الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحسان هذان البيتان:
رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا
…
مقيماً وأن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قل ضوءه
…
أغب، وإن زاد الضياء أقاما
وله ملح شهيرة ونوادر كثيرة، وكان قد فارق الصاحب بن عباد غير راض عنه، فقال في الإنشاد:
لا تحمدن ابن عباد وإن هطلت
…
يداه بالجود حتى أخجل الديما
فإنها خطرات من وساوسه
…
يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرماً
فبلغ ذلك ابن عباد، فلما بلغه خبر موته أنشد:
أقول لركب من خراسان قافل
…
أمات خويرزميكم؟ قيل لي: نعم
فقلنا اكتبوا بالجص من فوق قبره
…
ألا لعن الرحمن من كفر النعم
أربع وثمانين وثلاثمائة
فيها اشتد البلاء بالعباد ببغداد، وقووا على الدولة وعلى رأسهم عزيزاً التفت عليهم خلق عظيم، فنهض السلطان وتفرغ لهم فهربوا. ولم يحج أحد الركب المصري.
وفيها توفي الحافظ أبو الفضل الهمداني السمسار الذي لما أملى الحديث باع طاحوناً له بسبع مائة دينار، ونثرها على المحدثين، قيل: كان ركناً من أركان الحديث، ديناً ورعاً، لا يخاف في الله لومة لائم، وله عدة مصنفات. والدعاء عند قبره مستجاب.
وفيها توفي محمد بن عمران المرزباني البغدادي المولد وصاحب التصانيف المشهورة، والمجاميع الغريبة. كان راوية للأدب، صاحب أخبار، وتواليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث مائلاً إلى التشيع في المذهب، حدث عن عبد الله بن محمد البغوي وأبي بكر بن داد السجستاني وآخرين. وهو أول من جمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهو صغير الحجم يدخل في مقدار ثلاث كراديس، وجمعه جماعة من بعده، وزادوا فيه أشياء
ليست له. وشعره مع قلته في نهاية من الحسن، ومن محاسن شعره الأبيات التي منها قوله:
إذا رمت من ليلى على البعد نظرة
…
لتطفي جوي بين الحشا والأضلع
تقول نساء الحي تطمح أن ترى
…
محاسن ليلى من بداء المطامع
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها
…
سواها وما طهرتها بالمدامع
وتلتذ منها بالحديث وقد جرى
…
حديث سواها في حزوق المسامع
أجلك يا ليلى عن العين إنما
…
أراك بقلب خاشع لك خاضع
حزوق بالقاف هو المشهور عند الجمهور ورواه بعضهم بالتاء المثناة من فوق. رجعنا إلى ذكر المرزباني. روى عن دريد وابن الأنباري، وروى عنه أبو عبد الله الضميري وأبو القاسم التنوخي وأبو محمد الجوهري وغيرهم، والمرزباني لا يطلق عند العجم إلا على الرجل المقدم المعظم القدر، وتفسيره بالعربية حافظ الحد.
وفيها توفي المحسن بن علي بن محمد التنوخي الذي يقول فيه أبو عبد الله الشاعر:
إذا ذكر القضاة وهم شيوخ
…
تخيرت الشباب على الشيوخ
ومن لم يرض لم اسقمه إلا
…
بحسرة سيدي القاضي التنوخي
وله " كتاب الفرج بعد الشدة "، و " كتاب نشوار المحاضرة "، " كتاب المستجاد من فعالات الأجواد "، وديوان شعر أكبر من ديوان أبيه، وسمع بالبصرة من أبي العباس الأثرم وأبي بكر الصولي. والحسين بن محمد بن يحيى وطبقتهم. ونزل بغداد وأقام بها، وحدث بها إلى حين وفاته، وكان أديباً شاعراً أخبارياً، ولاه الإمام المطيع لله القضاء بعسكر المكرم ورامهرمز وتقفد أعمالاً كثيرة في نواحي مختلفة. ومن شعره في بعض المشايخ، وقد خرج يستقسي وكان في السماء سحاب فلما دعا أصحت السماء، فقال التنوخي المذكور:
خرجنا لنستسقي بفضل دعائه
…
وقد كاد هدب الغيم أن يلحق الأرضا
فلما ابتدا يدعو تكشفت السما
…
فما تم إلا والغمام قد انقضى
ومن الشعر المنسوب إليه:
قل للمليحة في الخمار المذهب
…
أفسدت نسك أخي التقى المترهب
نور الخمار ونور خدك تحته
…
عجباً لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن
…
للحسن عن ذهبيهما من مذهب
وإذا أتيت عيني لتسرق نظرة
…
قال الشعاع لها اذهبي، لا تذهبي
قال ابن خلكان: وقد أذكرتني هذه الأبيات في الخمار المذهب حكاية وقفت عليها منذ زمان بالموصل، وهي أن بعض التجار قدم مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعه حمل من الخمر السود فلم يجد لها طالباً، فكسدت عليه، وضاق صدره، فقيل له: ما ينفقها لك إلا المسكين الدارمي، وهو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالطواف والخلاعة، فقصده، فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فأتاه، وقص عليه القصة فقال: وكيف أعمل، وأنا قد تركت الشعر، وعكفت على هذه الحالة. فقال له التاجر: أنا رجل غريب، وليس معي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرع إليه، فخرج من المسجد، وأعاد لباسه الأول، وعمل هذين البيتين، وشهرهما:
قل للمليحة في الخمار الأسود
…
ماذا أردت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة إزاره
…
حتى قعدت له بباب المسجد
وشاع بين الناس أن المسكين الدارمي قد رجع إلى ما كان عليه، وأحب واحدة ذات خماراً أسود، فلم يبق بالمدينة ظريفة إلا وطيب خمار أسود، فباع التاجر الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه لكثرة رغباتهن فيه، فلما فرغ منه عاد مسكين إلى تعبده وانقطاعه.
وللتنوخي المذكور ولد كان أديباً فاضلاً، وكان يصحب أبا العلاء المعري، وأخذ عنه كثيراً، وكان يروي الشعر الكثير، وهم أهل بيت كلهم فضلاء أدباء ظرفاء. " والمحسن " بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة وبعدها نون.
وفيها توفي الرماني شيخ العربية أبو الحسن علي بن عيسى النحوي ببغداد. وله قريب من مائة مصنف، أخذ عن ابن دريد وابن السراج، وكان متفنناً في علوم كثيرة من القرآن والفقه والنحو والكلام على مذهب المعتزلة والتفسير واللغة.
وفيها توفي الحافظ أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن الفرات البغدادي.
سمع من أبي عبد الله المحاملي وطبقته، وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته. قال الخطيب: بلغني أنه كان عنده عن علي بن محمد المصري وحده مائة جزء وإنة كتب مائة تفسير ومائة تاريخ وهو حجة ثقة.
وفيها توفي الإمام أبو الحسين الماسرجسي، شيخ الشافعية بخراسان محمد بن علي النيسابوري. قال الحاكم: كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، وتفقه بخراسان والعراق