الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والزبيدي بضم الزاي وفتح الموحدة وسكون المثناة من تحت وبعدها دال مهملة نسبة إلى زبيد، واسمه منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة وبعدها جيم وهو في الأصل اسم أكمة حمراء باليمن، ولد عليها مالك بن رد، فسمي باسمها، ثم كثر ذلك في تسمية العرب، حتى صاروا يسمون بها، ويجلونه علماً على المسمى، وقطعوا النظر عن تلك الأكمة. وزبيد قبيلة كبيرة باليمن وكذا مذحج.
ثمانين وثلاثمائة
فيها توفي الحافظ المحدث الأندلسي أبو عبد الله محمد بن أحمد الأموي مولاهم القرطبي. سمع وصنف، ومن مصنفاته " فقه الحسن البصري " في سبع مجلدات، و " فقه الزهري " في أجزاء عديدة.
وفيها توفي الوزير أبو الفرج، وزير صاحب مصر العزيز بالله، وكان يهودياً بغدادياً، عجباً في الدهاء والفطنة والمكر، يتوكل للتجارة بالرملة، فانكسر وهرب إلى مصر، فأسلم بها، واتصل بالأستاذ كافور، ثم دخل المغرب، وأنفق عند المعز، وتقدم ولم يزل في الارتقاء إلى أن مات. وكان عظيم الهيبة، وافر الحشمة، عالي الهمة، وكان معلومه على مخدومه في السنة مائة ألف دينار، وقيل إنه خلف أربعة آلاف مملوك، ويقال أنه حسن إسلامه.
إحدى وثمانين وثلاثمائة
فيها أمر الخليفة الطائع بحبس الحسين بن المعلم وكان عن خواص بهاء الدولة فعظم عليه ذلك، ثم دخل على الطائع وفيه هيبة، دخلوا للخدمة، فلما قرب منه قبل الأرض، وجلس على الكرسي، وتقدم أصحابه فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من السرير، ولفو، في كساء حتى أتوا به دار السلطنة، واختبطت بغداد، وظن الأجناد أن القبض على بهاء الدولة من جهة الطائع، فوقعوا من النهب ثم إن بهاء الدولة أمر بالنداء بخلافة القادر بالله، فأكره الطائع على خلع نفسه، وعمل بذلك سجل، ونفد إلى القادر وهو بالبطايح،
وأخذوا جميع ما في دار الخلافة، حتى الرخام والأبواب، واستباحت الرعاع قلع الشبابيك، وأقبل القادر بالله أحمد ابن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله، وله يومئذ أربع وأربعون سنة، وكان كثير التهجد والخير والبر، صاحب سنة وجماعة.
وفيها توفي العبد الصالح المقرىء مصنف " كتاب الغاية " والشامل في القراءات: الأستاذ أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني ثم النيسابوري. قال الحاكم: كان إمام عصره في القراءات، وأعبد من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوه.
وفيها توفي القائد أبو الحسن جوهر بن عبد الله المعروف بالكاتب الرومي، كان من موالي المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي صاحب الإفريقية. جهزه في جيش كثيف ليفتتح ما استعصى من بلاد المغرب، فسار إلى فاس، ثم إلى سجلماسة، ثم توجه إلى البحر المحيط فاتحاً للبلاد، وصاد من سمك البحر، وجعله في قلال الماء، وأرسله إلى المعز، ثم رجع ومعه صاحب فاس أسير في قفص حديد. وقد مهد البلاد، وحكم على أهل الزيغ والعناد من إفريقية إلى البحر المحيط من جهة المغرب، وفي جهة المغرب مر إفريقية إلى أعمال مصر، ولم يبق بلد من هذه البلاد إلا أقيمت فيه دعوته، وخطب له في جميعه جمعيه وجماعية إلا مدينة سبتة فإئها بقيت لبني أمية أصحاب الأندلس.
ولما وصل الخبر إلى المعز بموت كافور الإخشيذي صاحب مصر، بعث المعز القائد جوهراً المذكور إلى جهة المغرب لإصلاح أموره، وجميع قبائل العرب، وجنى القطائع التي كانت على البربر، وكانت خمسمائة ألف دينار، وخرج المعز بنفسه إلى المهدية، فأخرج من قصور آبائه خمسمائة حمل دنانير، وعاد إلى قصره، وعاد جوهر بالرجال والأموال، فجهزه إلى الديار المصرية ليأخذها، وسير معه العساكر في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، فتسلم مصر، وصعد المنبر خطيباً، ودعا لمولاه المعز ووصلت البشائر إلى المعز بأخذ البلاد وأقام بها حتى وصل إليه المعز وهو نافذ الأمر واستمر على علو منزلته وارتفاع درجته متولياً للأمور إلى سابع عشر المحرم سنة أربع وستين، فعزله المعز، وكان محسناً إلى الناس ولما توفي لم يبق شاعر إلا رثاه.
وكان سب انفاذ مولاه المعز إلى مصر أن كافورا الإخشيذي كما تقدم بسكون
الخاء وكسر الشين والذال المعجمات وسكون المثناة من تحت بين الشين والذال، الخادم المشهور، لما توفي دعا لأحمد بن علي الإخشيذي على المنابر بمصر وأعمالها، والبلدان الشاميات والحرمين، وبعده الحسن بن عبد الله، فاضطرب الجند لقلة الأموال وعدم الانفاق فيهم وكان تدبير الأموال إلى الوزير أبي الفضل جعفر بن الفرات فكتب جماعة من وجوههم إلى المعز بإفريقية ويطلبون إنفاذ العساكر ليسلموا له مصر، فأمر القائد جوهر المذكور بالتجهيز إلى الديار المصرية، وجهز له ما يحتاج إليه من المال والسلاح والرجال، فبرز بالعساكر ومعه أكثر من مائة ألف فارس وأكثر من ألف ومائتي صندوق من المال، وخرج المعز لوداعه ثم قال لأولاده: انزلوا لوداعه، فنزلوا عن خيولهم، ونزل أهل الدولة لنزولهم، والمعز متكىء على فرسه، وجوهر واقف بين يديه، ثم قبل جوهر يد المعز وحافر فرسه، فقال له: اركب، فركب وسار بالعساكر.
ولما رجع المعز إلى قصره، أنفذ إلى جوهر ملبوسه وكل ما كان عليه سوى خاتمه وسراويله وكتب المعز إلى عبده أفلح صاحب برقة أن يرتحل للقائد جوهر، ويقبل يده عند لقائه فبذل أفلح مائة ألف دينار على أن يعفي من ذلك، فلم يعف، وفعل ما أمر به عند لقائه ووصل الخبر إلى مصر بوصوله مع العساكر، فاضطرب أهلها، واتفقوا مع الوزير ابن الفرات على المراسلة في الصلح وطلب الأمان، وأرسلوا بذلك أبا جعفر مسلم بن عبيد الله الحسني، بعد أن التمسوا منه أن يكون سفيرهم، فأجابهم، وشرط أن يكون معه جماعة من البلد. وكتب الوزير معهم كتاباً بما يريد، فتوجهوا نحو القائد جوهر، وكان قد نزل في بالقرب من الإسكندرية، فوصل إليه الشريف بمن معه، وأدى إليه الرسالة، فأجابه إلى ما التمسوه، وكتب له جوهر عهداً بما طلبوه، فاضطرب البلد اضطراباً شديداً، وأخذت الإخشيذية والكافورية وجماعة العسكر الأهبة للقتال، ورجعوا عن الصلح فبلغ ذلك جوهراً، فرحل إليهم، فتهيأ للقتال، وساروا بالعساكر نحو الجيزة، ونزلوا بها، وحفظوا الجسر. ووصل القائد جوهر، وابتدأ بالقتال، وأسرت رجال، وأخذت خيل، ومضى جوهر إلى ميتة الصيادين وأخذ المخاضة يمنة سلفان، واستأمن إلى جوهر جماعة من العسكر في مراكب، وجعل أهل مصر على المخاضة من يحفظها، فلما رأى ذلك جوهر قال لجعفر بن فلاح، لهذا اليوم أرادك المعز، فعبر عرياناً في سراويل وهو في مركب ومعه الرجال خوضاً، حتى خرجوا إليهم، ووقع القتال، فقتل خلق كثير من الإخشيذية وأتباعهم، وانهزموا في الليل، ودخلوا مصر، وأخذوا من دورهم ما قدروا عليه. وخرجت حرمهم
ماشيات ودخلن على الشريف أبي جعفر في مكاتبة القائد بإعادة الأمان. فكتب إليه يهنئه بالفتح، ويسأله إعادة الأمان، فعاد الجواب بأمانهم، ثم ورد رسوله إلى جعفر بأن يجتمع به مع جماعة من الأشراف والعلماء ووجوه البلد، فاجتمعوا به في الجيزة، ونادى مناد: ينزل الناس كلهم، إلا الوزير والشريف. فنزلوا وسلموا عليه واحداً بعد واحد، والوزير عن شماله، والشريف عن يمينه، ولما فرغوا من السلام ابتدؤوا بدخول البلد، فدخلوا وقت زوال الشمس، وعليهم السلام والعدد، ودخل جوهر بعد العصر، وخيوله وجنوده بين يديه، وعليه ثوب ديباج، وتحته فرس أصفر، ونزل في موضع القاهرة اليوم، واختط موضع القاهرة، ولما أصبح المصريون حضروا عند القائد للتهنئة، فوجدوه قد حفر أساس القصر في الليل، وكان فيه دورات جاءت غير معتدلة لم تعجبه، ثم قال: حفرت في ساعة سعيدة لا أغيرها. وأقام عسكره يدخل البلد سبعة أيام، وبادر جوهر بالكتاب إلى مولاه يبشره بالفتح، وأنفذ إليه رؤوس القتلى في الوقعة، وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية، وكذلك أسمهم على السكة، وجعل ذلك كله باسم مولاه المعز، وزال الشعار الأسود، وألبس الخطباء الثياب البيض، وفي يوم الجمعة أمر جوهر بزيادة عقب الخطبة: اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم صل على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين. وعاد في الجمعة الأخرى وأذن بحي على خير العمل. ودعا الخطيب على المنبر للقائد جوهر، فأنكر جوهر عليه وقال: ليس هذا رسم موالينا. وشرع في عمارة الجامع بالقاهرة.
قال ابن خلكان: وأظن هذا الجامع هو المعروف بجامع الأزهر، فإن الجامع الآخر بالقاهرة مشهور بجامع الحاكم. وأقام جوهر مستقلاً بتدبير مملكة مصر قبل وصول مولاه المعز إليها أربع سنين وعشرين يوماً. ولما وصل المعز إلى القاهرة خرج جوهر من القصر إلى القائد، ولم يخرج معه شيء إليه سوى ما كان عليه من الثياب، ثم لم يعد إليه، ونزل في داره بالقاهرة، وسيأتي أيضاً طرف من خبره وخبر سيده المعز في ترجمته إن شاء الله تعالى.
وكان ولده الحسين قائد القواد للحاكم صاحب مصر، وكان قد خاف على نفسه من الحاكم وولده وصهره القاضي عبد العزيز زوج أخته، فأرسل الحاكم من برهم وطيب قلوبهم، وآنسهم مدة مديدة، ثم حضروا للخدمة، فتقدم الحاكم إلى سيف النقمة وأشد، فاستصحب عشرة من الغلمان الأتراك، وقتلوا الحسين وصهره القاضي، وأحضروا رأسيهما بين يدي الحاكم " في القيامة يكون التحاكم ".