام الأدلة على صدق الرسل ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا الكتاب الذي جاء به إنما هو تنزيل من حكيم حميد، وتحداهم بما يزيل الشك والريب من قلوبهم فقال سبحانه:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (1)
إن الريب ضد الطمأنينة واليقين فهو قلق واضطراب وانزعاج كما أن اليقين والطمأنينة ثبات واستقرار ولذلك نجد المرتاب يتشكك في كل شيء أتى به الوحي، كما يتضح ذلك من القرآن الكريم، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} (2)
(1) سورة البقرة الآية 23
(2)
سورة البقرة الآية 26