الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان الذهب في داره بالقفاف، وكان كثير المعروف والصلاة.
وفيها توفي الحافظ أبو الحسن عبد الباقي ين قانع بن مرزوق، صنف التصانيف.
وفيها توفي أبو بكر النقاش، محمد بن الحسن الموصلي ثم البغدادي المقرىء المفسر صاحب التصانيف في التفسير والقراءات.
اثنتين وخمس وثلاث مائة
فيها يوم عاشوراء، ألزم معز الدولة أهل بغداد النوح والمأتم، وأمر بغلق الأبواب، وعلقت عليها المسوح، ومنع الطباخين من عمل الأطعمه، وخرجت نساء الرافضة منشرات الشعر، مسمحات الوجوه، يلطمن ويفتن الناس. قيل: وهذا أول ما نيح عليه.
وفيها يوم ثامن عشر في الحجة الرافضة عيد الغدير: غدير خم بضم الخاء المعجمة، ودقت الكوسات، وصلوا بالصحراء صلاة العيد.
وفيها أو في التي قبلها توفي الوزير المهلبي الحسن بن محمد، على الخلاف المتقدم، وكان وزير معز الدولة بن بويه بضم الموحدة وفتح الواو وسكون المثناة من تحت وفي آخره هاء الديلمي، وكان من ارتفاع القمر واتساع الصدر وعلو الهمة وفيض الكف، على ما هو مشهور به، وكان في غاية الأدب والمحبة لأهله وكان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة، ولقي في سفره مشقة صعبة، اشتهى اللحم، فلم يقدر عليه فقال ارتجالاً:
ألا موت يباع فأشتريه
…
فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي
…
يخلصني من الموت الكريه
إذا أبصرت قبراً من بعيد
…
فودي أنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر
…
تصدق بالوفاء على أخيه
وكان بمصر له رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي، وقيل أبو الحسن العسقلاني، فلما
سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحماً، وطبخه وأطعمه، وتفارقا، وتنقلب بالمهلبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة، وضاقت الأحوال برفيقه في السفر، الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه.
ألا قل للوزير فديت نفسي
…
مقالة مذكر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضيق عيش
…
ألا موت يباع فأشتريه.
فلما وقف عليها تذكره وهوته أريحية الكرم، فأمر له في الحال بسبعمائة درهم
ووقع في ورقته " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " سورة البقرة، الآية 261، ثم دعا به، وخلع عليه، وقلده عملاً يرتفق به، ومن المنسوب إلى الوزير المذكور في وقت الإضافة من الشعر، ما كتبه إلى بعض الرؤساء قوله، وقيل أنه لأبي نواس:
ولو أني استزدتك فوق ما بي
…
من البلوى لأعوزك المزيد
ولو عرضت على الموتى حياة
…
لعيش مثل عيشي لم يزيدوا
وقال أبو إسحاق الصابي، صاحب الرسائل: كنت يوماً عند الوزير المهلبي، فأخذ ورقة وكتب، فقلت:
يديها يد برعت جوداً بنائلها
…
ومنطق درة في الطرس ينتثر
فخاتم كامن في بطن راحته
…
وفي أناملها سحبان مستتر
وكان من رجال الدهر عزماً وحزماً وسؤدداً وعقلاً وشهامة ورأياً.
وفيها توفي علي بن إسحاق البغداي الزاهي الشاعر المشهور، كان وصافاً محسناً، كثير الملح، أحسن الشعر في التشبيهات وغيرها.
ومن قوله في تشبيه البنفسج.
ولا زور دية تزهو بزرقتها
…
بين الرياض على جمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها
…
أوائل النار في أطراف كبريت
ويروى: فوق طاقات، ومن محاسن شعره:
وبيض بألحاظ العيون كأنما
…
هززن سيوفاً أو سللن خناجرا
تصدين لي يوماً بمنعرج اللوى
…
فغادرن قلبي بالتصبر غادرا
سفرن بدوراً وانتقبن أهلة
…
ومسن غصوناً والتفتن جآذرا
واطلعن في الأخبار بالدر أنجماً
…
جعلن لحيات القلوب صرائرا
وهذا تقسيم ظريف، قد استعمل جماعة من الشعراء، لمكنهم قصرت بهم القريحة عن بلوغ هذه الصنيعة. ونحوه قول المتنبي:
بدت قمراً ومالت خوط بان
…
وفاحت عنبر أورثت غزالا
قلت: ولست أدري أيهما سلك طريق الآخر تابعاً له في هذه المآخذ، وهما متعاصران. توفي المتنبي بعده في سنة أربع.