الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(دعوا الحبشة ما ودعوكم) فيه استعمال الماضي من هذا الفعل، والمعروف أنَّهم أماتوا (1) ماضي يدع ويذر استغناء بتَرك، فإمَّا أن يكون هذا من تصرّف الرّوَاة المولّدين بالمعنى، وإمَّا يكون ثابتًا لقصد المقابلة في قوله:(واتركوا الترك ما تركوكم) وقد قرئ في الشّاذ (ما ودعك ربّك) بالتَّخفيف، وقال الشاعر:
ليت شعري عن خليلي ما الذي
…
غاله في الحبّ حتى ودعه
وفي قوله: "اتركوا الترك"، جناس الإطلاق أو الاشتقاق.
***
[باب في قتال الترك]
(وجوههم كالمجان المطرقة) جمع مجن وهو الترس، قال في النهاية: أي: التراس التي ألبست العقب شيئًا فوق شيء، ومنه طارَقَ النَّعل إذا
(1) في أ: "ماتوا".
صيَّرها طاقًا فوق طاق وركَّب بعضها على بعض، قال: ورواه بعضهم بتشديد الرَّاء للتكثير، والأوّل أشهر.
وقال الخطّابي: المطرقة هي التي (قد عدّلت)(1) بطراق (2)، وهو الجلد الذي يغشاه، شبّه وجوههم في عرضها ونتوء وجناتها، بالترس الذي ألبس الأطرقة.
وقال البيضاوي: شبَّه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها.
وقال القاضي عياض في المشارق: الصواب فيه: "المطرّقة"، بفتح الطَّاء وتشديد الراء.
قال ابن دحية: وقال لي شيخنا أبو إسحاق الحصري اللَّغوي: بل الصواب فيه المطرقة بسكون الطاء وفتح الرَّاء
(يلبسون الشعر) وفي الحديث الذي يليه (نعالهم الشعر) قال القرطبي في التذكرة: أي يصنعون من الشّعر حبالًا ويصنعون منها نعالًا كما يصنعون منه ثيابًا، هذا ظاهره، ويحتمل أن يريد بذلك أن شعورهم كثيفة طويلة، فهي إذا سدلوها كاللّباس وذوائبها لوصلوها إلى أرجلهم كالنّعال، والأوّل أظهر. قال ابن دحية (3): وإنَّما كانت نعالهم من ضفائر الشعر أو من جلود مشعرة، لما في بلادهم من الثلج العظيم الذي لا يكون في بلد كبلادهم، ويكون من جلد الذئب وغيره، قال: وقوله يلبسون الشعر، إشارة إلى الشرابيش التي تدار عليها بالقندس، والقُندس كلب الماء وهو من ذوات الشعر كالمعز، وذوات الصوف الضأن (4)، وذوات الوبر كالإبل. (ذلف الآنف) قال القرطبي: أي غلاظها، ويروى بالدّال المهملة، والمعجمة أكثر.
(1) في ج: "تحولت"، وفي معالم السنن:"قد عليت".
(2)
في معالم السنن: "طارق".
(3)
في ب: "ابن وجيه".
(4)
في ج: "كالضأن".
وقال في النهاية: هو جمع أذلف كأحمر وحمر، والذَّلَف بالتحريك قصر الأنف وانبطاحه، وقيل ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته، والآنُف جمع قلّة للأنف، وضع موضع جمع الكثرة، ويحتمل أنَّه قلّلها لصغرها. انتهى.
(يقاتلكم قوم صغار الأعين - يعني الترك - قال: تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقونهم بجزيرة العرب) إلى قوله (وأمّا في الثّالثة فيصطلمون) أي: يستأصلون، من الصلم وهو الفطع المستأصل، زاد أحمد في مسنده:"قالوا: يا نبيّ الله من هم؟ قال: االترك، أما والذي نفسي بيده ليربطنّ خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين"، قال: وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية، يعذ ذلك للهرب، ممَّا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من الترك".
قال الحافظ أبو الخطَّاب بن دحية: قد وقع ذلك على نحو ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فخرج في سنة سبع عشرة وستمائة جيش من الترك يقال لهم: التتر، عظم البلاء بهم، ولا شك أتهم هم المنذر بهم في الحديث، وأن لهم ثلاث خرجات يصطلمون في الأخيرة منها.
قال القرطبي في التذكرة: قد كملت خرجاتهم، فخرجوا على العراق الأوّل والثاني، وخرجوا في هذا الوقت على العراق الثّالث، بغداد وما اتصل بها، فقتلوا جميع من فيها من الملوك والعلماء والعتاد، وعبروا الفرات إلى حلب والشام، فخرج إليهم من مصر الملك المظفر فقتل منهم عددًا كثيرًا ورجعوا منهزمين.
***