الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعمل بما أمره به جده صلى الله عليه وآله وسلم. ووعظهم حتى بكى بعض الحاضرين، وخلع على القاضي وبعض الجماعة، وحملهم، ثم ودعوه وانصرفوا. ورحل منها في أواخر شعبان، ونزل يوم السبت ثاني شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة على جزيرة ساحل مصر، فخرج إليه القائد جوهر، وترجل عند لقائه، وقبل الأرض بين يديه، وأقام هناك ثلاثة أيام، ثم رحل ودخل القاهرة، ولم يدخل مصر، وكانت قد زينت له، وظنوا أنه يدخلها وأهل القاهرة لم يستعدوا للقائه لظنهم أنه يدخل مصر أو لا يدخلها ولما دخل القاهرة دخل القصر، ثم دخل مجلساً منه، وخر فيه ساجداً لله عز وجل، ثم صلى فيه ركعتين، وانصرف الناس عنه، وفي يوم الجمعة لثالث عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة أربع وستين وثلاثمائة، عزل المعز القائد جوهراً عن داود بن مصر وجباية أموالها ومما ينسب إلى المعز من الشعر:
لله ما صنعت بنا تلك المحاجر
…
أمضى وأقضى في النفوس من الحناجر
ولقد تعبت بينكم تعب المهاجر في الهواجر
وكانت ولادته بالمهدية يوم الاثنين حادي عشر شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وتوفي يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ربيع الآخر، من السنة المذكورة بالقاهرة المشهورة.
ست وستين وثلاثمائة
فيها حجت جميلة بنت الملك ناصر الدولة بن حمدان، وصار حجها يضرب به المثل، فإنها أغنت المجاورين، وقيل كان معها أربعمائة كجاوة لا يدرى في أيها هي، لكونهن كلهن في الحسن والزينة يشتبهن، ونثرت على الكعبة لما دخلتها عشرة آلاف دينار.
وفيها مات ملك القرامطة الحسن بن أحمد بن أبي سعيد القرمطي، الذي استولى على أكثر الشام، وهزم جيش المعز، وقتل قائدهم جعفر بن فلاح، وذهب إلى مصر، وحاصرها شهراً قبل مجيء المعز، وكان يظهر الطاعة للطائع لله، وله شعر وفضيلة، ولد بالأحساء ومات بالرملة.
وفيها توفي ابن المرزبان أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي الفقيه الشافعي، كان فقيهاً ورعاً من جملة العلماء. أخذ الفقه عن أبي الحسن بن القطان، وعنه أخذ الشيخ أبو حامد الأسفراييني أول قدومه بغداد.
وحكي عنه أنه قال: ما أعلم أن لأحد علي مظلمة. ومفهومه أنه لم يغتب أحداً. إذ الغيبة من جملة المظالم. درس ببغداد، وله وجه في المذهب الشافعي، ومعنى المرزبان بكسر الراء وضم الزاي: صاحب الجد، وهو لفظ فارسي، في الأصل اسم من كان دون الملك.
وفيها توفي المستنصر بالله أبو مروان صاحب الأندلس عبد الرحمن بن محمد الأموي المرواني. وكان مشغوفاً بجمع الكتب والنظر فيها، بحيث أنه جمع منها ما لم يجمعه أحد قبله ولا بعده حتى ضاقت خزائنه.
وفيها توفي القاضي الفقيه الفاضل أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الشافعي. كان فقيهاً أديباً شاعراً، ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتاب " طبقات الفقهاء " وقال: له ديوان شعر، وهو القائل:
يقولون لي فيك انقباض وإنما
…
رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما
من قصيدة له طويلة، وذكره الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر فقال: هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، وقبة تاج الأدب، وفارس عسكر الشرع، مجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ، ونظم البحتري. وقد كان في صباه اقتبس من العلوم والأدب، ما صار به في العلوم علماً وفي الكمال عالماً، ومن شعره:
وقال توصل بالخضوع إلى الغنى
…
وما علموا أن الخضوع هو الفقر
وبيني وبين الحال شبان حرما
…
علي الغنى: نفس الأبية والفقر
إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه
…
مواقف خير من وقوفي بها الضرر
وله في الصاحب بن عباد:
ولا ذنب للأفكار أنت تركتها
…
إذا احتشدت لم تنتفع باحتشادها
سبقت بأفراد المعاني وألفت
…
خواطرك الألفاظ بعد شرادها
فإن نحن حاولنا اختراع بديعة
…
حصلنا على مسروقها ومعادها
وله فيه يهنئه بالعافية:
وفي كل يوم للمكاره روعة
…
لها في قلوب المكرمات وجيب
تقسمت العلياء جسمك كله
…
فمن أين للأسقام فيك نصيب
إذا ألمت نفس الوزير تألمت
…
لها أنفس تحيى بها وقلوب