المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: دفع الشبهات - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌الذبح ليلة الإسراء والمعراج معصية

- ‌إذا قامت البينة في أثناء النهار فمتى يصلون العيد

- ‌تناول طعام العيد في الأسواق

- ‌تجول أهل القرى بعضها على بعض وتقديم بعض أنواع الطعام

- ‌مصلى العيد

- ‌افتتاح خطبتهما بالحمد لله

- ‌التكبير في مصلى العيد أفضل

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الكسوف يدرك بالحساب

- ‌الزلزلة، والبراكين

- ‌ البراكين كأنها مواد نارية

- ‌الراجح في صلاتها

- ‌تغليط إمام اكتفى بالفجر عن الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم حضور مجلس العزاء والجلوس فيه

- ‌لا بأس باستقبال المعزين

- ‌حكم جمع أهل الميت في صف واحد حتى تتم تعزيتهم

- ‌حكم تقبيل ومعانقة المعزى

- ‌التعزية في أهل المعاصي

- ‌حكم السفر للتعزية

- ‌ليس للعزاء أيام محدودة

- ‌الكلمات المناسبة للتعزية

- ‌حكم إقامة مراسم العزاء

- ‌حكم جلوس أهل الميت ثلاثة أيام للتعزية

- ‌الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة

- ‌حكم إقامة وليمة يجتمع فيها المعزون

- ‌صنع الطعام لأهل الميت

- ‌أهل الميت لا يصنعون للناس طعاما

- ‌حكم دعوة أهل الميت من يأكل معهم ما بعث لهم

- ‌حكم بعث الذبائح لأهل الميت والدعوة إليها

- ‌حكم دفع النقود لأهل الميت

- ‌حكم إقامة الولائم من تركة الميت

- ‌عادات الاحتفال بعد موت أحد من الناس

- ‌حكم البذخ والإسراف في العزاء

- ‌الأربعينات والسنوات لا أصل لها في الشرع

- ‌من بدع العزاء

- ‌حكم النعي في الجرائد

- ‌ حكم قولهم في التعزية: " انتقل إلى مثواه الأخير

- ‌ حكم لبس اللون الأحمر بالنسبة للنساء

- ‌ الأحق بإمامة المصلين

- ‌ حكم البيع بالتقسيط

- ‌ حكم القرض من المصرف للقيام بمشروع تجاري

- ‌ حكم الاستماع إلى ما يسمى بالأبراج

- ‌ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الصلاة قبل دخول وقتها

- ‌ الطهارة مقدمة لمن استيقظ من النوم وهو جنب حيث لو اغتسل طلعت الشمس

- ‌ إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل خروج وقت الصلاة

- ‌ الترتيب بين الصلوات

- ‌ نسي فرض الظهر والعصر وأتى وقت المغرب فما الحكم

- ‌ ستر العورة واجب

- ‌ هل الفخذ عورة

- ‌ستر العورة

- ‌ عورة الرجل في الصلاة

- ‌ حكم الصلاة بالسراويل

- ‌ ستر رأس الرجل في الصلاة

- ‌ حكم الصلاة بدون غطاء للرأس

- ‌ حكم تغطية الرأس بالنسبة للرجال

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف الوقف

- ‌المبحث الثاني: أهمية الوقف وأدلة مشروعيته

- ‌المبحث الثالث: أركان الوقف وشروطه

- ‌المبحث الرابع: أنواع الوقف

- ‌المبحث الخامس: الطرق والأساليب الداعمة للوقف

- ‌المبحث السادس: حاجة البشرية إلى نور القرآن وهدايته

- ‌المبحث السابع: مشروعية الوقف في خدمة القرآن

- ‌المبحث الثامن: مقاصد الواقفين على القرآن

- ‌المطلب الثاني: الوقف على القراء

- ‌المطلب الثالث: الوقف على تعليم القرآن وتحفيظه

- ‌الخاتمة:

- ‌وسطية أهل السنة والجماعة وأثرها في علاج الغلو

- ‌توطئة:

- ‌الخاتمة:

- ‌تطبيق الشريعة الإسلامية ومعوقاتها

- ‌حماية المجتمع المسلممن الانحراف الفكري

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول: منهج القرآن الكريم والسنة النبوية في حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري

- ‌المبحث الأول: تثبيت العقيدة الصحيحة في النفوس بالدلائل والبراهين

- ‌المبحث الثاني: دفع الشبهات

- ‌المبحث الثالث: بيان فساد العقائد الباطلة وأسباب ذلك

- ‌المبحث الرابع: بيان الأمور المفسدة للاعتقاد والنهي عنها

- ‌المطلب الأول: القول على الله بغير علم:

- ‌المطلب الثاني: الغلو

- ‌المطلب الرابع: الخوض في آيات الله

- ‌المطلب الخامس: اتباع المتشابه

- ‌المطلب السادس: الاطلاع على كتب أهل الضلال ثقة بما فيها أو ثقة بأهلها:

- ‌المطلب السابع: الشكوك والشبه

- ‌المطلب الثامن: مجالسة أهل الأهواء والبدع

- ‌المطلب التاسع: الإنكار والتكذيب

- ‌المطلب العاشر: الاستكبار

- ‌المبحث الخامس: العقوبات الرادعة في الدنيا والآخرة

- ‌تمهيد: عن العقوبات الإلهية في الدنيا والآخرة لأهل الضلال

- ‌الفصل الثاني: التطبيقات العملية للوقاية من الانحراف الفكري في تاريخ المسلمين

- ‌المبحث الأول: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: في عهد الخلافة الراشدة

- ‌المبحث الثالث: نماذج من التطبيقات العملية من قبل الأئمة المجددين من السلف

- ‌الفصل الثالث: سبل حماية المجتمع من الانحراف الفكري في العصر الحاضر

- ‌تمهيد في الأسس المنهجية للوقاية:

- ‌المبحث الأول: الأساليب العملية لعلاج الانحراف الفكري

- ‌المطلب الأول: الحكم بما أنزل الله في جميع جوانب الحياة:

- ‌المطلب الثاني: بناء المساجد وإقامة شعائر الله

- ‌المطلب الثالث: إزالة مشاهد الشرك والبدع

- ‌المطلب الرابع: منع الاحتفالات المبتدعة

- ‌المطلب الخامس: حماية المجتمع من المؤثرات الداخلية والخارجية

- ‌المطلب السادس: القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌المبحث الثاني: الأساليب الوقائية للوقاية من الانحراف

- ‌المطلب الأول: العناية بتأصيل ونشر العقيدة الصحيحة في مختلف مجالات التوجيه

- ‌المطلب الثاني: منع المبطلين من نشر مذاهبهم الضالة وعقائدهم المنحرفة والتحذير منها والرد على أصحابها:

- ‌المطلب الثالث: بيان وكشف العقائد والمذاهب الباطلة والأساليب المسببة للانحراف الفكري والتصدي لها:

- ‌المطلب الرابع: التصدي لوسائل التأثير الفكري النظرية والعملية:

- ‌الخاتمة:

- ‌عمل المرأة والاختلاطوأثره في انتشار الطلاق

- ‌نظرة الإسلام إلى المرأة:

- ‌الأسرة ضرورة فطرية نفسية واجتماعية:

- ‌الواقعية والمثالية في نظام الأسرة:

- ‌خطوات في رأب الصدع:

- ‌الطلاق صمام أمان للأسرة:

- ‌كلمة في هذه المعاني للدهلوي:

- ‌كلمة أخرى لفيلسوف قانوني:

- ‌الطلاق ظاهرة اجتماعه قديمة:

- ‌ازدياد نسبة الطلاق:

- ‌العوامل المؤثرة في انتشار الطلاق:

- ‌ظاهرة متميزة بين الظواهر الاجتماعية:

- ‌قبل الدراسة:

- ‌قضايا منهجية:

- ‌المقصود بعنوان الدراسة، وموضوعها:

- ‌ عمل المرأة قسمان:

- ‌أثر هذا العمل في الطلاق:

- ‌الدراسات الميدانية حول الموضوع:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني: دفع الشبهات

أحوال الماضين عبرة للمعاندين، فيحذروا سلوك سبيلهم في التكذيب والعصيان.

سابعا: الأمثال التي ضربها لهم والمواعظ التي وعظهم بها ينبههم بها على قدر الدنيا وقصر مدتها وآفاقها؛ ليزهدوا فيها، ويتركوا الإخلاد إليها، ويرغبوا فيما أعد لهم في الآخرة من نعيمها المقيم وخيرها الدائم (1).

" فأقام الرب سبحانه وتعالى حجة التوحيد، وبين إفك أهل الشرك والإلحاد بأعذب ألفاظ وأحسنها، لم يستكرهها غموض، ولم يشنها تطويل ولم يعبها تقصير ولم تزر بها زيادة ولا نقص، بل بلغت في الحسن والفصاحة والبيان والإيجاز ما لا يتوهم متوهم ولا يظن ظان أن يكون أبلغ في معناها منها، وتحتها من المعنى الجليل القدر، البالغ في النفع ما هو أجل من الألفاظ "(2).

(1) ابن القيم، الصواعق المرسلة 2/ 684، 685.

(2)

ابن القيم، الصواعق المرسلة 2/ 467.

ص: 241

‌المبحث الثاني: دفع الشبهات

.

الشبهات تطلق في الكتاب والسنة ويراد بها أحد المعاني التالية:

الأول: ما يشتبه فيه الحق بالباطل والحلال بالحرام على وجه لا يكون فيه دليل على أحد الجانبين أو تتعارض الأمارتان عنده فلا تترجح في ظنه إحداهما فيشتبه عليه هذا بهذا، وهذا هو المراد في

ص: 241

حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات اتقى الحرام، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام (1)» ، فالشبهات برزخ بين الحلال والحرام.

ومن أمثلته التمرة التي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلها وقال: «أخشى أن تكون من الصدقة (2)» فذلك من باب اتقاء الشبهات (3).

الثاني: كل ما يثير الريب والشك في الأمر الثابت المستقر في نفس المسلم ومن أمثلته:

1 -

أن يكون المسلم على يقين من أن دينه ثابت مستقر متحدد المبادئ يختلف جذريا عن العلمانية ويحاربها، فيأتي من يشككه في ذلك ويقول إن الإسلام دين علماني وإنه غير محدد الملامح والقسمات، وإنه قابل للتغير والتشكل وفق الظروف والأحوال الجغرافية والتاريخية، وإنه في الواقع يترك مساحات واسعة من الشؤون الحياتية مفتوحة لكل اجتهاد ورأي أيا كان، وأنه يحقق (المصلحة) وهي بدورها فكرة مبهمة، وإن تحددت أبعادها في الفكر العلماني بشكل مادي واضح،

(1) متفق عليه، رواه البخاري في كتاب البيوع 1910، ورواه مسلم في كتاب المساقاة 2996.

(2)

صحيح البخاري في اللقطة (2433)، صحيح مسلم الزكاة (1070).

(3)

ابن القيم، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 1/ 163.

ص: 242

يقصرها على النواحي الاقتصادية أو القيمية المشابهة لقيم الغرب وهكذا فإن المقولة التي تبدو قي ظاهرها وكأنها تتوافق مع الأصل الإسلامي الذي يربط بين الدين والدنيا، فإنها في الواقع ترمي لتأسيس فصل الدين عن الحياة من خلال تمييع الإسلام نفسه، وتقليص مساحته، ورده إلى مجرد كيان هلامي شفاف أقرب إلى العدم، يتشكل مع كل ظرف وحال حتى لا يكاد يكون له وجود مستقل أو مميز أو هوية.

2 -

ويكون اعتقاد المسلم ثابتا بوجوب الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه فيسمع أو يقرأ لبعض المضلين في بعض تلك القنوات الفضائية أو الصحف والمجلات المضللة ما يشككه في هذا الاعتقاد ويضعف يقينه بوجوب تطبيق شرع الله واتخاذه منهجا للحياة.

والثالث: كل ما يثير الشك والارتياب في صدق الداعي إلى الحق من الرسل وأتباعهم، أو في بعض ما جاءوا به من الحق، مما يمنع من الاستجابة للحق، ويؤدي للانحراف عنه وغالبا ما ترتبط الشبهة بعادة موروثة أو مصلحة متوهمة أو رياسة دنيوية أو حمية جاهلية فتؤثر الشبهة بسبب هذه الأمور في النفوس الضعيفة المتصلة بهذه الأشياء، وتتعلق بها، وتحسبها حجة وبرهانا تدفع بها الحق وتخاصم بها الدعاة إليه.

ولئن اختلفت الرؤى في هذا الوقت حول مدى أهمية العناية بالشبهات التي يثيرها المخالفون في هذا العصر حول بعض حقائق

ص: 243

الدين ومبادئه عقيدة وشريعة، وما يراه بعض المعاصرين من عدم التوجه لذلك والاكتفاء بعرض حقائق الدين وبيان محاسنه، والهجوم على ما عند المخالفين من أوجه النقص والقصور فيما يدعون إليه، فإنه مما لا مراء فيه أنه لا ينبغي طرح الشبهات ابتداء، ولكن لا ينبغي تجاهلها إذا كان الناس يسمعونها وتتلقاها أفئدتهم.

وفي القرآن الكريم الهدى والبيان في ذلك، فهو لم يأت لتقرير الشبهات، وإنما جاء لبيان الدين الحق، وحين جادل المبطلون بالباطل وأعلنوا الشبهات دحض شبهاتهم وكشف زيفها وبين بطلانها.

فالقارئ لكتاب الله سبحانه وتعالى يجده حافلا بالرد والنقض للشبهات التي أثارها المشركون أو اليهود أو المنافقون في مجال العقيدة، وفي ذلك دلالة على أهمية هذا الأمر باعتباره وسيلة ضرورية لتثبيت المؤمنين ودحض مزاعم الكافرين، وهو أسلوب قرآني لا ينبغي تركه في أي عصر بل الحاجة له قائمة ما دام الصراع بين الحق والباطل قائما، والأمثلة على ذلك من الكتاب الكريم أكثر من أن تحصر، ومنها على سبيل المثال:

دحض الحق تبارك وتعالى شبه المشركين حول البعث بعد الموت وذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (1)

(1) سورة الحج الآية 5

ص: 244

يقول سبحانه: إن كنتم في ريب من البعث فلستم ترتابون في أنكم مخلوقون، ولستم ترتابون في مبدأ خلقكم من حال إلى حال إلى حين الموت والبعث الذي وعدتم به نظير النشأة الأولى، فهما نظيران في الإمكان والوقوع فإعادتكم بعد الموت خلقا جديدا كالنشأة الأولى التي لا ترتابون فيها، فكيف تنكرون إحدى النشأتين مع مشاهدتكم لنظيرها؟

وقد أعاد الله سبحانه هذا المعنى وأبداه في كتابه بأوجز العبارات وأدلها وأفصحها وأقطعها للعذر وألزمها للحجة كقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} (1){أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} (2){نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} (3){عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} (4){وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} (5)، فدلهم بالنشأة الأولى على الثانية وأنهم لو تذكروا لعلموا أن لا فرق بينهما في تعلق بكل واحدة منهما وقد جمع سبحانه بين النشأتين في قوله:{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (6){مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} (7){وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} (8).

(1) سورة الواقعة الآية 58

(2)

سورة الواقعة الآية 59

(3)

سورة الواقعة الآية 60

(4)

سورة الواقعة الآية 61

(5)

سورة الواقعة الآية 62

(6)

سورة النجم الآية 45

(7)

سورة النجم الآية 46

(8)

سورة النجم الآية 47

ص: 245

ومن ذلك أيضا كشفه سبحانه لشبهات المشركين حول القرآن الكريم وزعمهم أنه من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فقد دحض الحق تبارك وتعالى ذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (1).

فبين بطلان دعواهم أن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم بكونه لم يكن يقرأ قبل ذلك أو يكتب، ورد دعواهم بتعليم بشر آخر للنبي وأن المعلم له رجل أعجمي بمكة بقوله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (2).

كما رد دعواهم بكون هذا القرآن مفترى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بأن تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله أو بسورة من مثله فقال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (3)، وقال جل وعلا:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (4).

كما كشف سبحانه كذبهم وضلالهم فيما يثيرونه من شبهات

(1) سورة العنكبوت الآية 48

(2)

سورة النحل الآية 103

(3)

سورة هود الآية 13

(4)

سورة يونس الآية 38

ص: 246

أخرى تتعلق بالعقيدة أو بالشريعة، ومن ذلك دعواهم برضى الرب بشركهم فيما حكاه سبحانه عنهم بقوله:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} (1).

قال ابن كثير رحمه الله: هذه مناظرة ذكرها الله تعالى وشبهة تشبث بها المشركون في شركهم، تحريم ما حرموا، فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ويحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيره فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا بذلك، ولهذا قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (2)، كما في قوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} (3)، الآية، وكذلك الآية التي في النحل مثل هذه سواء قال الله تعالى:{كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (4)، أي بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء، وهي حجة داحضة باطلة؛ لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ودمر عليهم وأدال عليهم رسله الكرام، وأذاق المشركين من أليم الانتقام (5).

كما كشف سبحانه كثيرا من شبه أهل الكتاب التي أثاروها

(1) سورة الأنعام الآية 148

(2)

سورة الأنعام الآية 148

(3)

سورة الزخرف الآية 20

(4)

سورة الأنعام الآية 148

(5)

تفسير ابن كثير 2/ 187 دار الفكر بيروت.

ص: 247