الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضمانات على مستويين من الأحكام: ديانة وقضاء، ومن ناحيتين: إيجابية وسلبية. فمن هذه الناحية الأخيرة: يمكن أن يكون الطلاق صمام أمان للأسرة أيضا - رغم ما قد يبدو في هذا الكلام من التناقض - فإن إلزام الزوجين بالبقاء في أسرة واحدة رغم الخلافات المشتجرة بينهما، ورغم الكره المتبادل بينهما
…
قد يؤدي إلى كثير من الأخطار، كالتأثير السلبي في الأولاد، والخيانة الزوجية، والكيد المتبادل، والتآمر ليل نهار، والجريمة المدبرة، ولذلك كان الطلاق في هذه الحال ضمانة لنشأة الأولاد بعيدا عن الخلافات، ووقاية من التآمر والكيد، ومن الجريمة والخيانة.
كلمة في هذه المعاني للدهلوي:
وفي هذه المعاني كلها - في التحذير من الطلاق في الأحوال العادية لما يترتب عليه من آثار، وفي كونه علاجا في أحوال أخرى - يقول حكيم الإسلام شاه ولي الله الدهلوي: " اعلم أن في الإكثار من الطلاق، وجريان الرسم بعدم المبالاة به: مفاسد كثيرة، وذلك أن ناسا ينقادون لشهوة الفرج، ولا يقصدون إقامة تدبير المنزل، ولا
التعاون في الارتفاقات، ولا تحصين الفرج، وإنما مطمح أبصارهم التلذذ بالنساء، وذوق لذة كل امرأة، فيهيجهم ذلك إلى أن يكثروا الطلاق والنكاح. ولا فرق بينهم وبين الزناة من جهة ما يرجع إلى نفوسهم، وإن تميزوا عنهم بإقامة سنة النكاح، والموافقة لسياسة المدنية، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«لعن الله الذواقين والذواقات (1)» .
وأيضا: ففي جريان الرسم بذلك: إهمال لتوطن النفس على المعاونة الدائمة أو شبه الدائمة، وعسى إن فتح هذا الباب أن يضيق صدره أو صدرها في شيء من محقرات الأمور، فيندفعان إلى الفراق، وأين ذلك من احتمال أعباء الصحبة، والإجماع على إدامة هذا النظم.
وأيضا: فإن اعتيادهن بذلك وعدم مبالاة الناس به، وعدم حزنهم عليه: يفتح باب الوقاحة، وألا يجعل كل منهما ضرر الآخر ضرر نفسه، وإن تخون كل واحد الآخر يمهد لنفسه إن وقع الافتراق، وفي ذلك ما لا يخفى من المفاسد والأضرار.
(1) روي هذا الحديث بألفاظ أخرى، فقد رواه البزار والطبراني في (المعجم الكبير والأوسط) عن أبي موسى بلفظ:" إن الله تبارك وتعالى لا يحب الذواقين والذواقات " وعن عبادة بن الصامت قال: " إن الله عز وجل لا يحب الذواقين والذواقات " رواه الطبراني، وفيه راو لم يسم، وبقية إسناده حسن. وانظر مجمع الزوائد للهيثمي: 4/ 335، المصنف لابن أبي شيبة: 5/ 252، المقاصد الحسنة للسخاوي: 1/ 292.